يعبر مفهوم التربية عن مدى التطور في عقل الإنسان ومدى اتساع دائرة وعيه، وقد اهتم الكثير من العلماء والمفكرين بمفهوم التربية من أجل توضيح هذا المفهوم وبيان أثره على حياة الإنسان، ويرجع الاهتمام الكبير من قبل العلماء بالتربية إلى أنها تلعب دورًا محوريًا في تنمية الإنسان وبناء شخصيته، وتعرف التربية على أنها الغرض الاجتماعي الذي يهدف إلى التنشئة الاجتماعية التي تسعى إلى تأصيل المبادئ والقيم الاجتماعية التي تتوارثها الأجيال.
وقد اهتم الإسلام بالتربية اهتمامًا كبيرًا، فالتربية الإسلامية تهدف إلى تحقيق التكامل بين مختلف أبعاد الإنسان من جسد ونفس وروح، والتي تسهم في تهذيب الروح الإنسانية وتأديب النفس والارتقاء بعلاقة الإنسان مع ربه.
وتكمن أهمية التربية في أنها الأداة التي يمكن من خلالها تحويل الإنسان من كائن بيولوجي إلى كائن ناضج الشخصية قادر على إقامة العلاقات وإدارتها، وللتربية أهمية كبيرة فهي تجعل من الفرد مقبولًا اجتماعيًا ويحصل على الاستحسان بين أقرانه، وتساعد في التنشئة السليمة لأفراد المجتمع وتحسين أخلاقهم، كما تحافظ على سلامة المجتمع من الشرور والآفات الاجتماعية، وتنمي الصفات الحميدة لدى الأفراد وتحد من الصفات السلبية، وتكون الاتجاهات السلوكية الإيجابية في المجتمع.
وتتم عملية التربية ابتداءً من الأسرة التي تعتبر المكون الأساسي للمجتمع، وتلعب كل من المدرسة والمجتمع نفسه أدوارًا مختلفة ومهمة في التربية، ولم تكن التربية في الماضي من القضايا الحساسة والصعبة، إلا أن التحديات والتطورات المختلفة التي صاحبت عصرنا الحالي فرضت العديد من الصعوبات على التربية الصالحة والمفيدة للمجتمع، فقد أدت هذه التطورات إلى ظهور أساليب متعددة ومختلفة أثرت في التربية، فالتطور في وسائل الاتصال والتواصل على الرغم من أنه يسهم في توسيع آفاق الأبناء وتنمية قدرتهم على مواكبة مستجدات العصر والتعامل مع المشكلات العصرية، إلا أن فتح العالم أمامهم يمكن أن يكون له آثار سلبية على قدرة الأسرة والمجتمع على التعامل معهم وإيصال التربية السليمة إلى عقولهم وأذهانهم، ويرجع ذلك إلى أن القضايا المختلفة التي يتعرض لها الأبناء من خلال الوسائل الحديثة تؤثر على طبيعة تكوين شخصياتهم وخاصةً في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والدينية المختلفة التي قد تجعل من تربية الأبناء عملية معقدة.
وللتربية السليمة الكثير من الأسس التي يجب على المربين أخذها بالحسبان ومنها تقديم القدوة الحسنة، وتوفير السلام النفسي للأبناء، والمحبة والاهتمام، وتعليم الآداب بالإضافة إلى الحوار والتفاعل، والانضباط والنظام، وإتباع الأسلوب المناسب.
وتواجه مختلف فئات المجتمع في عصرنا الحالي الكثير من القضايا الأساسية التي تؤثر وتتأثر بالتربية، وتعتبر فئة الشباب من أهم الفئات التي تتأثر بمختلف القضايا المجتمعية، ويعتبر البطالة والفراغ والزواج والإدمان من أبرز القضايا المعاصرة التي تؤثر في الشباب بشكل خاص والمجتمعات الإنسانية بشكل عام.