أما عندما تتحدث هي فإن كل درجات السلم الموسيقي تنساب من حديثها، رقة وهدوءاً يجمع بين طراوة الكلمة وصدق الحديث وثقافة العبارة.. وهي لا تتحدث بمضامين شخصية وهموم فردية ، وإنما تنطلق مع كل هذا الإبهار فـي شخصيتها ومع كل هذا الحضور الطاغي فـي تركيبتها من منطلقات عامة تهدف إلى تعديل ما يمكن تعديله ، وإصلاح ما يمكن إصلاحه عبر تحسس الطفل البسيط المسكين ومشكلاته وبتلمس احتياجات الإنسان الضال الغارق فـي أهوائه وأخطائه ثم احتوائه، ومحاولة معالجة هذا السلوك ليعود منتجاً إيجابيا لمجتمعه أو عبر التعمق فـي شخصية تلك الوحيدة المظلومة المقهورة من زوج غادر أو أب قاسٍ أو أخ ظالم ، فتستمع إليها وتحنو عليها ، وتتبنى قضيتها حتى تعيدها إلى طريق الأمان والإنسانية والمودة.
امرأة تأسرك بخلقها وصدق حديثها ودفء عباراتها وعمق تفكيرها، وتتمنى نجاح كل تجارب وعمليات الاستنساخ حتى يمكن أن يظفر العالم بأمثالها ، ليس بإبداعها وحضورها ، وإنما بذلك السحر الأصيل الذي يعيش بين دواخلها وهو سحر الصدق والوفاء والإنسانية والعطاء الذي لا ينضب حتى صارت مضرب المثل فـي العطاء والإيثار ونكران الذات.
تحملت هذه الأنثى الكثير، فظروف الحياة لا تتعرض إلا للأنقياء والنجباء وأصحاب الضمائر الحية ، وهذه مقولة ليست مقبولة على إطلاقها، ولكنها تنطبق مع مثل شعبي عندما تكون هناك إنسانة صادقة مثقفة فـي محيط متسلط وهنا يقول المثل : ( يِدِّي الحلق للي ما لُوش ودان) ، بمعنى أن هذا الحلق المميز الرائع جاء من نصيب محيط ليس لـه آذان يتجمل به ، ومع ذلك تصبر وتتحمل كل المعاناة من أجل رسالة وهبت نفسها لها أكبر من ذاتها وطموحاتها ورغباتها ؛ لأنها لا تختصر حياتها فـي ذاتها ، وإنما حياتها للمحيط الكبير بجوارها ولهذا حققت هذه الأنثى كل الاحترام والتقدير والإعجاب ممن حولها.
كم نحن فـي مجتمعنا بحاجة إلى مثل هذه المرأة صاحبة الوجدان المرهف والعطاء الصادق ..! لأن المجتمع يختصر فـي أنثى معطاء تنكر ذاتها وتتحمل الكثير من أجل المحيطين حولها حتى تراهم شامخين متألقين .
فالاستمتاع بالحياة وجمالها مطلوب وضروري فـي ظل وقت قصير وعمر لا يعود ، وهذا لا يمنع من العطاء للآخرين ، ولكن لا تنسَ نصيبك من الدنيا.. استمتع بها.. وساعد الآخرين والمقربين على الاستمتاع بها.