بين المهندس رياض بن حسين الفقيه مدير عام المركز الوطني للثروة السمكية أن الطحالب كنز أخضر ولها دورًا فعالًا في قيام صناعات متقدمة لإنتاج المواد الطبية والتجميلية، وإنتاج المكملات الغذائية وغيرها من المواد ذات القيمة المضافة العالية، وكذلك توفير فرص عمل جديدة، فضلًا عن خفض التأثيرات البيئية الضارة الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال استهلاك كميات كبيرة من هذا الغاز في استزراع الأعشاب البحرية، مؤكدًا أن الميز النسبية التي تحظى بها المملكة تميزها عن غيرها من بلدان العالم لعمل خطوات وقفزات تجارية مهمة في هذا المجال.
وأوضح ” الفقيه” أن صناعة الطحالب تكتسب أهمية خاصة في المملكة، بوصفها برنامجًا حيويًا اقتصاديًا يسهم في تحقيق الاستدامة لقطاع صناعة الأعلاف، وتقليل التكاليف وتحسين جودة الأعلاف المستخدمة في القطاعات الزراعية كافة.
حيث تملك المملكة لا سيماء في البحر الأحمر تنوع هائل من الأعشاب البحرية التي تشكل مورد طبيعي هام والتي قد تدخل في صناعات عديدة كالأعلاف والاسمدة والمنتجات الكيميائية (الآجار ) والصيدلانية والطبية والزراعية إضافة الى استخدامات مباشرة في تغذية الانسان والحيوان.
واكد ان خطة المملكة لزراعة الطحالب وإنتاجها على نطاق صناعي تتوافق مع أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال زيادة أمنها الغذائي المحلي وتقليل اعتمادها على الأعلاف والمواد الخام المستوردة.
حيث تهدف تلك المشاريع إلى توفير المواد الخام لتغذية المواشي وتقليل الاعتماد على استيرادها من خارج المملكة، تحقيقاً للأمن الغذائي والزراعي المستدام في المملكة ، فالمملكة تستورد حالياً معظم المواد الخام التي تحتاجها لإنتاج الأعلاف الحيوانية – البروتين والدهون والكربوهيدرات – من دول مثل البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن مع الأبحاث الرائدة التي نفذت في المملكة يمكن أن تصبح الطحالب الدقيقة المنتجة محلياً بديلاً عن 13 مليون طن من مواد الأعلاف المستوردة التي يُتوقع أن تحتاجها المملكة سنوياً بحلول عام 2030.
وبين أن هذه المبادرات تساهم في تحقيق هدف ثالث لرؤية 2030 وهو تحسين مهارات القوى العاملة في المملكة العربية السعودية وتنويع اقتصادها.
بالإضافة إلى توسيع نطاق العمليات لضمان نجاح إنتاج الطحالب تجارياً، واشار الى ان المراكز المتخصصة في ” كاوست” مثلا تقدم تدريباً عملياً في كل من إنتاج الطحالب والاستزراع المائي للجيل القادم من المتخصصين والمهنيين السعوديين
و اضاف ان المركز الوطني للثروة السمكية قد قام بإجراء اول مسح ساحلي لاكتشاف اهم أنواع الأعشاب البحرية (الطحالب الكبيرة ) في البحر الأحمر ودراستها بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووقع الاختيار على نوعين من الأعشاب البحرية وهما Ulva lactuca (من الطحالب الخضراء ويسمى خس البحر) و Gracilaria arcuata (احد أنواع الطحالب الحمراء) وتركزت الدارسة التي استمرت عامين خلال الفترة 2009 و2010 و 2011 على الاستفادة من معالجة مياه صرف استزراع اسماك البطي البحري Oreochromis spilurus ودراسة معدل النمو في كتلة الطحالب إضافة الى تحليل كمية البروتين الموجودة في الوزن الجاف من هذه الطحالب لإمكانية ان يتم استخدام هذا الطحالب في صناعة الاعلاف.
يأتي ذلك ضمن الجهود الوطنية في سبيل تطوير قطاع الاستزراع المائي في المملكة والاستفادة من الموارد البحرية المتاحة ، سعت المملكة منذ سنوات لتطوير ونقل تقنيات إنتاج وتصنيع الأعشاب البحرية (Seaweed) وقد كانت المملكة عقدت ممثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة عدد من اتفاقيات التعاون مع دول رائدة في هذا المجال مثل هولندا وأقيمت العديد من ورش العمل المتخصصة التي استقطبت خبراء وشركات دولية معنية بإنتاج الأعشاب البحرية.
وقد حققت تلك الدراسات نتائج إيجابية ومشجعة لإمكانية استزراعها في المملكة بكميات تجارية ، وأن إنتاج الطحالب الدقيقة هي تقنية مجدية ومستدامة وموثوقة للمملكة ليس فقط لإنتاج المواد الخام لتغذية الحيوانات، ولكن أيضاً لعزل ثاني أكسيد الكربون، والمعالجة الحيوية للمياه العذبة والمياه قليلة الملوحة، والأهم من ذلك، مياه البحر، وحتى إنتاج مستقلبات عالية القيمة يمكن استخدامها في صناعات تتراوح من علف الحيوانات إلى الأدوية”.