نظّم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، بالتعاون مع مجلس شباب منطقة الباحة، يوم الأحد 17 ذو القعدة 1442هـ الموافق 27 يونيو 2021م، ديوانية حوار عن بعد بعنوان: “فكر آمن لمجتمع آمن”، استضاف خلالها الدكتور/ محمد بن عبد العزيز العقيل، مستشار وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
وفي بداية اللقاء الذي أدارته الدكتورة/ خلود محمد الشهري، مشرفة المركز بمنطقة الباحة، استعرض الدكتور محمد العقيل مفهوم الأمن الفكري في المجتمع، مبينا أنه من المصطلحات الحديثة التي تدور حول طمأنينة الإنسان وشعوره بالأمان في حياته، والحماية من الفكر المنحرف والخروج عن الوسطية والاعتدال في فهم الدين والحياة، موضحا أن الأمن الفكري يشمل أمن الفرد وأمن المجتمع وأمن الوطن، ولا يمكن أن يتحقق أمن الفرد من غير أن يتحقق أمن المجتمع وأمن الوطن.
وأوضح أن الأمن الفكري يكتسب أهميته من كونه من المتطلبات الأساسية للحياة الإنسانية ولا يمكن الاستغناء عنه، فهو يُعتبر من الحاجات الإنسانية المُلحة لأي مجتمع، فبه تتقدم الأمم والدول وتزدهر ومن دونه تعم الفوضى فيها، ويختل أمنها الوطني.
ولفت الدكتور محمد العقيل ، إلى أن الأمن الفكري هو البعد الاستراتيجي للأمن الوطني، وهو الحصن الذي يلوذ به أبناء الأمة في مواجهة ما يتعرضون له من المهددات التي تستلزم رفع مستوى حصانتهم الفكرية والنفسية للوقوف ضد الغزو الفكري والثقافي الذي اشتد وتكاثرت مداخله، لاسيما في ظل التداخل الذي نتج عن تكنولوجيا المعلومات وتطور وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، لافتا إلى أهمية التوعية الفكرية وصياغة المفاهيم بطرق تتواءم مع كل مرحلة من المراحل الزمنية، مما يسهم في تحقيق الأمن الفكري للمجتمع ويحافظ على وحدته الوطنية ومواجهة كل ما يهدد نسيجه الاجتماعي.
وأوضح العقيل أن وسطية الإسلام هي المرتكز الأساسي لتعزيز وتحقيق الأمن الفكري، وهي سمة واضحة من سمات هذه الأمة، وصفة من صفاتها، تتجلى في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)، ولفت إلى أهمية الحديث بصورة مستمرة عن وجوب الطاعة لله ورسوله وأولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، ووحدة الصف مؤكدا أن إشاعة الفكر الآمن تعد عاملا أساسيا لتعزيز الوحدة الوطنية، ومواجهة كافة أسباب الفرقة والاختلاف وتوحيد صفوف أبناء الوطن الواحد والعمل على تماسكهم وتعاضدهم وتلاحمهم وحماية ما يهدد نسيجهم المجتمعي.
وشدد على أهمية تضافر الجهود بين كافة مؤسسات المجتمع للقيام بمهمة تعزيز الأمن الفكري، مؤكدا أننا جميعًا شركاء في مسؤولية، تعزيز الأمن الفكري بدءا من الأسرة تليها المؤسسات التعليمية والجامعات مرورا بالمؤسسات المعنية بالدعوة، والإعلام، والعمل الاجتماعي، والثقافي، والجهات الأمنية وغيرها، فجميعنا مسؤولون عن حماية أبنائنا وشبابنا من كل ما يؤثر على عقول شبابنا وفتياتنا، وحمايتهم من الانحرافات الفكرية، ولا سيما تيارات الغلو والتكفير بتوضيح منهج الوسطية والاعتدال في الدين.
وسلط الدكتور محمد العقيل، الضوء على الدور البارز الذي تضطلع به المملكة في تأصيل الأمن الفكري، وتعزيزه وحفظ النسيج المجتمعي من خلال حرصها على نشر وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ التطرف والتشدد والتحزب والإرهاب، موضحا أن المملكة لها العديد من الجهود والإنجازات في ما يخص الأمن الفكري، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
يذكر أن إقامة هذه الديوانية تأتي في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ومجلس شباب منطقة الباحة، والتي تتضمن تنفيذ برامج وأنشطة تسهم في تحقيق أهداف المركز، ونشر رسالته بترسيخ ثقافة الحوار وتعزيز قيم التعايش والتسامح والتلاحم بين كافة الأطياف الفكرية، وخصوصًا لدى شريحة الشباب، والاستفادة من طاقاتهم في صناعة مبادرات متميزة تخدم التلاحم الوطني وتعزز وترسخ قيم الحوار.