“أنا اليتيم وما لدربي عناوين” الشعر الخالد كان ولا يزال ذلك الشعر الذي يحمل بين طيّاته رسالة مؤثرة أو صورة معبرة تستحِث المتلقي وتحرِك في دواخله الكامن من المشاعر التي تتحول إلى محرض يدفعه للبذل والعطاء إن اقتضى الأمر بذلاً أو وصل ووفاء إن اقتضى الأمر وصلاً.
هذا ويعد موضوع اليتيم من أبرز الموضوعات الإنسانية والاجتماعية التي أسهب الشعراء في تناولها من خلال قصائد شعرية لها وقع السحر في النفوس بما حملته من تصوير صادق ومعبر للحالة النفسية التي يمر بها اليتيم وأقصد به هنا من فقد أحد والديه أو كلاهما أو كان مجهول الأبوين ، مما حدا به إلى الانطواء على نفسه وانعزال الناس نتيجة لشعوره وإحساسه الداخلي بفقدان الأمان أو الحنان أو كلاهما وفي السطور القادمة وقفة مع عدد من الشعراء والشاعرات الذين جسدوا دور جمعية “كيان للأيتام” ذوي الظروف الخاصة وأبنائها بقوافيهم خلال عددا من القصائد وصوروا حال اليتيم بعدسة قصائدهم إما لكونهم عانوا من ذات التجربة المريرة أو لكونهم عايشوا حالات مرت بذات التجربة فانهمرت دموعهم شعراً انسكب على أديم الورق فكان له بالغ الأثر في النفس والحس ..
الشاعرة غزيل سعد المطرقي والمعروفة بلقب الملتاعة شاعرة مكة أجادت قريحتها الشعرية بما يلي:
“كـيـان” مـشـروعٍ تبناه الأبطال
في هـمـةٍ شـدت سواعــد قوية
دراسته وقـتٍ مع أيـام وليال
لين أشرقت شمسه برؤية جلية
تساندت “عضويته” فـخـر وآمال
للرائعة “نـورة “أمــيـرة وفية
اللي لها ثوب الكرم مضرب أمثال
في حسن نيات التطوع أبية
حفيدة أمجادٍ سليلات الأنجال
يوم الكرم صيته لهم مفخرية
حين التصويت جالها ود وإقبال
قالت هلا مـرحـب بروحٍ سخية
لعيون “مجهول الهوية” من أجيال
اللي عليه الوقت حكّم “ضحية”
وأصبح بلا أسرة مغيبة الإهمال
ينظر بعين الـحـزن دنيا شقية
لا أم .. لا أبٍ .. ولا يسنده مال
ولا بـيـت له يـأويـه ظـلٍ وفيّة
“كيان” داره مستقرة من إذلال
وحضنٍ حنونٍ في تصدي الأسية
الله يـوفـقهم لـخـيـرات الأعمال
اللي جـزيـلاتـه من الله عـطـيـه
وقال الشاعر بدر فاضل في قصيدته “شكرا كيان الصرح ”
يا مجتمع رؤفوا بحال اليتيم
اللي ما يعرف اسم أمه وأبوه
تعوذوا من كل شيطان رجيم
إلا “اليتيم” إن قال حاجة عطوه
الذنب “ماله ذنب” والله العظيم
الذنب ذنب اللي رموه ونسوه
قهر اليتيم يكون شره وخيم
رفقا بهم قول ربي واسمعوه
لا صار حظه مثل ليل عتيم
لا بد نرسم بسمته بالوجوه
ويحق له عيشة عزيز وكريم
لأن الوطن هذا يكرم بنوه
في ديننا رحمة وربي رحيم
والحب والمعروف دوم انشروه
شكرا “كيان ” الصرح والله يديم
الخير لأهل الخير واللي بنوه
وأبو اليتامى رمزنا الشهم العديم
سلمان سلمان وعدوه يتوه
وادعوا لوطنا في سلام ونعيم
وعد من الله حق للي دعوه
وقال الأديب الدكتور عبد الله عيسى البطيان سفير النوايا الحسنة وهو رجل مهموم بالعمل الأدبي السعودي والعربي على حد سواء ويعمل جاهدا على إيصال رسالته من خلال مجموعة النورس قال في قصيدة بعنوان ” كيان”
“كيانٌ” في سماء الخيرِ تسمو
بما تنحى عطاياها الكريمة
وما بذلت يديها قد تجلت
فللأيتام… “هي أمٌ” عظيمة
و”هي أبٌ” تداعى نحو عطفٍ
يرتلُ عالم الإنسان قيمة
ويكتملُ العطاء بها فتحيا
نفوسٌ تحتوي الإحساس (ديمة)
تحط من الهطول بكل حبٍ
يراعى فيه نياتٌ سليمة
تقدمُ بذلها في كل حين ٍ
وتعطي من معانيها (وليمة)
على أفكارها تنمو خطاها
وترعى كل من رام العزيمة
“فـأبناء الكيان” لقوا كمالًا
تفاضل من عطايا الله (شيمة)
ونالوا من بياضِ القلب حالًا
يطيبُ على المناحي من نعيمة
لذا فعيون نبض الشعر يرقى
(بما تنحى عطاياها الكريمة)
وقالت الشاعرة الكفيفة هدى التركي في قصيدة بعنوان أم الرياض:
بديت باسم الله رب المخاليق
كتبت قافي لأجل عين “اليتامى”
اللي بدمعتهم يا حرفي مغاريق
والمجتمع والله كواهم بناره
الذنب للي ما خشوا جفت الريق
وسهوا عن يوم نأتي به فرادا
لكن “كيان” اللي جعلتهم مطاليق
يمشون بالدنيا بعزيمة وإرادة
“أم الرياض” اليوم جتهم خسى الضيق
“نورة” عساها لا خلا ولا عدامة
فزعاتها تمشي كما الغيث رقريق
بعلمٍ لهم مع عز وقدر وكرامة
يا مجتمع افتح لهم درب بريق
من الأمل والصبر ودعم وصلابة
قد قالها طفلٍ بريقه مشاريق
منهم “نعم مجهول “يا وا حسافة
بعبراته اللي مع أنفاسه مشاهيق
بكى بها نظرات تحرق جنانه
قالوا بأعلى صوت “من حقنا نعيش”
نرضى بقضى الرحمن ربي نهابه
بس اسمعوهم يا وطن وش يقولون
“حنا ترانا عيالكم يالنشامى”
وصلاة ربِ وعد كل من يصلون
على الذي بلغ وأدى الأمانة
ومسك الختام كان مع قصيدة الدكتورة منى بنت صالح البليهد وهي كاتبة شعر وفكر فلسفي وقصص قصيرة وقصص للأطفال أغلبها يحتوي على لوحات فنية للكاتبة. بعنوان ” اليتيم” قالت فيها:
في ساحة المسجد
أتطلع دوماً للمئذنة
أتراها مثلي. وحيدة. حزينة.
رأيته ممسكاً بيد ابنه
أراه يحدثه حديثاً طويلا
آه ليتني أسمعه
آه ليتني معه
في يوم مجيد
تتبعت أب الجيران وابنه
ممسكاً بيده
التفت لي وابتسم
مد يده نحوي
أمسكت بها
مشينا سوياً بيوت الحي احتفلت
سمعت قرع الطبول
عندما التصقت ثيابنا البيضاء
أصبحنا “كياناً” يرفرف كشراع
لزروق يطفو سراعاً تحول اليتم يماً أزرق
بحراً بلورياً يتلألأ
رنت عيناي لأب الجيران
قبل وجنتي وودعني
قلت له إلى اللقاء
انعطفت …وأنا أهمس
يا أبي … يا أبي. يا أبي
انفتح باباً خفي
خفق له قلبي الشجي
أهازيجاً تضطرم. تطلعت للسماء
رأيت المنارة حينها
لي تبتسم.
وفي ختام اللقاء أوجه عبر منبر الصحيفة رسالة إلى أصحاب القلوب الرحيمة خصيصاً أن يسارعوا لكفالة يتيم وليشعروا بمقدار الأجر والثواب الذي ينتظر كافل اليتيم في الجنة كما أوجه دعوة لرجال الأعمال من الجنسين والقطاع الخاص بأكمله أن يثمن المسؤولية المجتمعية ويعمل بها ويطبقها لمساندة جمعية كيان للأيتام ذوب الظروف الخاصة مجهول الأبوين لتحقق أهدافها في تمكين اليتيم وصقله ليصبح عضوا فاعلا في المجتمع.