في الجزء الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية تتربع منطقة عسير وتتواصل مع معطيات العصر وتواكب قافلة الخير والعطاء في نموها الحضاري، وهو ما يصور مدى نجاح خطط التنمية فيها، بتوجيهات القيادة الرشيدة التي تحرص دائماً على أن تكون منطقة عسير أنموذجاً، تتواكب في نهضتها مع تطلعات المجتمع.
وقد منح الله هذه المنطقة من الجمال الطبيعي والأجواء المعتدلة ـ سواء في أعالي جبالها أو بطون أوديتها، أو سواحلها التهامية ـ مما جعلها وجهة سياحية رئيسية على مدار العام للزوار من مختلف مدن ومناطق المملكة كذلك الزوار الوافدين لها من دول مجلس التعاون الخليجي أو الدول العربية والأخرى العالمية.
مسيرة من العطاء والنماء في عسير
وانطلقت “عسير” منذ قرابة أربعة قرون في العمل على مفهوم السياحة وصناعتها من خلال ما تمتلكه من مقومات طبيعية وعناصر جذب سياحي متعددة، بمشاركة إنسان المنطقة بما يحتفظ به من موروث وإرث تاريخي متنوع.
وتسلّط ” وكالة الأنباء السعودية ” في هذا التقرير، الضوء على مسيرة التنمية السياحية في عسير وما تحتضنه من مواقع سياحية متعددة تمتاز بجمالها الطبيعي ومناظرها الخلابة وجوها الربيعي الممطر، حيث لا يكاد الزائر يصل إلى المنطقة في موسم الصيف إلا وقد جعل في أولويات برنامجه زيارة العديد من المتنزهات الشهيرة كالسودة والفرعاء ودلغان والحبلة والجرة ومتنزه السحاب وتمنية وأبو خيال ومتنزه الأمير سلطان بن عبد العزيز وهضبة العروس ومتنزهات النماص وتنومة وأحد رفيدة والواديين وخميس مشيط وغابات بللحمر وبللسمر ورجال ألمع وغيرها من مواقع الجمال الطبيعي المتناثرة على امتداد ربوع عسير الخضراء المعروفة بتراثها المميز وطرازها المعماري الفريد وبساتينها ومروجها الخضراء وأوديتها الخصبة بالمياه العذبة دائمة الجريان، وغاباتها المتشابكة بضلالها وروابيها الوادعة، وآثارها العريقة التي يمتد تاريخها لآلاف السنين كجُرش وتبالة والعبلاء ودرب الفيل وغيرها من المناطق الأثرية الشهيرة.
ولعل ما يميز منطقة عسير عن غيرها من مناطق المملكة ، ما تشهده خلال موسم الصيف من أجواء ربيعية ممطرة ، فلا تكاد تتجاوز درجات الحرارة فيها خلال شهر أغسطس بخمس وعشرين درجة مئوية، إلى جانب ما تنعم به من طبيعية خلابة تتخللها جبال شاهقة في عنان السماء وسهول منبسطة رقراقة وسواحل بحرية وصحارى ذهبية، إضافة إلى الخدمات الجليلة التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين لتنمية الإنسان والمكان ، وما تحظى به من بنى تحتية متقدمة، وما استحدث عليها من منشآت سياحية راقية، حيث يستطيع الزائر للمنطقة اختيار ما يناسبه من الأجواء الملائمة له والتنزه في الأماكن التي يطيب له الإقامة فيها في حضرة إسكان متعدد ومنوعة وبأسعار في متناول الجميع.
العربات المعلقة
وأسهمت التقنيات الحديثة في دفع مسيرة اكتشاف الكنوز السياحية الموجودة في عسير ومجال طبيعتها الساحرة بصورة أسرع، ومن هذه التقنية العربات المعلقة “التلفريك” التي تأخذ الزائر والمصطاف في جولة سياحية مثيرة .. لمشاهدة مخزون المنطقة السياحي والتاريخي باختلاف خارطتها الجغرافية وتضاريسها وبيئتها التي حباها الله بالجمال في الإبداع ، حيث تتعدد مواقعها في متنزه السودة غرب مدينة أبها، إلى وسط المدينة في الجبل الأخضر المعروف قديماً بجبل “ذره” ليطل في طريقه على الانكسارات السحيقة نحو منحدرات تهامة، بالإضافة إلى قرية “الحبلة” التاريخية التي تنعم بهذه التقنية لترتبط قممها في السراة بقراها في أغوار تهامة وتضفي على الزائر مزيداً من المتعة والبهجة حين نزولها.
صيف 2019 والاستعدادات المبكرة
وفي كل عام، تستعد الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية وأفراد المجتمع من الرجال والنساء، بمتابعة حثيثة ودؤوبة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية، لرسم الخطط وتذليل الصعوبات التي تواجه الزائر ليحظى في منطقة عسير بالراحة والرفاهية في ظل ما تسخره حكومة خادم الحرمين الشريفين من خدمات متنوعة على كافة الأصعدة.
وفي هذا العام، أنهت الجهات الحكومية والخاصة فعاليات الموسم السياحي 2019، ووضعت إمكاناتها، وفي مقدمتها إمارة عسير، وفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وأمانة المنطقة ، والإدارة العامة لشؤون الزراعة، وجمعية الثقافة والفنون، والنادي الأدبي، والغرفة التجارية بأبها، وجامعة الملك خالد، إضافة إلى مشاركة محافظات ومراكز المنطقة التي احتضنت مهرجانات متنوعة وفعاليات جاذبة، منها خميس مشيط ،والنماص، وظهران الجنوب، وأحد رفيدة، وطريب، وتنومة، وبلقرن، وبللسمر، وبللحمر، ورجال ألمع، والحرجة، والواديين، وسراة عبيدة.
واعتمد مجلس التنمية السياحية في المنطقة برنامج فعاليات عسير لهذا العام 1440هـ، تحت شعار “مرحباً ألف في عسير” ، الذي أوضح بدوره نائب رئيس المجلس أمين منطقة عسير الدكتور وليد الحميدي أن برامج الفعاليات لهذا الموسم تنقسم إلى قسمين، الأول يستمر حتى الثالث من أغسطس بمشاركة 10 جهات حكومية وأهلية وخاصة ويضم 194 فعالية موزعة على كافة مدن و محافظات ومراكز المنطقة ، والقسم الثاني من برنامج الصيف سيكون تحت مسمى “صيف السودة” الذي يأتي ضمن مواسم السياحة السعودية على مستوى المملكة.
وأضاف الدكتور الحميدي أن فعاليات الصيف لهذا العام توزعت بين مدن المنطقة ومحافظاتها في بادرة هي الأولى من نوعها، ليحظى سكان وزوار تلك المحافظات والمراكز بالاستمتاع بفعاليات الصيف دون تكبد عناء السفر والتنقل إلى مدينة أبها، مشيراً إلى أنه تم تنفيذ الفعاليات بتنسيق مشترك بين الجهات المعنية، حيث شاركت أمانة المنطقة بـ 129 فعالية، وجسفت عسير بخمس فعاليات ونادي أبها الأدبي بـست فعاليات، والغرفة التجارية الصناعية بأبها بـ 11 فعالية، والهيئة العامة للترفيه بثمان فعاليات، والهيئة العامة للرياضة بفعاليتين، وإدارة التعليم بـ20 فعالية، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله بفعاليتين، ومجلس التنمية السياحية بست فعاليات، وفرع الزراعة بثلاث فعاليات.
عروض منوعة خلال فصل الصيف في عسير
ونوه الحميدي إلى أن برامج وفعاليات صيف لهذا العام غنية بتنوعها ما بين بازارات الحرفيين والفعاليات الرياضية كرالي عسير، والهايكنج، والمارثونات لمختلف الفئات، ومسابقات متنوعة في عدد من الألعاب، بالإضافة إلى برامج نادي أبها الأدبي التي تنوعت بين 50 نشاطاً ما بين أمسيات ثقافية ولقاءات ومعارض بجانب العروض السينمائية والترفيهية والضوء والصوت في شارع الفن بأبها ، لافتاً إلى إقامة أربع حفلات غنائية على مسرح “طلال مداح” بمركز الملك فهد الثقافي بأبها وحفلتين بمحافظة النماص، يحييها عدد من أهم الفنانين والفنانات على مستوى الوطن العربي.
ويؤكد نائب رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة حرص سمو أمير منطقة عسير على تسخير كافة الإمكانات لإنجاح فعاليات الصيف كل عام لتظهر بالشكل اللائق ، في الوقت الذي عاشت فيه مدن ومحافظات المنطقة أجواء لم تهدأ منذ أول يوم، من خلال استقبال ضيوفها وزوارها الذين قدموا من مدن مختلفة عبر مداخلها الرئيسية ومطاريها الدولي في أبها والإقليمي بمحافظة بيشة شمال شرق عسير، لقضاء أجمل الأوقات وسط جمال الطبيعة وسحرها الجذاب، فضلاً عن توافر الخدمات والمقومات السياحية الطبيعية والإمكانات التي قامت عليها الجهات المختصة على السياحة في المنطقة.
مبادرات وخطط مستمرة لاستقبال ضيوف عسير
ويقف سمو أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية ، على استعدادات السياحة منذ وقت مبكر، في حين وجه سموه هذا العام، بمبادرة “حسن الوفادة” التي شارك في تنفيذها أكثر من 40 جهة حكومية وخاصة، تلتقي أعمالها في الشأن السياحي ما بين الترحيب بالزوار بالطرق التقليدية القديمة وتقديم الخدمات اللازمة لهم ، وتنظيم فعاليات وبرامج سياحية، فعلى ضوء ذلك تفاعل عدد من محافظي المنطقة مع مبادرة “حسن الوفادة” وتم إطلاقها بشعار “مرحبًا ألف في عسير” في 17 محافظة و126 مركزاً على مستوى المنطقة، حيث تضمنت الترحيب بالزوار والمصطافين واستقبالهم بباقات الورود وتقديم الهدايا والمنشورات التعريفية بكل محافظة وتقديم الخدمات اللازمة لهم إلى جانب تعريفهم بأبرز مناطق الجذب الجذب السياحي في كل محافظة ومركز .
وعلى ذات السياق ، استعاد مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير المهندس محمد العمرة في حديثه لـ ” واس ” دور فرع الهيئة الذي اضطلعت به منذ 15 عاماً من الجهد والعمل الدؤوب ، وتَوجت رؤية المملكة 2030 التي أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – يوم الاثنين 18 رجب 1437 هـ الموافق 25 أبريل 2016، مسيرة الهيئة باعتماد قطاعات السياحة والتراث الوطني كإحدى أهم العناصر الأساسية في رؤية المملكة وبرنامج التحول الوطني، وأحد أبرز البدائل لاقتصاديات ما بعد النفط، فيما أكدت رؤية المملكة العمل على إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي القديم وتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي، وتمكين الجميع من الوصول إليها بوصفها شاهداً حياً على الإرث العريق وعلى الدور الفاعل والموقع البارز على خريطة الحضارة الإنسانية.
القرى التراثية والمتاحف في عسير
ولفت العمرة إلى أن هناك جهوداً كبيرة في قطاع التراث الحضاري، في مقدمتها إنجازات مجال الآثار بتسجيل 425 موقعاً أثرياً في السجل الوطني للآثار تحتضنها منطقة عسير، إضافة إلى مراحل التنقيب في موقع جرش الأثري، والعبلاء التابع لمحافظة بيشة، ومسح وتوثيق و تبتير درب الفيل ، إلى جانب العمل على اكتشاف ما يزيد عن 130 موقعاً أثرياً بالمنطقة خلال عام 2018 م، موضحاً أنه تم إصدار 45 ترخيصاً لمتاحف تمثل 26% من عدد المتاحف الخاصة في المملكة، إلى جانب الانتهاء من بناء وتأثيث متحف عسير الإقليمي والذي يتوقع افتتاحه نهاية العام الجاري .
وحول مسح المواقع والقرى التراثية بمنطقة عسير أفاد العمرة أن المنطقة تحتضن أكثر من 4275 قرية تراثية موزعة ما بين 542 في أبها، و 220 قرية في بارق، و397 قرية في المجاردة، و715 قرية في محايل والبرك، و406 قرى في رجال ألمع، و237 قرية في سراة عبيدة، و182 قرية في بلقرن، و216 قرية في النماص، و262 قرية في تثليث، و127 قرية في ظهران الجنوب، و127 قرية في الحرجة، و246 قرية في بيشة، و66 قرية في طريب، و73 في تنومة .
وبين مدير عام فرع السياحة والتراث الوطني بمنطقة عسير أنه يبرز في مجال التراث العمراني إعداد ملف تسجيل قرية “رجال المع” لتكون ضمن قائمة التراث العالمي (اليونيسكو)، إضافة إلى إنجاز قصر ثربان بالنماص، الذي ينتظر طرحه للتشغيل خلال الفترة القادمة ، وكذلك العمل على إعادة تأهيل وترميم قصر أبو ملحة التراثي بوسط أبها ليصبح ضمن العرض المتحفي لمتحف عسير الإقليمي قريباً، وإنجاز ترميم وتأهيل مسجد العلاية وإعادة الصلاة فيه، كذلك العمل على إعداد دراسات توثيقية وتأهيلية لقصر مشرفة بالنماص، إذ أنه جاري طرح المشروع للتنفيذ من قبل الهيئة، كذلك تم الحصول على موافقة الأهالي على إعادة تأهيل وترميم قلعة طامي بن شعيب وقريه طبب التراثية وجاري توقيع الاتفاقية للبدء في الدراسات و استكمال الأعمال.
الحرف اليدوية التي تشتهر بها المنطقة
ونوه العمرة في ذات الصدد، بالجهود التي يقدمها البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع) في منطقة عسير، وقال: “نجح البرنامج في تسجيل 264 حرفيا وحرفية، إضافة إلى دعم خط الإنتاج لحرفيين من خلال توفير المواد الخام والتدريب والتأهيل على الحرفة لتطويرها والتسويق المستمر لها” ، مؤكداً أن منطقة عسير تعد ثاني أكبر مناطق المملكة استفادة من مشروع الأمير “محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية” إذ اعتمد لها تطوير وترميم 23 مسجد.
المسارات السياحية ودورها في تنمية السياحة
وأشار المهندس العمرة بأن لدى الهيئة 5 مسارات عامة، هي: مسار “السودة ـ رجال ألمع”، مسار المتنزهات “دلغان، الفرعا، الحبلة، الجرة”، مسار وسط أبها، مسار ساحل عسير، مسار شمال أبها ” بللحمر، بللسمر، تنومة، النماص، بلقرن”، مسار أبها كدمبل وهي مسارات للتنزه برياضة المشي ، مضيفاً أن هناك تعاون بين الهيئة والأمانة والصندوق الدولي لإنجاز درب عسير، الذي يعد الأول على مستوى المملكة من ناحية الجاهزية، وقال في حديثه لـ “واس”: ” إنه بحسب مركز المعلومات والأبحاث السياحية “ماس” التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني فإن عدد زوار منطقة عسير يتجاوز المليوني زائر في كل موسم سياحي ،فيما بيّن أن عدد الحاصلين على التراخيص في مجال الإيواء بمنطقة عسير حوالي 544 منشأة إيواء سياحي، منها 37 فندقا، و4 شقق فندقية، ونزل سياحي، وأشار أنه يوجد بالمنطقة 125 مكتب وكالة سفر وسياحة، و12 مكتب تنظيم رحلات سياحية، و 25 مرشدا سياحيا “، مبيناً أن هذه المعطيات تسهم في دعم المنظومة السياحية في منطقة عسير .
واختتم المهندس العمرة حديثه بالقول: “إن الهيئة تحرص على تقديم كافة الخدمات والتوجيهات للمستثمرين، بجانب دراسة مخططات للمنشآت الجديدة وتوجيههم بالشكل السليم بما لا يتعارض مع المعايير والمواصفات المعتمدة في هيئة السياحة والمعايير الخاصة بالبلدية والدفاع المدني”.
القرى التراثية وأهميتها في عسير
وفرضت من جانبها القرى التراثية والمتاحف الخاصة حضورها لدى الزائر كإحدى أهم المنصات السياحية في منطقة عسير ، ورسمت الدهشة على محيا زوار المنطقة عبر مقراتها المتناثرة في عدد من المحافظات والمراكز والأرياف ، مختصرةً على الزائر عناء البحث وجمع المعلومة ومقدمةً ثقافة الإنسان والمكان .
وباتت تلك القرى والمتاحف تحتضن هواة جمع التراث ، الذين يتسابقون في ميدان الماضي مقدمين أجمل وأقدم التراثيات التي عُرِفَت بها منطقة عسير على مر السنين، الأمر الذي جعل تلك الهواية مطلب مهم لتعريف الأجيال القادمة بحياة أهالي المنطقة في الماضي وأسلوب عيشهم.
وعززت القرى التراثية والأثرية إضافة للمتاحف الخاصة والعامة من مكانة المنطقة سياحياً ، وباتت عنصراً فاعلاً في التعريف بالتراث الثقافي والحضاري للمنطقة.
قرية المفتاحة شاهد على التاريخ والعراقة
ومن أبرز المواقع والقرى التراثية والمتاحف التي مازالت قائمة إلى وقتنا الحاضر وتستقبل زوارها منذ سنوات لتضع أمامهم فن البناء والتراث وإرث الإنسان والمكان “قرية المفتاحة “، التي تتوسط مدينة أبها منذ أكثر من 260 عاماً بمجموعة من المنازل المتلاصقة على امتداد الممرات الداخلية والخارجية تم بناؤها آنذاك بالأساليب التقليدية للبناء في منطقة عسير، حيث الفتحات الصغيرة والحوائط السميكة باستخدام (الرقف) لحماية حوائطها الطينية من الأمطار، وتوفير الظلال أيضا على واجهة مبانيها، وتضم حالياً بين جنباتها قرية المفتاحة التشكيلية ومسرح “طلال مداح” وسوق الثلاثاء الشعبي ، فيما يتوسط القرية متحف المفتاحة الأثري بطوابقه الثلاثة وقد شيدمنذ 150 عاماً، وهو الآن أحد معالم منطقة عسير الأثرية التي يقصدها أبناء المنطقة وزوارها، ويضم هذا القصر نماذج من الحِرف والصناعات التقليدية في المنطقة مثل سبك المعادن وصياغة الذهب والفضة والحدادة والنجارة والنقش وغير ذلك، كما يشتمل القصر على طرق وأساليب تقطير الورد والكادي الذي تشتهر بزراعته منطقة عسير منذ القدم.
ويقابل قرية المفتاحة من الجهة الشرقية “قصر شدا”، الذي شُيِّد عام 1930 م، ويعد من أكبر المتاحف افي منطقة عسير، ويتوسط مدينة أبها بجوار مبنى إمارة منطقة عسير ، وهو عبارة عن بناء قديم مكون من أربعة طوابق، يوجد به متحفاً شعبياً يُعنى بتراث المنطقة ويقدّم خدماته للزوار والمصطافين وطلاب المدارس والوفود الرسمية والباحثين.
أهالي عسير وعنايتهم بالتراث
وحين يتجه الزائر إلى شمال مدينة أبها، وتحديداً في مركز بيحان ببللحمر، تقف قرية “بن عضوان التراثية ” شامخة في قمم جبال السروات، وهي إحدى القرى التراثية التي أنشأها حديثاً المهتم بالتراث الجنوبي رجل الأعمال محمد عضوان الأحمري، وذلك للمحافظة على مقتنيات وعادات وتقاليد سكان المكان الأصليين، حيث تقع على مساحة تقدر بـ 30 ألف متر مربع، وأصبح مشروعه التراثي مزاراً سياحياً تراثياً لزوار منطقة عسير.
وتعد “قرية بن عضوان التراثية” من أكبر المشاريع التراثية في المنطقة، حيث تحتوي على متحفٍ يضم 12 قسماً في مجالات متنوعة، بالإضافة إلى متحف زراعي، ونزل تراثي لضيوف القرية،ومطلات وساحات شعبية وأماكن مخصصة لإقامة الفعاليات.
وفي محافظة النماص توجد قرية «المقر» السياحية وهي إحدى القرى السياحية الحديثة من حيث الفكرة والتصميم، وتتربع على مساحة 1300 متر مربع فوق جبال السروات، وتشتمل على القصر الأندلسي والقرية التهامية التراثية ومبنى الإسكان السياحي، بجانب مطاعم واستراحات ومطلات خارجية وحديقة للحيوانات، وقد روعي في تصميمها المواءمة بين التراث العربي والإسلامي القديم في الأندلس والتراث السعودي في تمازج الألوان والرسوم والأشكال الهندسية.
وهناك «قرية رجال ألمع» في الجزء التهامي من منطقة عسير وتعد من أهم القرى التراثية في المملكة ومقصداً أول للسياح من داخل المملكة وخارجها ، حيث يؤمها أكثر من خمسين ألف زائر على مدار العام، ويتميز تراثها العمراني بالمباني الحجرية العالية التي يصل ارتفاعها إلى سبعة أدوار، وتشكل مبانيها مع البيئة الجبلية المحيطة صورة فنية رائعة تدل على ثقافة المجتمع المحلي وروعة التصميم ودقة البناء، وفى تلك البلدة يقع متحف رجال ألمع الأثري، الذي أنشئ بمبادرة من أهالي القرية وذلك عام 1405هـ لحفظ تراثهم ، حيث قرروا جمعه في حصن آل علوان بعد أن زادت الهجرة من القرية إلى المدينة، حيث تولّى الأديب محمد غريب جمع مقتنياته، وتم نقش القصر من الداخل تحت إشراف الفنانة فاطمة أبو قحاص ـ رحمها الله ـ، ويضم المتحف الذي افتتح عام 1407هـ، 20 قسماً، حيث يعدّ من أكثر المتاحف ثراءً وتنوعاً من حيث المقتنيات وطرق عرضها.
وتأتي قرية ” آل خلف “جنوب منطقة عسير من الكنوز الأثرية التي تعطر بعبقها التاريخ، وقد اختيرت مؤخراً لتكون قرية أثرية من بين أكثر من خمسة آلاف قرية وهجرة في منطقة عسير كقرية أنموذجية يجب المحافظة عليها من الاندثار، وذلك لما تحتويه من أثار ومعالم بارزة شاهدة على حضارة مضت وقصة كفاح عاشها إنسان هذه القرية.
وتتمتع القرية بخصوصيتها في البناء حيث تتوافر فيها دقة التنفيذ والمتانة والقدرة على تحمل العوامل الطبيعية، ويجد الزائر للقرية طابعاً خاصاً لكبر حجمها وارتفاع مبانيها القديمة وتشابكها وتعدد أدوارها حيث يوجد بها 17 منزلاً متلاصقة بعضها ببعض ، ولها سطح واحد فقط، وتخترقها (أنفاق وأزقة) ولها منعطفات كثيرة وتتخللها فتحات جانبية لإضاءتها، وهذا النوع من البناء فريد في منطقة عسير حيث يوفر الحماية الأمنية لأهالي القرية قديماً ، كما تزخر منطقة عسير بالعديد من المتاحف التي أصبحت تستقبل زوارها كل موسم سياحي وعلى مدار العام ومن أبرزها ” متحف الراقدي ” وسط مدينة أبها ويتكون من تسعة أٌقسام تبدأ بالنحاسيات، والفضيات القديمة، والقلائد والمصوغات النسائية مع مجموعة من الملابس التقليدية، كما يوجد به أدوات الطبخ القديمة، وأدوات الزراعة والحرف اليدوية، إضافة إلى متحف “الشفا” و متحف “العُرش ” التراثي في بني عمرو، ومتحف القرية التراثية، ومتحف بلقرن التراثي الذي يتكون من مبنى قديم تم تشييده من الحجر، ويضم فناء واسعاً به أربع غرف تحتوي على معروضات قديمة تعرض بالنمط القديم الذي كانت تستخدم لأجله، وتتكون المعروضات من أربع مجموعات تراثية هي الأسلحة والسيوف والبنادق، وأدوات إعداد القهوة، والعملات المعدنية والورقية القديمة، ومجموعة من الصور والوثائق القديمة، وأجهزة كهربائية قديمة.
ويعد متحف النماص من أهم متاحف عسير ويقع في الحي القديم الذي يجاور القصور القديمة والحصون التاريخية، ويعد هذا الحي تحفة معمارية رائعة ويرجع تاريخه لـ 250 عاماً تقريباً. ومكون من خمسة طوابق، ويضم أكثر من 2000 قطعة أثرية، فيما يقع متحف آل صوفان في قرية لشعب بمحافظة النماص ، ويضم مجموعة كبيرة من القطع التاريخية التي تعرض بطريقة مميزة في 4 قاعات كبيرة، وقاعة خارجية مكشوفة، يبلغ عدد المعروضات فيه 1200 قطعة أثرية تقريباً.