لايمكن أن تُذكر فترة تأسيس الكشافة السعودية وحضورها وبروزها وذكر أعمدتها وعرابيها دون أن تذكر اسم الرائد الكشفي محمد بن سعد الوهيبي ، الذي أمضى قرابة السبعة عقود في الحركة الكشفية ، التي التحق بها عام 1373هـ بمدرسة سبيكة بالرياض سابقاً ، المنصور حالياً ، واستمر بها متدرجاً في مناصب عدة كان آخرها على المستوى الرسمي المحلي مشرف النشاط الكشفي بوزارة التعليم ، وأمين رابطة رواد الحركة الكشفية بالمملكة ، وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات، إلى أن أُحيل الى التقاعد واتعبه المرض ، ولازال متعه الله بالصحة والعافية يُقدم خدماته كخبير ومستشار وموسوعة لأعضاء الحركة الكشفية بالمملكة وخارجها خاصة وانه يمتلك وثائق وصور نادرة تخص الكثير من القرارات والتوصيات التي تُعنى بالعمل الكشفي بالمملكة كما ساهم في بعضها ، فضلاً عن معايشتها لكثير من محطاتها داخلياً وخارجياً ، ويكفي مسيرته الكشفية فخراً أن شارك في قيادة دفة تأسيس رابطة رواد الحركة الكشفية بالمملكة وتوجها بأن يكون أول أمين لها ، وأن يُشرف على حفل تأسيسها الذي أُقيم يوم الثلاثاء 1 ربيع الأول من عام 1420هـ ، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز – رحمه الله – نائب أمير منطقة الرياض- آنذاك – ، وبحضور معالي وزير التعليم رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية الدكتور محمد أحمد الرشيد، والأمين العام للمنظمة الكشفية العربية فوزي فرغلي، والأمين العام للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات يوسف دندن – رحمهم الله جميعاً- ونخبة من رواد الحركة الكشفية بالمملكة .
وقد سجل اسم محمد الوهيبي كواحد من ابرز الشخصيات الكشفية السعودية في الأولويات ومن أهمها انه أول قائد كشفي سعودي يحصل على الشارة الخشبية والتي حصل عليها عام 1382هـ من الجمهورية التونسية ، وحصل على الكثير من الأوسمة والقلائد الكشفية ، حيث تم منحه قلادة الاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات عام 1419هـ بجمهورية مصر العربية خلال المؤتمر الكشفي العربي الثاني لرواد الكشافة والمرشدات الذي عقد بالقاهرة ، وحصل على القلادة الكشفية الفضية من جمعية الكشافة العربية السعودية ، خلال الحفل الوطني الأول للتكريم الكشفي الذي أقامته الجمعية بالمدينة المنورة عام 1426هـ ، ومنح قلادة الكشاف العربي، خلال حفل اختتام المؤتمر الكشفي العربي الـ 28 الذي استضافته سلطنة عمان عام 1438هـ، كما تم منحه وسام مجلس التعاون لدول الخليج العربي ، وقد أثرى الوهيبي المكتبة الكشفية بالعديد من الكتب النفيسة حيث صدر له كتاب الكشافة أسلوب وتربية ومنهج دراسي، وكتاب تاريخ الحركة الكشفية عالمياً وعربياً وتاريخها في عهد ملوك هذه البلاد، وكتاب السيرة الذاتية لرواد الحركة الكشفية بالمملكة ، وذكريات من التاريخ الكشفي ، والرواد في عيون الصحافة ، وخص معالي الدكتور عبدالله نصيف بكتاب وسمه بـ من أعلام آل نصيف ، والعديد من الكتب الأخرى في مجالات مختلفة لم تخلو من ذكرياته الكشفية ، كما أثرى المجلات الكشفية العربية بالكثير من المقالات .
وتعود معرفتي بالرائد الكشفي الوهيبي إلى ما قبل أكثر من 40 عاماً منذُ كنت طالباً بالمرحلة المتوسطة خلال مسابقات التفوق الكشفي التي تُقيمها وزارة التعليم ، أو معسكرات الخدمة العامة بمكة المكرمة التي تُقيمها جمعية الكشافة واستمرت تلك العلاقة حتى اليوم فوجدته خلال سنوات أن كنت طالباً شخصية تهتم بالانضباط ، ويحرص على النزاهة الأخلاقية ، لديه شخصية أبوية حيث كان يعاملنا برحمة وإحسان وعاطفة ، ويعمل على أن يُرسخ فينا ثقافة الإنجاز ومبدأ المسئولية بتأثير شخصي يتمثل في القدوة التي تقود عمله الى القيادة الفاعلة التي استوعبناها بعد أن كبرنا معه حيث كان يؤكد علينا على أهمية معرفة الأدوار أولاًً ، ومواجهة أية تحديات وتحمل المسئولية عن الفريق الكشفي حال لم يتحقق الهدف والعمل على الانتقال به الى آفاق جديدة أفضل ، مع البحث عن أفضل القرارات بالمشورة مع زملائك واستحضار أدوات التخطيط والحرص على القرب من كل عضو في منظومة العمل وهذه الجزئية بالذات كان دائماً ما يكررها علينا في معسكرات الخدمة العامة التي تشهد شيء التعب والإرهاق مما يولد لدى البعض أمور قد تُخل بخطط القائد الكشفي في مناسبة ليس فيها إلا العمل الجاد ، وليس للمتقاعس مكان فيها ، كما كان يدعونا الى أهمية أن نطور من قدرات المرؤوسين وقبل ذلك تطوير ذواتنا .