يتوافد أهالي محافظة العلا من أصحاب مزارع النخيل ومحبي التمور، لمزاد مهرجان العلا للتمور الذي تنظمه الهيئة الملكية للعلا، لبيع محاصيلهم من التمور المتنوعة، حيث يقصده المستثمرون من شتى أنحاء العالم، في تظاهرة اقتصادية وثقافية فريدة تعيد إلى الأذهان قصة الارتباط التاريخي بين سكان واحة العلا والنخيل والتمور.
كانت النخلة، وما زالت، تمثّل بالنسبة لسكان واحة العلا “شجرة الحياة”؛ التي يستمدون منها نشاطهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ويحصلون منها على الغذاء والمسكن والمنسوجات ومواد البناء والأثاث والأحبال وصناعة أدوات الزينة والقلائد، فمنذ أكثر من ثلاثة آلاف عام ازدهرت الواحة بالنخيل وصناعة التمور عندما سكن الدادانيون واللحيانيون وادي العلا منذ الألفية الأولى قبل الميلاد.
وشكّلت زراعة النخيل وإنتاج التمور في واحة العلا جزءاً رئيساً من الحضارات والممالك القديمة التي نشأت على أرضها، بل تعدى دورها البقعة الجغرافية للوادي لتصبح مركزاً اقتصادياً مهماً على طرق التجارة القديمة، ومحطة رئيسة تتزود منها القوافل التجارية العابرة على دروب الحرير والبخور والتوابل، وهو ما تفسره النقوش الأثرية لأشجار النخيل على صفحات جبل عكمة، وقلائد التمر التي كشفت عنها الحفريات الأثرية التي عثر عليها في المدافن النبطية بالحِجر.
ومع تعاقب العصور والحضارات تطورت زراعة النخيل وزاد ارتباط أهالي العلا بالتمور فازدهر القطاع في العصر الراهن بشكل غير مسبوق، وتحول الوادي الفسيح إلى واحة غنَّاء تحتضن بين جبالها المذهلة أكثر من 2.3 مليون شجرة نخيل على مساحة تتجاوز 10 ملايين هكتار، تنتج أكثر من 90,000 طن من أجود أنواع التمور كل عام، لتشكل عصب الثقافة والاقتصاد المحليين لواحة العلا.