يرتسم بين جنبات منطقة جدة التاريخية وشوارعها وميادينها العامة العادات والتقاليد التي تفوح عطراً وأريجاً منذ قرب إطلالة شهر رمضان المبارك الذي يحمل طابعاً خاصاً في محافظة جدة عبر العديد من المظاهر الاجتماعية التي اعتاد عليها الأهالي ، وفي طياتها الاستعداد المبكر لهذا الشهر من توفير المواد الغذائية وشراء مستلزمات السفرة الرمضانية التي يغلب عليها التنوع في الوجبات من مشروبات ومأكولات شعبية .
وتتميز الموائد الرمضانية في جدة التي يعكف على إعدادها ربات البيوت كالسمبوسك ومختلف المعجنات وشوربة اللحم ، مع تبخير الأواني وكاسات “التوتوه” بالمستكة وذلك عن طريق إشعال الجمر ووضع حبات المستكة عليه ثم وضع الكاسات بالمقلوب عليها لمدة خمس دقائق حتى تحتفظ برائحة البخور، الأمر الذي يعطي رائحة وطعماً مميزاً عند الاستخدام وخصوصاً مع ماء زمزم .
من جانبه تناول عمدة حارتي اليمن والبحر بمحافظة جدة سابقاً عبد الصمد محمد عبدالصمد العديد من مظاهر العادات والتقاليد لمجتمع جدة منها ما هو خاص باستقبال رمضان ، ومنها ما هو متعلق بتجهيز المنازل وتزيينها ، وإعداد الموائد الرمضانية مشيراً إلى أن الأهازيج الحجازية هي ما يتعايش مع فرحة دخول الشهر الكريم ، ليقوم على إثرها الناس بتجهيز البسطات وتعليق المصابيح في الأحياء والشوارع لتخالط معها فرحة الكبير ، فرحة الصغير والتي يستنشقها الجميع حتى الوقت الحالي في منطقة جدة التاريخية في أيام وليالي رمضان .
وقال : يستقبل أهالي جدة الشهر الفضيل بالفوانيس والأقمشة الشعبية والزخارف الرمضانية التي تعكس أجواء الفرح والسرور بهذا الشهر ، وقد كان آباؤنا وأجدادنا يستعدون قبل رمضان بأيام لشراء وتزيين المنازل والأحياء الداخلية بالفوانيس الرمضانية والأقمشة ، وإضافة الديكورات البسيطة التي تعطي طابعاً روحانياً تعكس البهجة والسرور على من في المنزل من كبار وأطفال ، في حين تحاكي البسطات والأكشاك التي تباع فيها المأكولات الشعبية التي تشتهر بها جدة في رمضان رواشين جدة القديمة .
وأضاف أن شوارع البلد تزدحم خلال شهر رمضان المبارك ، ويظهر فيها الباعة في الأسواق بملابس جدة التقليدية ، حيث يرددون الأهازيج الشعبية لتشجيع الزوار على تجربة الأكلات المحلية التي تتنوع بين البليلة ، والكبدة ، والحلويات الأكثر شعبية في رمضان ، كالمعمول ، والقطايف بالقشطة ، والكنافة واللقيمات وغيرها ، التي يرافقها العصائر والمشروبات ذات النكهة المميزة في رمضان كالسوبيا وعصير التوت .
ولفت إلى أن “الفول” يعد طبقاً رئيساً في المائدة الرمضانية ، وتعد الصيادية من أشهر الأكلات الأساسية في وجبة السحور لأهالي جدة ، في حين تعتبر “الدبيازة” الحلوى المعروفة لدى أهل جدة ومكة والمدينة ، والتي يتم تجهيزها في أواخر رمضان استعداداً لتناولها في أيام عيد الفطر السعيد ، كما حرص الأهالي على تناول المعمول الذي يعتبر من الأكلات المقدمة في وجبة الإفطار في أول أيام عيد الفطر المبارك .
كما يشهد كورنيش جدة تناول وجبة الإفطار في رمضان ، في جوٍ يفضله بعض الأسر على صوت أمواج البحر الأحمر ، حيث تبدأ نزهة الأهالي على الكورنيش بعد العصر ، لمتابعة منظر غروب الشمس في هذا الشهر الفضيل ، وسماع الأذان عبر مآذن المساجد المنتشرة ، على طول الكورنيش ، متخطين الرتابة المعتادة داخل المنازل في تناول وجبة الإفطار ، ليكون لتغيير المكان أثر في الشعور بالمتعة وإدخال البهجة والسرور بين أفراد الأسرة .
وتتخذ بعض الأسر طابعاً خاصاً في الاستمتاع بليالي رمضان وذلك من خلال الخيام الرمضانية التي تتسابق معظم المراكز والمطاعم والفنادق الفاخرة بترتيبها وتزيينها بالفوانيس الرمضانية والإضاءات بألوانها المختلفة وتوفير الأطعمة والأطباق المتنوعة في أجواء تتميز بالخصوصية لتنعم هذه الأسر بالراحة ويلبي ذوقهم .