تأسرك “تبوك” بجبالها الشامخة التي تروي قصص ساكنيها، وشواهدها التاريخية الضاربة في أعماق الأرض، وآثار الأمم التي استأثرت ببحرها وصحرائها وجبالها، منذ ما يزيد عن 500 عام قبل الميلاد، وعرفت تاريخيًا باسم (تابو) أو (تابوا)، وهي كلمة لاتينية تعني المكان المنعزل؛ نظراً لأنها كانت منعزلة عن شبه الجزيرة العربية شمالاً وعن بلاد الشام جنوبًا، وذكر تاريخيًا أنها كانت موطناً لأمم مثل ثمود، والآراميين والأنباط، تعرف اليوم بحاضرة الشمال منطقة تبوك تستأثر بقرابة 6% من التنوع الطبيعي في المملكة.
هنا تضرب موعداً مع التاريخ وآخر مع سحر الطبيعة، وإذا كنت شغوفًا بالآثار والحضارات القديمة ستجد عدد من النقوش الثمودية، ففي جبال الزيتة ستجد نقوش قديمة تعود إلى ما قبل الإسلام، وهي تحمل إرثا تراثيا وتاريخيا فريداً، يُضاف لها المواقع الأثرية التي تعود للعصور الحجرية، مثل موقعي “مصيون” و”أبو عجل”، وهو ما يجعلها وجهة السياح من المواطنين والمقيمين في موسم “شتاء السعودية” الذي أطلقته الهيئة السعودية للسياحة، والمستمر حتى نهاية مارس المقبل.
منحها هذا الموقع الجغرافي بُعداً تاريخياً تظهر آثاره في أماكن متعددة من نقوش وقلاع وآبار يعود بعضها لما قبل القرن السادس الميلادي لا سيما في محافظتي تيماء والبدع، وورد وصف تبوك في عدد من كتب الجغرافيين وجاء في معجم البلدان .
وخلال فصل الشتاء يتعانق التاريخ مع سحر الطبيعة بأبهى صوره في جبل اللوز أعلى جبالها ارتفاعًا بحوالي 2600 متراً فوق سطح البحر، حيث معايشة تساقط الثلوج على الجبل التي تمنحه وشاحاً أبيض يسحر زواره بجماله الأَخّاذ ووقارًا يليق بتاريخه الضارب في القدم، وتشير الآثار التي رصدت فيه إلى رسوم صخرية ونقوش متعددة ترجع لأكثر من 10 آلاف عام، ومن بين الرسوم أبقار وجواميس وصخور ذات بعد تاريخي كبير.
ولأن منطقة تبوك فريدة من نوعها في حاضرة الشمال بجمالها الطبيعي حيث جبالها الشاهقة التي تروى عراقتها التاريخية، وشواطئها البكر على امتداد 700 كم متر مثل “حقل” و”شرما”، التي تتميز بمياه شفافة وشواطئ نقية يتمتع زواره بالتنزه والاستمتاع وممارسة رياضة الغوص وصيد الأسماك.
تعد منطقة تبوك وجهة سياحية جاذبة على مدار العام، تستكشف فيها: مغاير شعيب، أو عيون موسى بالقرب من مقنا حيث تتدفّق الينابيع الطبيعية أسفل أشجار النخيل، أو منطقة طيب اسم المذهلة، وهي عبارة عن وادٍ من صخور الغرانيت المنحدرة يفصل بينه وبين خليج العقبة الفيروزي الطريق فقط.
وتتميز صحراء تبوك بلون رمالها الحمراء، ومنها “صحراء حِسْمَى” غرب مدينة تبوك، وتتخللها هضاب وجبال من الحجر الرملي تمنح الزائر تجربة التزلج على الرمال، والتجول بواسطة الدراجات النارية أو سيارات الدفع الرباعي، للتعرف على أسرار المكان والنقوش الثمودية التي تعود لأكثر من 2600 عام .
يذكر أن الهيئة السعودية للسياحة دشنت موسم “الشتاء حولك”؛ في أكثر من 17 وجهة سياحية، لتقديم ما يزيد على 300 باقة وتجربة سياحية، من خلال أكثر من 200 شركة من منظمي الرحلات والمشغلين السياحيين؛ لاكتشاف ما تحويه مناطق المملكة من تنوع جغرافي ومناخي جاذب خلال فصل الشتاء، يتراوح بين الأجواء المعتدلة اللطيفة والباردة، إلى جانب الاستمتاع بالأنشطة السياحية.