أكد ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، أن إيران هي السبب الرئيس في استمرار الحرب باليمن، وقال إنه إذا أوقفت طهران دعمها لميليشيا الحوثي سيكون الحل السياسي سهلًا للغاية.
وقال ولي العهد إن الهجوم الإرهابي على معامل شركة «أرامكو» في بقيق وخريص استهدف قلب إمدادات الطاقة العالمية، وليس السعودية فقط، واصفًا ما حدث بأنه «حماقة».
وتناول ولي العهد في حوار مع قناة «cbsnews» الأمريكية، بثته فجر اليوم الاثنين، عددًا من القضايا الكبرى، وفي مقدمتها تصاعد التهديدات الإيرانية لإمدادات النفط العالمية وسبل الحل المتاحة للأزمة في اليمن، وصولًا إلى محاكمة المتهمين بقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وبرَدٍ قاطع، نفي ولي العهد أي علاقة له بقتل جمال خاشقجي، وقال: « بلا شك لا»، مضيفًا أنها «كانت جريمة بشعة لكني أتحمل المسؤولية الكاملة عنها كقائد في المملكة خاصة أن من ارتكبها كانوا مسؤولين يعملون لصالح الحكومة».
وأوضح ولي العهد أن مسؤوليته تتمثل في أن هذه الجريمة وقعت بحق أحد مواطني المملكة على يد مسؤولين يعملون لدى الحكومة، وقال: « كقائد عليّ أن أتحمل المسؤولية وأن اتخذ كافة الإجراءات لمنع تكراراها في المستقبل.. كان ذلك خطأ».
وفسر الأمير محمد عدم علمه بهذه الجريمة، بالإشارة إلى أن هناك ثلاثة ملايين من الموظفين الحكوميين في السعودية، وأن معرفة ما يقومون به يوميا أمر مستحيل.. وقال: «مستحيل أن يرسل ثلاثة ملايين موظف تقارير يومية إلى رؤسائهم في الحكومة السعودية».
وسألت القناة ولي العهد: «اثنان من مستشاريك المقربين متهمان بتخطيط العملية تم طردهما من قبل الملك وإزالتهما من الدائرة المقربة لك؟»، فأجاب: «التحقيقات جارية وفور ثبوت التهم ضد أي شخص سيتم تقديمه إلى المحكمة دون استثناء أيا كان وظيفته».
وردًا على مزاعم بوجود معلومات أمريكية عن علاقته بقتل خاشقجي، قال ولي العهد: «هناك معلومات مغلوطة.. لا يوجد أي بيان رسمي من الحكومة الأمريكية في هذا الشأن أو دليل واضح على أن أشخاصًا مقربين مني هم من قاموا بها.. هناك تهم يتم التحقيق بها.. ومجددا، لا يمكنك تخيل الألم الذي نشعر به، خاصة الحكومة السعودية، من جريمة مثل تلك».
وتابع ولي العهد: «أرجو تقديم مثل هذه المعلومات.. وأرجو إعلان أي أدلة تدينني في العملية»، مؤكدًا أن الصحفيين لا يشكلون أي تهديد للمملكة، وإنما التهديد الحقيقي ينبع من تصرفات كتلك ضد الصحفيين».
وقال ولي العهد: «بشعة تلك الجريمة التي حدثت داخل القنصلية السعودية»، مشددًا على أن العلاقة مع الولايات المتحدة أكبر من ذلك بكثير «دورنا هو العمل ليل نهار على تخطي ذلك وضمان مستقبل أفضل بكثير من أي شيء حدث بالماضي».
وتحدث ولي العهد عن الهجوم الإرهابي على «أرامكو»، التي وصفتها المذيعة بقلب صناعة النفط السعودية، فقال إن «هذا الهجوم لم يستهدف قلب الصناعة النفطية السعودية بل قلب إمدادات الطاقة العالمية.. فقد تسبب في فقدان 5.5% من احتياجات الطاقة العالمية.. احتياجات الولايات المتحدة والصين ..والعالم بأسره».
وحول عدم قيام المملكة بمنع هجوم مثل ذلك، قال ولي العهد: «السعودية بحجم قارة وهي أكبر من شرق أوروبا.. لدينا تهديدات من 360 درجة ومن الصعب تغطية كل تلك المساحة بالكامل».
ووصف الأمير محمد الهجوم بأنه «حماقة»، مؤكدًا أنه بلا هدف استراتيجي، وقال: «فقط الأحمق من يستهدف 5% من إمدادات الطاقة العالمية.. الهدف الاستراتيجي الوحيد هو إثبات أنهم حمقى وهذا ما فعلوه».
واتفق ولي العهد مع قول وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأن ما فعلته إيران تصرف حرب، منوهًا إلى أن «المنطقة تقدم تقريبا 30% من إمدادات الطاقة العالمية.. 20% من مسارات التجارة العالمية و40% من إجمالي الإنتاج المحلي العالمي»، وقال إن «حدوث أي اضطراب في تلك النواحي الثلاث… الاقتصاد العالمي سينهار بالكامل.. وليس فقط السعودية أو دول الشرق الأوسط».
وأكد ولي العهد أنه «إذا لم يقم العالم باتخاذ موقف قوي حازم ضد إيران؛ سنرى مزيدا من التصعيد يهدد مصالح العالم ويعرقل إمدادات الطاقة، كما ستقفز أسعار النفط إلى مستويات كبيرة لم نرها في حياتنا».
وحول إمكانية اللجوء للحل العسكري في مواجهة إيران، قال ولي العهد إنه لا يتمنى ذلك، مؤكدًا أن «الحل السياسي والسلمي أفضل بكثير من الحل العسكري»، وقال إنه يجب أن يجلس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الإيراني حسن روحاني لوضع اتفاق جديد، لكنه استطرد موضحًا أن «هذا ما يطالب به الرئيس ترامب وهو ما نطالب به.. الإيرانيون هم من لا يريدون الجلوس إلى الطاولة».
وانتقل ولي العهد للحديث عن الوضع باليمن ، فقال إنه «إذا أوقفت إيران دعمها لميليشيا الحوثي سيكون الحل السياسي سهلًا للغاية»، مضيفًا: «اليوم نفتح كل المبادرات أمام الحلول السياسية في اليمن ونأمل أن يحدث ذلك، اليوم، بدلا من الغد».
وردا على السؤال: «هل تقول اليوم إنكم مستعدون للتفاوض وإنهاء الحرب في اليمن؟»؛ قال الأمير محمد :«نقوم بذلك كل يوم.. لكن نحاول أن نعكس هذا النقاش إلى تنفيذ فعلي على الأرض.. نعتبر إعلان الحوثي منذ أيام وقف إطلاق النار من جانبهم خطوة إيجابية من أجل حوار سياسي جدّيّ».
وعن أسباب شعوره بالتفاؤل بعد خمس سنوات من الحرب في اليمن، قال ولي العهد: «كقائد عليّ أن أشعر بالتفاؤل يوميا.. إذا كنت متشائما عليّ إذًا ترك منصبي والعمل في مكان آخر».
وتناول ولي العهد بعض القضايا الأخرى، من بينها الرد على مزاعم جهات خارجية حول أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، وأكد أنه سيتولى شخصيًا متابعة حقيقة بعض المزاعم، مشددًا على ضرورة احترام الأنظمة السعودية.
وقال إنه يشعر بالألم لوجود انطباعات كاذبة عن المملكة لدى بعض من يشاهدون الصورة من وجهة نظر ضيقة للغاية، مضيفًا: «أقول: ليَقُم الجميع بزيارة المملكة ورؤية الأمر على أرض الواقع والحكم بأنفسهم».
وفي ختام الحوار، قال ولي العهد إنه لا أحد معصوم من الخطأ، منوهًا إلى أن «الأهم هو التعلم من تلك الأخطاء وعدم تكرارها».