بدأت اليوم، أعمال الدورة الـ 44 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في العاصمة القطرية الدوحة.
ورأس وفد المملكة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -.
وقد التقطت الصور التذكارية لقادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ثم بدأت أعمال الجلسة الأولى، بكلمة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، رحب فيها بأصحاب الجلالة والسمو قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأعرب عن بالغ الشكر لـجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان على جهوده التي بذلها خلال رئاسته للدورة السابقة للمجلس الأعلى وحرصه على تعزيز وحدة مجلس التعاون ومكتسباته.
وقال سموه ” نلتقي اليوم آملين أن يسهم التواصل والتفاهم بين القادة في تنمية وتعزيز العمل الخليجي الـمشترك بـما يحقق مصالح دولنا وتطلعات شعوبنا، ويعزز مكانة مجلس التعاون إقليمياً ودولياً، ويتيح فرصاً أكبر للنمو والازدهار، ويسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في الـمنطقة والعالم”.
وأشار إلى أن الـمتغيرات الدولية والإقليمية الـمتسارعة تحتم التشاور والتنسيق المستمر بين دول المجلس للتعامل معها وتجنب تبعاتها ودعم المكتسبات في شتى الـمجالات الاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، وغيرها، معرباً عن ثقته بأن دول الـمجلس يـمكنها التوصل إلى التفاهم والتعاون بـما من شأنه أن يسهم أيضاً في حل بعض القضايا الإقليمية.
ولفت الانتباه إلى أن هذه القمة تعقد في ظل استمرار الـمأساة الخطيرة والكارثة الإنسانية غير الـمسبوقة الناجمة عن العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق، وخصوصا أهلنا في قطاع غزة، وقال ” لقد انتهكت في فلسطين الـمحتلة كافة الـمعايير والقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية من خلال ما ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم ضد الإنسانية، وأنه من الـمؤسف – على الرغم من انكشاف حجم الـجريـمة، وخروج الاحتجاجات الشعبية في كافة أنحاء العالم -، ما زالت بعض الأوساط الرسمية تستكثر على الشعب الفلسطيني مطلب وقف إطلاق النار ” .
وأضاف ” من العار على جبين الـمجتمع الدولي أن يتيح لهذه الـجريـمة النكراء أن تستمر لـمدة قاربت الشهرين تواصل فيها القتل الـممنهج والـمقصود للمدنيين الأبرياء العزل، بـمن في ذلك النساء والأطفال، وأسر بكاملها شطبت من السجل الـمدني، وجرى استهداف البنى التحتية الهشة أصلا، وقطع إمدادات الكهرباء والـمياه والغذاء والوقود والدواء وتدمير الـمستشفيات ودور العبادة والـمدارس والـمرافق الحيوية ، وكل هذا بحجة الدفاع عن النفس، مع أن الدفاع عن النفس لا ينطبق على الاحتلال وفق القانون الدولي، ولا يجيز ما ترتكبه إسرائيل من جرائم إبادة ” .
وأكد أن الـمجازر التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق الأشقاء في قطاع غزة تعمق الشعور بالظلم وبعجز الشرعية الدولية، ولكن الوجه الآخر لهذه الـمأساة هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على نيل كافة حقوقه الـمشروعة، ومركزية قضية فلسطين، وقال ” وكان ممكنا توفير كل هذه الـمآسي لو أدركت إسرائيل وداعموها أنه لا يمكن تهميش قضية الشعب الفلسطيني، وأن زمن الاستعمار قد ولى، وأن الأمن غير ممكن من دون السلام الدائم، وكلاهما لا يتحققان من دون حل عادل لهذه القضية “.
وتابع سموه قائلا ” تتساءل الشعوب في أنحاء العالم كافة عن معنى الـمجتمع الدولي، وهل ثمة كيان كهذا فعلا؟ ولـماذا تخلى عن أطفال فلسطين؟ وأصبحت تعابير مثل ازدواجية الـمعايير، والكيل بـمكيالين من أكثر التعابير رواجا، وهذا يعني أن الشرعية الدولية قد تكون من ضحايا هذه الحرب الهمجية “.
وجدد الإدانة لاستهداف الـمدنيين من جميع الجنسيات والقوميات والأديان، مشددا على ضرورة توفير الحماية لهم وفقا لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، داعيا الأمم الـمتحدة إلى ضرورة إجراء تحقيق دولي بشأن الـمجازر التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
ونوه بجهود بلاده التي تكللت في عقد هدنة في قطاع غزة والإفراج عن بعض الأسرى والـمحتجزين من الـجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وإدخال الـمساعدات الإنسانية العاجلة، مؤكدا العمل باستمرار على تجديدها، وعلى التخفيف عن الفلسطينيين في القطاع وبذل الجهد بالتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين للتوصل إلى وقف شامل للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية.
ودعا مجلس الأمن، لا سيما أعضاءه الدائمين، إلى القيام بـمسؤوليته القانونية والعمل على إنهاء هذه الـحرب الهمجية، وإجبار إسرائيل على العودة إلى مفاوضات ذات مصداقية لتحقيق الـحل العادل للقضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية عبر حل الدولتين، وهو الـحل الذي ارتضاه الفلسطينيون والعرب وتوافق عليه الـمجتمع الدولي.
وأكد سمو أمير دولة قطر أن استمرار الأزمات التي تواجه بعض الدول الشقيقة في ليبيا واليمن وسوريا ولبنان والسودان، تشكل خطرا على السلام الاجتماعي ووحدة هذه الدول وشعوبها، داعيا جميع الأطراف الـمتنازعة في تلك الدول إلى تغليب الـمصلحة العليا للأوطان على الفئوية بكافة أشكالها، وتجنيب الشعوب العنف والاقتتال والاحتكام إلى الـحوار لـحل الـخلافات وتحقيق تطلعات شعوبها في الأمن والاستقرار والتنمية.
إثر ذلك ألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، كلمة قال فيها: ” حينما وضعَ أصحاب الجلالة والسمو آباؤنا المؤسسون – رحمهم الله -، لبناتِ المجلس، ونصب أعيّنهم طموحٌ نقيس وزنه بالجبال، فمضت مسيرتنا المبجلة تحقق نجاحًا تلو النجاح، كما كان أمام مرمى بصرهم الثاقب مخاطر وأزمات تحدّق بدولنا، فنهضوا بهذا المجلس العظيم بقوامٍ من التعاون لمجابهة هذه التحديّات، وها نحن اليوم نجد أنفسنا محاطين بشدائد شاخصة، خاصة ما نشهده من جرائم دموية جسيمة تقترف بحق الشعب الفلسطيني في غزة”.
وأضاف ” إنه لمن المهم بمكان الإشادة بمواقف دول مجلس التعاون الراسخة والثابتة لنصرة الشعب الفلسطيني، تلك المواقف التي أسهمت في تخفيف معاناة هذا الشعب الشقيق، لا سيما وأن هذه المواقف الخليجية تأتي استكمالاً للمواقف السابقة لدول مجلس التعاون، واستسمحكم أصحاب الجلالة والسمو والمعالي بأن أعيد التأكيد للعالم أجمع على ما تضمنه أول بيان ختامي للمجلس الأعلى صاغته ألبابٌ حكيمة، في 26 مايو 1981 بمدينة أبوظبي، حيث جاء في بيان أصحاب الجلالة والسمو المؤسسين لمجلس التعاون – رحمهم الله – ما يلي، وأقتبس “أن ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الاوسط الأمر الذي يؤكد على ضرورة حل قضية فلسطين حلا عادلا يؤمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيه حقه في العودة إلى وطنه وإقامة دولته المستقلة ويؤمن الانسحاب الاسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي طليعتها القدس الشريف” .
وأكد معاليه خطورة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته، داعياً المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته والعمل أولاً على ضمان وقف فوري لإطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين، بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة ويحمي المدنيين، مشيداً في هذا الصدد بمستوى التنسيق العالي والمستمر بين أصحاب السمو والمعالي والسعادة أعضاء المجلس الوزاري حول هذا الموضوع، وما واكب هذا التنسيق من جهود متميزة تمكنت من حشد الدعم الإقليمي والدولي بهدف نصرة الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه .
وقال” لقد حققت منظومة دول مجلس التعاون وبفضل السياسات الحكيمة والمتوازنة التي تتبناها دولنا، مكانةً إقليمية ودولية رفيعة المستوى، وأمست منظومتنا قِبلةً للعديد من الدول والمنظمات التي ترغب في توطيد علاقاتها مع دول المجلس، والدخول في شراكات استراتيجية وإياها، حيث إن الأمانة العامة وبالتنسيق المباشر مع دول مجلس التعاون، تعمل بشكل دؤوب محتفظة بتركيزها على تحقيق مصالح وأهداف دول المجلس لتعزيز الشراكات مع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، متطلعين أن تُشيد جسورا جديدة للتواصل، وتمهّد لروافدٍ متينة للتعاون، وتُرسخ المكانةً المرموقةً لمنظومة مجلس التعاون على المستويين الإقليمي والدولي”.
وأوضح أن المجلس سيناقش في هذه الدورة العديد من الملفات المهمة التي تهدف إلى تعزيز المشاريع الخليجية المشتركة، وتوطين رأس المال الخليجي وتكامل خارطة الصناعات الخليجية، ومشاريع الأمن المائي والغذائي وأمن الطاقة، والتعامل مع التحديات البيئية، وتفعيل دور القطاع الخاص الخليجي، والدفع بمتطلبات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتعزيز أولويات التعاون والتنسيق السياسي والاقتصادي والتنموي والأمني والعسكري، وتقوم الأمانة العامة عبر آليات متابعة العمل الخليجي المشترك بمتابعة هذه الملفات الحيوية والهامة.
وعبر معاليه عن تهنئة الأمانة العامة للمجلس، للمملكة العربية السعودية بمناسبة فوزها في استضافة معرض الرياض إكسبو 2030. كما هنأ دولة الإمارات العربية المتحدة على نجاح مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، ودولة قطر على نجاح استضافتها لإكسبو الدوحة للبستنة 2023، لتضاف هذه السلسلة من الفعّاليات المهمة إلى مصاف الأحداث الإقليمية والدولية المحورية التي تحتضنها دول مجلس لدول الخليج العربي.
وبعد انتهاء الجلسة الأولى انضم فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية لقادة الدول في صالون الاستقبال.
وقبيل بدء أعمال الجلسة الثانية التقطت الصور التذكارية.
عقب ذلك بدأت أعمال الجلسه الثانية، ثم صدر إعلان الدوحة والبيان الختامي للدورة الـ 44 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وضم وفد المملكة الرسمي، صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل بن عبدالعزيز وزير الرياضة، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع، وصاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، وصاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني الدكتور مساعد بن محمد العيبان.