أكد صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، على المسؤولية التي تقع على المتخصصين بالتاريخ في تعريف الأجيال الحالية بماض الوطن الغالي، وما بذله الآباء والأجداد من تضحية كبيرة، وتسليط الضوء على المحطات الزمنية في تاريخ المملكة، مبيناً أن هذا الكيان – المملكة العربية السعودية -، لم يأتي بسهولة وإنما جاء بعد معاناة وتوحيد ولم الشتات.
جاء ذلك، خلال رعاية سمو أمير منطقة القصيم مساء أمس، ندوة بعنوان “ذكرى التأسيس.. في حياة أمة”، بمشاركة عدد من المتحدثين المتخصصين وذلك بقاعة الدرعية بإمارة منطقة القصيم، بحضور صاحب السمو الأمير متعب بن فهد الفيصل وعدد من المسؤولين والمواطنين.
وأورد سمو أمير منطقة القصيم خلال الندوة استشهادا بالدور البطولي لأئمة الدولة السعودية في مرحلة التأسيس، حيث ذكر سموه قصة استشهاد الإمام عبدالعزيز بن محمد – رحمه الله – في المسجد، حينما كان يؤم المصلين في الدرعية على يد أحد أعداء الدولة من خارج الجزيرة العربية.
كما تطرق سموه إلى قصة أخرى في هذا السياق تمثلت في عرض الإمام عبدالله بن سعود – رحمه الله – تسليم نفسه مقابل الحفاظ على أرواح أهل الدرعية وسلم نفسه ولكن قائد القوات العثمانية لم يف بوعده.
وأشار سمو أمير منطقة القصيم، إلى أهمية مناسبة يوم التأسيس التي نستشعر فيها ما تحقق للمملكة من أمن وأمان واستقرار وتطور وازدهار بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ـ حفظهما الله ـ ، لافتاً النظر إلى أن ذكرى يوم التأسيس تؤكد على الإرث التاريخي المشرف لبلادنا والعمق التاريخي للوطن، داعياً سموه الله العلي القدير أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأن يديم على وطننا نعمة الأمن والأمان وأن يرزقنا شكر نعمته.
وخلال الندوة تحدث أستاذ التاريخ بجامعة الملك سعود الدكتور محمد العبداللطيف عن ارتباط وادي حنيفة بأحداث بارزة في تاريخه، خاصة لكونه يتميز ببيئة طبيعة فريدة بتربتها الخصبة ومياهه العذبة ووجود عدد من الأقوام كطسم وجديس، وفيما بعد أصبحت حجر كبيرة ومركزًا مهماً، مشيراً إلى أن تأسست قربها عدد من المدن الأخرى على ضفاف وادي حنيفة ومنها غبراء التي تقع شمال حجر وقريبة من مواقع الدرعية الحالي وأصبح بنو حنيفة لهم السيادة على ضفتي الوادي لقرون طويلة.
وأوضح العبداللطيف أن دولة المدينة في الدرعية عملت على الحفاظ على المكتسبات التي بدأها الأمير مانع المريدي واستطاعت تحقيق نجاحات متنوعة وإثبات وجودها ونفوذها ودورها في المنطقة، التي امتدت لثلاثة قرون، بلغت بها للوصول إلى مرحلة التحول من دولة المدينة إلى دولة ذات فكر مرتبط بالوحدة وقائمة على الأمن والاستقرار، وهذا ما تحقق على يد الإمام المؤسس محمد بن سعود – رحمه الله -.
كما تحدث الباحث التاريخي الدكتور عبدالله الزازان، عن دور الملك عبدالعزيز – رحمه الله -، حيث أشار إلى أن يوم التوحيد هو امتداد ليوم التأسيس ويجر بصورة منطقية للحديث عن الملك عبدالعزيز الذي كان هو العزيمة الواثبة وراء قيام المملكة العربية السعودية كما يعرفها الناس اليوم، مبيناً أن الملك عبدالعزيز قد أدرك بأنه ليس هنالك حل لمشاكل الجزيرة العربية إلا عن طريق فرض الوحدة وبناء مجتمع متجانس يقوم على العقيدة الإسلامية تتقارب فيه القيم والمبادئ والتقاليد، لافتاً إلى أن التوحيد لم يكن أمًرا سهًلا بل كان عمًلا مضنيًا استغرق ثلاثين عاًما من 1902م إلى 1932م.
وأفاد الزازان أن الملك عبدالعزيز بالإضافة إلى عبقريته العسكرية المعروفة كان ذا حس سياسي عال، إذ أنه لم يتوقف عند مجرد التوحيد بل توجه فوراً لتثبيت كيان الدولة بحيث يصبح لها وحدة حضارية تواصل بها الرسالة التي قامت بها الجزيرة العربية قديما في حياة البشرية ولذلك كان الملك عبدالعزيز فخوراً وشاكراً لله على توحيد الجزيرة العربية بعد شتات وفرقة.
وشهدت الندوة عدداً من المداخلات للمتخصصين في التاريخ الذين أثروها بالمعلومات التاريخية عن تأسيس المملكة العربية السعودية .