ديننا الإسلامي دين المعاملة، وقد هذّب الإسلام أخلاقنا نحن المسلمين ، حيث أمرنا أن نتعامل مع كل فئات المجتمع ، بكل أجناسه ، وأعرافه، الذكر ، الأنثى ، الصغير ، والكبير، الغني ، الفقير ، العالم ، والأميّ الجاهل، المبصر ، والأعمى ، السوي ، وغير السوي .
وقدوتنا حبيبنا محمد - صلى عليه وسلم - .
يقول الله تبارك وتعالى فى سورة الأحزاب: «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا «21».
فقد كان ينزل الناس منازلهم
ومن ذلك موقفه مع والد أبي بكر
قبل أن يُسلم ، فقد ذكر الإمام ابن حجر في الإصابة أن النبيُّ صلى الله عليه وسلم لما دخل مكةَ فاتحاً، ودخل المسجدَ الحرام، أتى أبو بكر رضي الله عنه بأبيه أبي قحافة يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (هلاّ تركتَ الشَّيْخَ في بيته حتى آتيه؟) فقال: "يمشي هو إليك يا رسول الله أحق أن تمشي إليه"، فأجلسه بين يدي رسول الله، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: (أسلم تسلم)، فأسلم، وهنأ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر -رضي الله عنه- بإسلام أبيه.
عن مسلم في كتاب الصدقات: { أن عائشة رضي الله عنها وأرضاها جاءها فقير فأعطته درهماً، فجاءها رجل أحسن حالاً من الفقير الأول فأعطته ديناراً، فسئلت عن هذا فأجابت: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينزل الناس منازلهم }
يقول الإمام الشافعي كما في ترجمته في سير أعلام النبلاء : ما رفعت إنساناً فوق مقامه إلا حطني عن مقامي أو كما قال"
«ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حقَّ كبيرنا».
والله تعالى أوّل مَن أكّد على الفارق بين الناس بعضهم البعض، قال تعالى: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»..
وفي صحيح مسلم: عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ – رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ».
لما سئل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الناس، قال: (الناس ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا رجل، فأما الرجل، فذو الرأي والمشورة، وأما الرجل الذي هو نصف رجل، فالذي له رأي ولا يشاور، وأما الذي ليس برجل، فالذي ليس له رأي ولا يشاور.
تنزيل الناس منازلهم ، يؤلف بين المسلمين، ويرتق
صدع الفُرْقَةِ والتّفَرُّقِ ؛ فنعيش في وئام ، ومحبة واحترام ، بنيان واحد يشد بعضنا بعضا.
وذكر الشيخ العتيق قصة توضح أثر تزيل الناس منازلهم ، يقول الشيخ : أن هناك رجلاً كبيراً بالسن ، مهمة تطفيش أئمة مسجد الذي يقنطه، فكل ما جاء إمام المسجد طره ، إلا واحداً لم يتمكن من طره وإبعاده ، يا ترى ما السر ؟!
يقول هذا الإمام لما رآني ذلك الشيخ الكبير قال لا تستأجر سيكون مصيرك مثل من سبق من الأئمة، يقول فقلت له : أنا ما جئت لأكون إماماً للمسجد ، بل جئت لتكون أباً لي فأبي متوفى منذ زمن ، فنظر إليه ثم دمعت عيناه ، فرأيتها ولم يبدها لغيري خشية أن تهتز مكانته وكبريائه ، ويقول الإمام ثم أتيته بيته ومعي دلة القهوة وتمرات منتقاة من أجود أنواع التمور ، وثلاجة شاي ، فأجلسته وجلست ومكثت أقهويه ، وأنا تحت وهو فوق ، فرأيت مدى سعادته بذلك، ودعا لي بدعوات طيبة .
ومن ذلك اليوم أصبحت ولداً له وهو أب لي ، وإذا غبت يسأل عني ، وإذا تأخرت عن موعد إقامة الصلاة يقول للمؤذن انتظره حتى يجي بعد ساعة .
ما أعظمك ديننا الإسلامي !!
حيث أمرتنا أن ننزل الناس منازلهم .