تحظى محافظة الدائر بني مالك شرق منطقة جازان بمعالم تاريخية قديمة وقلاع كبيرة وحصون أثرية وقرى تاريخية قلّما تشاهدها في مناطق أخرى، فمنذ آلاف السنين ظلت محافظة الداير تحتفظ بطابعها المعماري الفريد ، وشموخ جبالها ، التي تتخللها الوديان والسهول والأراضي الخصبة وطبيعتها الخلابة ، وجمعها ما بين عراقة الماضي وروعة المكان حتى باتت مقصداً سياحياً مهماً لعشاق التاريخ لا سيما جمال الطبيعة.
وتتميز تلك القرى والقلاع بالرسومات ، والنقوش ، التي يعود تاريخها للعصر الحجري الحديث ، والبرونزي ، وجمعها بين الاستخدامات السكنية ، والعسكرية ، والاقتصادية “حفظ المحاصيل الزراعية” ، إذ لا تكاد تزور جبلاً من جبال بني مالك ، إلا وتجد حصناً هنا وقرية هناك، شيدها السكان بكل حرفية وجمال معماري بارتفاعات مختلفة تتراوح ما بين سبعة إلى عشرة طوابق بحسب طبيعة المكان وملاءة أصحابها المادية ، ومكانتهم الاجتماعية ، وبأشكال متعددة ، فمنها الدائري الشكل ، والمربع ، والمربوعة التي تتخصص جدرانها بـ “النورة ، والكوارتز ” لغرضين أحدهما انسياب الماء إلى خزانات حفرت في الصخر لحفظ مياه الأمطار، والآخر لتكون قاعدة للتصاوير والنقوش التي تثبت، فيما يساعد على تناسق المظهر الحجري، ومقاومة العوامل الطبيعية والزلازل، مما جعلها ثابتة على مدى تلك العصور ، لتحكي لزائريها تاريخ المحافظة التي مرت بالعديد من الحقب والعصور حتي عصرنا الحديث ، فشكلت صورة جمالية تجمع روعة الحاضر وعراقة وأصالة الماضي .
ويغلب على تصاميمها ،برجان يتخذان الشكلين (الدائري والمربع) ، بحيث يقفان جنبًا إلى جنب في أغلب القلاع والحصون .
ومن أشهرها ” قيار ، وذراع الخطم، والثاهر (حصيبة) ، والخديعي ، وريدة ، وذات المسك ، القعبة ، وريدة العزة ، والقزعة ، وخدور ، والمسيجد ، والخطام ، والموفا ، وعثوان ، والقرانعة (العنقة) ، والشقيق ، والمسترب ، والعشة ، والولجة ، والثهير .
وتعد هذه القلاع والحصون إرثاً تاريخياً سياحياً عريقاً لما فيها من البناء الهندسي والطراز المعماري الفريد؛ مما جعلها إلى الآن صامدة رغم عوامل الطبيعة من زلازل وأمطار وغيرها لكن أغلبها بحاجة إلى الصيانة والترميم وتهيئة الطرق وصيانتها واستثمارها سياحياً لما لها من أهمية تاريخية.
وتأسر القلاع والقرى الأثرية وممراتها الضيقة التي خصصت لحركة الساكنين ، أنظار الزوار الذين يتوافدون سنويا لتخليد ذكرياتهم ، والتقاط الصور التي تجسد الفنون التشكيلية كالنقش، والمعصفرات ، والأشكال والرسومات المختلفة ، ونقل أروع الحضارات والتمسك بها ، والتي تلقى رواجاً كبيراً لدى زوار المحافظة.
وفي مسعى لأهالي ” الداير بني مالك ” لجعل محافظتهم وجهة سياحية لافتة ، بادر الأهالي إلى تحويل مبانيهم ، وقراهم الأثرية إلى لوحات جمالية مبهرة ، تحافظ على موروثهم التراثي ، وتعكس الحضارة الجبلية بالمحافظة وبقية المحافظات الجبلية بشكل عام.