تحتل اللغة مكانة مرموقة في أي حضارة وتحظى بقدر من الاهتمام ؛ لأن قوة اللغة قوة للحضارة.
إن من الحقائق التي لا يمكن تجاهلها ، أن كل أمة تعتز بنفسها وبوجودها؛ لا بد أن تعتز بلغتها. لا يوجد من يفكر أو يحرم على الآخرين أن يعبروا عن مشاعرهم بلغتهم. إن من أبشع صور السيطرة على الآخرين هو مصادرة مشاعرهم في التعبير بمصادرة لغتهم.
والحق أن اللغة لدى الفرد هي الوسيلة بل أداة التفاعل، بين أفراد المجتمع ، وهي المستودع الذي يتراكم فيه تراث وخبرات الأجيال، وهي القناة التي من خلالها ينتقل التراث من جيل إلى آخر.
فاللغة لسان العقل وطريق الفكر ، اللغة والفكر عنصران متداخلان وفي إطار هذه العلاقة أشار ( أرسطوا ) قائلا ليست ثمت تفكير بدون صور ذهنية. لذا يؤكد "أدوار سايبر" أن اللغة أعظم قوة تجعل الفرد كائنا اجتماعيا.
اللغة مرآة تفكير الأمة ، وأداة التعبير عن عقليتها ووسيلتها في الحفاظ على شخصيتها وتواثها الأصيل.وتعد اللغة مظهر من مظاهر السلوك الإنساني، لهذا كانت موضع دراسة لعلماء النفس قديما وحديثاً، وقد أشار بعضهم في دراساته إلى أن التحليل النفسي لوظيفة اللغة يؤكد أن عملية التصور هي من العمليات العقلية الضرورية قبل صدور الكلام الذي يتكلم به الفرد.
الذكاء اللغوي ذو أهمية ؛ لأنه مدخل لجميع الذكاءات ، والقدرة اللغوية تعتبر مؤشر لقياس بعض القدرات العقلية.
•اللغة العربية:
لكل لغة من اللغات الإنسانية خصائص تمتاز بها ، ولا خفاء أن اللغة العربية أمتن تركيباً، وأوضح بياناً، وأعذب مذاقا عند أهلها، يقول ابن خلدون : وكانت الملكة الحاصلة للعرب من ذلك أحق الملكات وأوضحها بيانا عن المقصد. وقد رأها (ابن فارس) أنها أفضل اللغات وأوسعها إذ يكفي ذلك دليلا أن رب العالمين اختارها لأشرف رسالة وخاتم رسالاته فأنزل بها كتابه.
ونحن العرب نعتز بلغتنا لغة (الضاد) ونتشرف بانتمائنا إليها ، فلغتنا من أغزر اللغات مادة ، وأطوعها في تأليف الجمل وصياغة العبارات. فهذا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول : تعلموا العربية ؛ فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة.
مميزات اللغة العربية:
اتصفت اللغة العربية بصفات أو مميزات ، امتازت بها عن غيرها ومن أهم هذه الميزات:
١-إنها لغة إعراب، وذلك أن لها قواعدها في تنظيم الجملة في ضبط أواخر الكلمات، وقد تفردت اللغة العربية بين لغات العالم بهذه الخاصة مع شيوع بعض أنواع من الإعراب في بعض اللغات كالهندية واللاتينية وغيرها.
٢-الإيجاز في دقة الفكرة والإتيان بالكلام القليل الدال على المعنى الكثيرة وتلك الصفة ( صفة الإيجاز ) هي من الصفات العامة للغة العربية.
٣-كثرة الألفاظ والمفردات في اللغة العربية والذي يقلب صفحات المعاجم يتأكد له ذلك ويدرك أن اللغة العربية غنية بمفرداتها واشتقاقاتها ومترادفاتها ، فالاشتقاق هو أكبر مصدر لثراء اللغة العربية وتطويعها لاستيعاب المعاني الجديدة.
٤-إنها لغة يرتبط فيها الصوت بالمعنى ارتباطا وثيقا ، وبتناغم جميل ، وتلك الميزة متوافرة في اللغات الأخرى إلا أنها تكاد تكون أوسع في اللغة العربية فيظل فيها الميل إلى المحاكاة اللغوية والصوتية.
٥-مرونة اللغة العربية وطواعيتها للألفاظ الدالة على المعاني، وكذلك دقة التعبير.
وبعد كل هذا فإن اللغة العربية لغة حية تنمو وتزداد مفرداتها ، إذ استوعبت كتاب الله وسنة نبيه.
•المهارات اللغوية
المهارات اللغوية لسيت مقتصرة على مرحلة دراسية دون أخرى، فمرحلة الحضانة لها مطالبها اللغوية ، كذلك المرحلة الابتدائية ، والمتوسطة والثانوية، كل هذه المراحل لها مطالبها اللغوية ، فمهارة الإستماع من المهارات الهامة؛ إذ هو الوسيلة التي اتصل بها الإنسان في مراحل حياته الأولى بالآخرين، فعن طريق الإستماع يكتسب الفرد أنماطا من الجمل والتراكيب ، والمفردات ، ويتلقى الأفكار والمفاهيم ، وعن طريقه أيضا يكتب المهارات الأخرى للغة ، كلاما وقراءة وكتابة.
إن القدرة على تمييز الأصوات شرط أساسي لتعلمها سواء لقراءته أو الكتابة.
وقد بلغت نسبة الاستماع قياسا للمهارات الأخرى في كثير من البحوث ، أي ثلاثة أمثال ما يستغرقه في القراءة إذ بلغت نسبة الاستماع(٤٢٪) في حين توزعت إلى حديث(٣٢٪) قراءة ( ١٥٪) و ( ١١٪ كتابة).
وعليه فإن مهارة الإستماع تعتمد على دقة الإستماع والإنتباه المركز ، وكذلك فهم الموضوع فهما شاملا قائما على إدراك العلل والأسباب، عن طريق التحليل والتفسير والموازنة والنقد وتكوين الإتجاهات . تعتمد مهارة الإستماع على تدوين موضوع الاستماع الحديث لكي تتأصل فيهم تلك السمة.
من المهارات اللغوية أيضا مهارة القراءة بأنواعها، إذ تعد القراءة الناقدة المفتوحة على المحيط المحلي للفرد والعالم الخرجي هي وسيلة اكتساب المعارف ، والمعلومات والخبرات المتنوعة. فالقراءة عملية بها إيجاد الصلة بين لغة الكلام والرموز الكتابية ، وتتألف لغة الكلام من المعاني والألفاظ التي تؤدي هذه المعاني، ويفهم من ذلك أن للقراءة ثلاثة عناصر:
١-المعنى الذهني.
٢-اللفظ الذي يؤديه.
٣-الرمز المكتوب.
للقراءة فوائد منها فهم المقروء، والتفاعل معه ، والإنتفاع به ، تزويد المتعلم بالمهارات الأساسية مثل، جودة النطق وطلاقة الآراء و التعبير الجيد والسرعة في القراءة، وكذلك اكتساب ذخيرة من الألفاظ ، وتذوق الجمال وتلمس مواطنه ، وتكوين روح النقد للمقروء، والقدرة على خلق الجرأة في نفس القارئ، واكسابه حب القراءة والميل إليها حتى تصبح هوايته.
ولا تقل مهارة التعبير ( الكتابي و الشفهي ) عن سابقاتها إذ تشكل مكملا لمهارتي الاستماع والقراءة ، فالتعبير من أهم فروع اللغة العربية فهو غاية بينها جميعا ، وماهي إلا وسائل مساعدة عليه إذا كانت المطالعة تزود القارئ بالمادة اللغوية والثقافية ، وإذا كانت النصوص الأدبية منبعا للثروة الأدبية، وإذا كانت القواعد النحوية وسيلة لصون اللسان والقلم عن الخطأ، وإذا كان الإملاء وسيلة لرسم الكلمات والحروف رسما صحيحا؛ فإن التعبير غاية هذه الفروع مجتمعة وهو تحقيق هذه الوسائل.
إن مهارة التعبير هي رياضة ذهنية فالأفكار والمعاني غالبا غامضة وغير محددة في الذهن ، والإنسان عندما يفطر إلى التعبير فهو يفطر إلى إعمال الذهن لتحديد الأفكار والمعاني والتعبير عنها وإيضاحها: شفهيا أو كتابيا.
لذا فإن العناية بالمهارات وصقل القدرات ، إنه تعليم يتصف بالديمومة والإستدامة ، وتعلم يواكب مهارات القرن الواحد والعشرين ويتسق مع عصر التفجر المعرفي.