تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية، اختتم مؤتمر “مبادرة القدرات البشرية” أعماله أمس الخميس 29 فبراير 2024 في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، والذي عقد على مدار يومين، بحضور أكثر من 10 آلاف مشارك من أكثر من 100 دولة، وأكثر من مليونين مشاهدة للبث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة أكثر من 250 متحدثاً في 100 جلسة نقاش وحوار وكلمات رئيسية، وشهد توقيع مايزيد على 50 مذكرة تفاهم، واتفاقية لتعزيز التعاون العالمي المشترك في تنمية القدرات البشرية.
انطلقت أعمال اليوم الثاني، بكلمة رئيسية لمعالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، بعنوان: “شؤون الاستثمار.. الدور الحيوي للاستثمار في خلق اقتصادات جاهزة للمستقبل”، أكّد فيها أنّ الاستثمارات تدفع القوة العاملة لاكتساب مهارات جديدة، وتطوير المواهب، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة، مشيرًا إلى أنّ هناك علاقة تكاملية قوية بين الاستثمار والقدرة البشرية، وأنّ هذه الديناميكية ليست جديدة على المملكة، فمنذ أكثر من 90 عامًا والمملكة رائدة في قطاع الطاقة.
وشارك معالي وزير التعليم، الأستاذ يوسف البنيان في الجلسة الوزارية بمشاركة عدد من وزراء التعليم حول العالم، بعنوان “تسليط الضوء على التعليم” واستعرض خلالها المشاركون من أصحاب المعالي والسعادة عدة محاور, تركزت حول التحديات التي تواجه المشرعين وأصحاب القرار والسياسات التعليمية في تحويل البرامج والمؤسسات التعليمية وإعادة هيكلتها لإحراز التقدم والتطوير للأنظمة التعليمية في البلدان وعلى مستوى العالم.
وناقشت الجلسة مدى مرونة تلك الأنظمة للعزم قدماً وبتسارع جيد نحو التطورات المستقبلية لرأس المال البشري، والعناصر الرئيسية في ضبط جودة التعليم ، والتأكد من موثوقية حجم البيانات ودورها في تنمية المهارات الاجتماعية والرقمية.
وألقى وزير الاقتصاد والتخطيط معالي الأستاذ فيصل الإبراهيم كلمة رئيسية، قال فيها إن القدرات البشرية والاستثمار فيها جزء حيوي من عمل السعودية، وهي في قلب صناعة السياسات، مضيفاً أنه “في عصر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة نشهد نقلة نوعية تشكل تحدياً كبيراً في حياتنا”، مشدداً على أن “الجيل القادم يجب أن يكون جاهزاً بالمعارف والمهارات”.
ولفت معاليه الانتباه إلى أن الاستثمار الموسع في قطاع التعليم يؤتي بثماره، وأن المملكة تقدمت في عام 2022 في 20 مجالاً في البحث والتطوير والتقنية، وكذلك ارتقت 9 مراتب في مجالات مختلفة، وانتقلت إلى المرتبة 31 في ترتيب الجامعات العالمية في 2021، كما أن سبعة من الجامعات السعودية كانت في ترتيب شنغهاي للمواد الأكاديمية في 2022.
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لبرنامج تنمية القدرات البشرية، المهندس أنس المديفر في جلسة بعنوان: “تطوير وإعادة تأهيل مهارات القوى العاملة وتنمية قدراتها كأولويات إستراتيجية عالمية”، إلى أن التقنية تحدث تغييرات كبرى في أسواق العمل، وأننا نعمل على أن يكتسب المواطن السعودي المهارات اللازمة للمنافسة عالمياً، منوهاً بوجود عدد من المبادرات والبرامج السعودية في تنمية القدرات البشرية، تشمل تطوير وإعادة تأهيل المهارات، والاستثمار في تنمية المهارات الشخصية والرقمية، بما يسهم في توفير قدرات بشرية مرنة قابلة للمنافسة عالمياً.
وشهد اليوم الثاني للمؤتمر توقيع العديد من الشراكات والاتفاقيات الإستراتيجية، حيث أعلنت العديد من الجهات والمؤسسات الحكومية عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم رائدة في مجالات تخصصها، ومن أبرزها: مذكرة التفاهم بين برنامج تنمية القدرات البشرية وشركة لينكد إن؛ لدعم السعوديين في تطوير المهارات الشخصية، وتوجيه تخطيطهم المهني، وإطلاق وزارة التعليم لـ “التأشيرة التعليمية”، وإعلان وكالة الأنباء السعودية عن إنشاء أكاديمية متخصصة، تعمل على تسهيل نقل المعرفة الإعلامية، استناداً إلى أفضل الممارسات الدولية المتبعة بالتعاون مع سكاي نيوز عربية، بالإضافة إلى اتفاقية جمعت وزارتي التعليم والاستثمار وجامعة أريزونا الأمريكية ولونغونغ الأسترالية.
وجاءت هذه الاتفاقيات استكمالاً لما شهده اليوم الأول من اتفاقيات أخرى، حيث أطلق معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، إستراتيجية تنمية القدرات البشرية في قطاعي الصناعة والتعدين، والأكاديمية الوطنية للصناعة، وأعلنت وزارة التعليم عن إنشاء مركز وطني للمناهج كجهة مستقلة تتكامل فيها أدوار القطاعات الحكومية.
كما شهد اليوم الأول، إعلان مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية “كابسارك” عن إطلاق كلية كابسارك للسياسات العامة، لتقديم برامج تعليمية متخصصة في السياسات العامة وقادة المستقبل سنوياً، لتحقيق رؤية السعودية 2030، بالإضافة إلى اتفاقية أخرى موقعة بين الهيئة الملكية لمدينة الرياض وجامعة IE لإطلاق مركز IE في مدينة الرياض؛ بهدف توفير التدريب المتخصص في ريادة الأعمال والقيادة والابتكار والإبداع والاستدامة والمهارات التقنية.
واختتم المؤتمر، بكلمة من معالي وزير التعليم، رئيس اللجنة التنفيذية لبرنامج تنمية القدرات البشرية، قال فيها: “نحن ممتنون لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ورئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية، على دعمه لمبادرة القدرات البشرية، وبفضل رؤيته، وشغفه بالتنمية البشرية، وقيادته، نجتمع جميعاً هنا اليوم”.
وأعرب معاليه عن تقديره للمتحدثين والمشاركين، الذين كانوا جزءاً من النجاح في أول منصة عالمية لتنمية القدرات البشرية، مشيراً إلى ماحققه المؤتمر في يومي انعقاده من توسيع نطاق التأثير من خلال مشاركة أفضل الممارسات وإشراك أصحاب المصلحة من جميع الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي، ومعالجة التحديات التي تعيق تنمية القدرات البشرية من خلال المناقشات حول السياسات والحلول المبتكرة، واستعراض قصص النجاح في القدرات البشرية وتأثيرها على حياة الأفراد.
يذكر أن معاليه افتتح أعمال المؤتمر في اليوم الأول، بكلمة قال خلالها ” إنَّ مبادرة القدرات البشرية تعكس التزام المملكة العربية السعودية بإثراء الحوار الدولي، ودعم وتعزيز الإجراءات والحلول العملية بما يسهم في وضع أجندة عالمية مستدامة لتنمية القدرات البشرية.
تلاها مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بكلمة قال فيها “إنَّ عالمنا يتغير، ولا بد أن نتكيف مع المتغيرات العالمية، وأنَّ التقدم التقني والمتغيرات في سوق العمل، تقودنا إلى مواكبة التحول في أنحاء العالم”.
بعدها أشار صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة, في كلمة رئيسية، لأهمية تحقيق الإستراتيجيات والمستهدفات وتنمية الموارد البشرية، مؤكداً أنَّها المعيار الأمثل لقياس تطور المجتمع، ونوه بأهمية التركيز أكثر على التخطيط الشمولي وبناء القدرات.
وكان المؤتمر قد شهد مشاركةً دوليةً واسعة، عبر 4 منصات متنوعة لإثراء الحوار العالمي حول تنمية القدرات البشرية، حيث شهد منصة التحول، مشاركة فاعلة من شركاء المعرفة في جلسات نقاش عديدة في مختلف المجالات، وبالإضافة إلى منصة الاستعداد للمستقبل، كانت منصة الحوار وجهة لقادة الرأي ورؤساء الشركات وصناع السياسات لمناقشة الاستعداد للمستقبل، فيما شهدت منصة النجاح، استعراضاً لقصص نجاح نماذج سعودية منافسة عالمياً.