أكد خبراء ومسؤولون في ندوة (جهود المؤسسات في خدمة اللغة العربية) التي نظمتها جمعية “إعلاميون” بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية في مقر الجمعية، على أهمية وضرورة إثراء محتوى اللغة العربية في الإنترنت والعمل على تعزيز حضورها في كافة الأنشطة والتقنيات الرقمية. ونوه المتحدثون في الندوة، وهم كلٌ من: سعادة المهندس فارس الصقعبي وكيل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المساعد لمهارات المستقبل والمعرفة الرقمية، الدكتور/ محمد السلمي مدير إدارة اعتماد برامج العلوم الشرعية واللغة العربية في هيئة تقويم التعليم والتدريب، الدكتور/ أحمد البنيان عميد معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب في جامعة/ الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بحرص جمعية “إعلاميون” على مواكبة اليوم العالمي للغة العربية بما يؤكد الإهتمام بلغة القرآن ودستور البلاد وعدوه عملا يستحق الثناء.
ورحب مدير الندوة عضو جمعية “إعلاميون” الزميل الأستاذ/ مبارك العصيمي، بالضيوف، مشدداً على أنه يتلذذ باللغة العربية ومواكبة كل ما يهمها ويصونها.
واستهل سعادة المهندس / فارس الصقعبي وكيل وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات المساعد لمهارات المستقبل والمعرفة الرقمية، الحديث بأن وسائل التواصل الإجتماعي هي المحرك الحقيقي لحياتنا اليوم لواقعنا الذي يدفعنا إلى التباعد وإنجاز الأعمال عن بعد، والتي لم تتأثر رغم جائحة كورونا وهذا دليل على أن بلادنا لديها رؤية ثاقبة في الإستثمار في التقنية للمستقبل.
وأضاف أن 87 % من شبابنا في مواقع التواصل الإجتماعي يتحدثون اللغة العامية والبقية يتحدثون لغة ما يسمى “العربز” وهي خليط بين اللغة العربية والإنجليزية، وحيث أن المحتوى العربي في الإنترنت لا يصل إلى 1% على الرغم من كثرة المستخدمين لها والسبب أننا مستهلكون ولسنا منتجين.
وأشار الصقعبي إلى أن مبادرة اللغة العربية التي أطلقتها الوزارة “العطاء الرقمي” جاءت من أصل المشكلة حيث أن نسبة العرب المستخدمين للإنترنت تصل إلى 6 %، وهي نسبة أعلى من الإسبانيين والبرتغاليين إلا أن المحتوى باللغة الإسبانية والبرتغالية أعلى من العربية، لذلك أطلقت الهيئة في شهر سبتمبر الماضي هذه المبادرة ووصلنا إلى 176 ألف متطوع متخصصين في التقنية لإثراء الجانب العربي في الإنترنت .
وبين وكيل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المساعد لمهارات المستقبل والمعرفة الرقمية، أنه في عالم متسارع بشكل كبير عملت الوزارة على محو الأمية الرقمية من خلال إثراء المحتوى العربي في الإنترنت، وقد شارك في المبادرة 22 دولة خلال جائحة كورونا، ومن المثير أن لغة الحاسب الآلي تعتمد على الخوارزميات وهي اللغة التي طورها وأوجدها العالم الخوارزمي أي أن العرب شكلوا نواة هذه اللغة الرقمية ولكننا أهملنا تلك الجهود، لذلك قامت الوزارة بترجمة أكثر من 700 مصطلح تقني من التقنيات الناشئة، كما أن مبادرة “العطاء الرقمي” استفاد منها نحو 13 مليون شخص.
وشدد الصقعبي على أنه في هذا العالم المتسارع علينا مضاعفة الجهود لإثراء المحتوى العربي في التقنية، بالإضافة إلى أن الوزارة سوف تطلق مبادرة “المواطنة الرقمية” العام القادم عام 2021 م بإذن الله، وهي سوف تمثل كل مواطن ولكن عبر التقنية والإنترنت.
– اللغة تحيا وتموت
على صعيد متصل، بين الدكتور/ محمد السلمي مدير إدارة إعتماد برامج العلوم الشرعية واللغة العربية في هيئة تقويم التعليم والتدريب، أن اللغة تحيا وتموت، فإذا اللغة لم يمارسها أهلها سوف تموت، ومواقع التواصل الإجتماعي أغلب مستخدميها فئة الشباب وهم يتحدثون اللهجة العامية، إذا لم يحرص التعليم على اللغة العربية في المدارس وكذلك على المعلم في مادة اللغة العربية أن يمارسها في داخل الصف الدراسي وخارجه ويجب أن تكون عادة وممارسة على كافة الأصعدة في المنزل والشارع والمدرسة.
وبين السلمي، أنه إذا لم يتقن الأطفال اللغة العربية وممارستها وهم في المراحل الدراسية الأولية سوف نواجه مشكلة كبيرة في ذلك، ومن المؤسف أن أشاهد أبّا يتحدث مع أطفاله اللغة الإنجليزية وكأنه نوع من التطور والتقدم، لذلك إذا لم يكن هناك تضافرآ للجهود بين الجهات المعنية لحماية اللغة العربية سوف يكون وضع اللغة العربية محرجاً في المستقبل.
وأضاف السلمي أن هيئة تقويم التعليم والتدريب، أطلقت مبادرة “تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها” وقد أنشأت العديد من المراكز والمعاهد في أنحاء العالم لتدريس اللغة العربية، والهيئة عملت على تجويد المناهج والمقررات وكذلك جودة المعلمين للغة العربية من خلال عدد من الإشتراطات التي يجب الوفاء بها لتلك المعاهد والمراكز وبالتالي تحصل تلك المعاهد على شهادة الإعتماد من المعهد.
وتساءل مدير إدارة إتماد برامج العلوم الشرعية واللغة العربية في هيئة تقويم التعليم والتدريب، ما نوعية البرامج والمسلسلات الترفيهية التي يشاهدها أبناؤنا في المنازل وما مدى تجويد تلك البرامج للغة العربية لأن ذلك سوف يؤثر على عقلية النشيء في فهم وتعلم اللغة العربية في المستقبل، ومثل هذه البرامج والمسلسلات الترفيهية خطر داهم على اللغة.
– مشكلة شح المراجع
من جانبه، أكد الدكتور/ أحمد البنيان عميد معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن منظمة اليونسكو وضعت أياماً للإحتفاء بها باللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية وهي اللغة المعتمدة لدى الأمم المتحدة ضمن ست لغات، ولذلك حدد يوم 18 من ديسمبر من كل عام
وأضاف أن اللغة العربية كانت الأساس في تدريس العلوم والاستثناء كان اللغة الإنجليزية ومن هذا الاستثناء انطلقت اللغة الإنجليزية كلغة أساس في تدريس الطب والهندسة وغيرها من العلوم، وانحسرت اللغة العربية في المناهج النظرية والإدارية.
وكشف عميد معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أنه في عالمنا اليوم تضاعف العلم بشكل شهري عما كان في السنوات الماضية، وهذا الأمر يتطلب منها العمل بجهد في حماية اللغة العربية وإثراء المحتوى العربي في العالم الرقمي والتقني.
ولفت البنيان إلى أنه كان هناك مشكلة في تدريس الطب والهندسة باللغة العربية بسبب شح المراجع باللغة العربية مقارنة باللغة الإنجليزية، لذلك كان هناك جهود لجامعة الدول العربية من خلال تعريب وترجمة الكثير من المعاجم إلى اللغة العربية، كما أنه يجب أن يكون تدريس مواد العلوم باللغة العربية حاسماً، ولكن الاستثناء أصبح هو العام ولذلك يجب العمل على العودة إلى لغتنا العربية في تدريس الطب والهندسة والاعتزاز بها.
– مبادرة (من هو الإعلامي)؟
من جانبه، قال سعادة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية “إعلاميون” والمتحدث الرسمي للجمعية الأستاذ/ عبد العزيز العيد، أن اللغة العربية فقدت في العديد من التلفزيونات والإذاعات، ونحن في جمعية “إعلاميون” لدينا مبادرة وهي (من هو الإعلامي؟) وهذه المبادرة سوف تسهم في تصحيح وضع اللغة العربية على الأقل في الجانب الإعلامي وتأخذ بزمام المبادرة في تصحيح النطق بها في البرامج والتقارير والأخبار.
في الختام، سلم سعادة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية “إعلاميون” الأستاذ/ عبد العزيز العيد، ضيوف الندوة، الدروع التكريمية، ثم تجول الضيوف والحضور في المجمع الذي يحتوي عدة جمعيات، وأثنوا كثيرآ على جودة المقر ومكوناته وخدماته والتكامل المجتمعي والعملي بين الجمعيات.