استطاع أن يحولها من منطقة جرداء إلى واحة حضرية تحتضن على أرضها الأحياء السكنية والمنشآت التنموية ، بعد أن كانت قبل توحيد المملكة ممراً لعبور القوافل التجارية القادمة إلى منطقة الحجاز .
ويأتي اليوم الوطني الـ 89 للمملكة ،لنستحضر ً مكانة أبرق الرغامة ومخزونها التاريخي ، إذ عسكر على أرضها الملك المؤسس مع رجاله للدخول إلى جدة التي أعلن فيها في شهر جمادى الآخرة من عام 1344هـ الموافق 25 ديسمبر 1952م أن بلد الله الحرام في إقبال وخير وأمن وراحة وأنه مضى يوم القول .. ووصلنا إلى يوم البدء في العمل ، لتتحقق رغبته -رحمه الله- في استتباب الأمن في منطقة الحجاز ، وتأمين قدوم الحجاج والمعتمرين إلى الأراضي المقدسة .
وبدأت بفضل الله تعالى ثم بهذه العناية ، من الملك عبدالعزيز –رحمه الله- معالم النهضة الكبرى للبلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ، وتصبح جدة بوابة الحرمين الشريفين الذي يفد إليها زوار بيت الله الحرام ، والوجهة السياحية لعشاق البحر الأحمر ، حيث كانت منطقة أبرق الرغامة قبل توحيد المملكة أرضاً جرداء قاحلة وأصبحت اليوم جزءاً من مدينة جدة وامتد إليها العمران وأنشئت فيها المراكز الحضارية والتجارية والمؤسسات الحكومية ولعل جاذبية الاسم المستمد من طبيعة الأرض الجغرافية يتناغم مع مفهوم تاريخ المملكة العربية السعودية .
واهتمت أمانة محافظة جدة بأبرق الرغامة إحدى المواقع الجغرافية المهمة شرق مدينة جدة ، حيث ربطت إنشاء مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بمحافظة جدة بأبرق الرغامة كعلامة مشرفة في تاريخ المملكة عامة ومدينة جدة على وجه الخصوص فقد أنشئ المبنى على مساحة كبيرة بغرض توثيق وتسجيل مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ الدولة السعودية الحديثة ، فيما وضعت أمانة محافظة جدة في برامجها أن يكون هذا المركز نقطة جذب للزائرين من داخل البلاد وخارجها وأن يكون منبعا للثقافة والتنوير بماضي المملكة وحاضرها ومستقبلها .
وتصل سعة هذا المركز الداخلية إلى 1200 كرسي مع وجود أربع قاعات داخلية كبيرة للمحاضرات وصالات العرض الثقافية والتعليمية ، وتوظف هذه العناصر لإقامة العروض التاريخية والتي تغطي تاريخ المملكة ومراحل توحيدها وانجازاتها الحضارية وتم استغلال الساحات المكشوفة الخارجية من المركز لعرض المجسمات عن آثار المملكة المشهورة ومعالمها التراثية والمعمارية .
وقد شيد المبنى بطرازه المعماري على هضبة مرتفعة في أعلى نقطة من أبرق الرغامة ويحتضن معلم تذكاري عبارة عن مجسم عليه علم المملكة وفي داخله مصعد ويتم تحريك العلم بشكل دائري عن طريق الهيدروليك ويشتمل المبنى على مسرح كبير للمحاضرات والفعاليات الثقافية والتعليمية مجهز بمختلف التجهيزات الخاصة لاستضافة المناسبات من معارض ومؤتمرات وندوات .
ويعود المعنى اللغوي لـ أبرق الرغامة من الأبرق ويعني البرقاء وهي حجارة ورصل مختلطة وكل شي خلط بلونين فقد برق أي لمع والبرقة أرض وحجارة وتراب الغالب عليها البياض وفيها حجارة حمر وسود والتراب أبيض وأحمر أي برق بلون حجارتها و ترابها وفي مثل هذه الأراضي تظهر حولها وعلى أطرافها نباتات وأشجار ويكون إلى جوارها الروض، وهو عشب أخضر يصلح للرعي بعد سقوط الأمطار، وهناك أمكنة عديدة في جزيرة العرب تساق إلى اسم أبرق ومنها هذا المسمى أبرق الرغامة .
كما أن الرغامة اسم قديم ينطبق وصفه على طبيعة الأرض والموقع معروف منذ القدم لكونه ممر لطرق القوافل المتجهة من جدة إلى مكة المكرمة كما يطلق لفظ الرغامة على المسافات التي تجتاز الأراضي الرملية في الحجاز .
وويقع وادي الرغامة شرق جبل أبرق الرغامة بمسافة 14 كيلو متراً تقريباً ، ويحتوي الوادي على عين للمياه تشتهر بعذوبتها، ويعد مناخها مختلفاً عن الأحياء الموجودة داخل المدينة بسبب بعدها عن البحر ومجاورتها للجبال، كما تم إنشاء متحف عن منطقة أبرق الرغامة ومكانتها في مسيرة التوحيد للملك عبد العزيز على مساحة 150 ألف متر مربع لتجسيد هذا الموروث الثقافي التاريخي .