غيب الموت الطبيب العالم عبد العزيز الصبياني الذي كان علماً في تخصص طب الأسرة، وفقدت جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بل فقدت المملكة العربية السعودية أحد أطبائها الذين أحدثوا فرقاً في مسيرة طب الأسرة وارتقوا بهذا التخصص الوليد والواعد بتوفير خدمة صحية مميزة لكل أفراد المجتمع.
عرفته طالباً ثم زميلاً فكان نعم الطالب ونعم الزميل المعلم. ولعلي لا أعدو الحقيقة إن قلت أنه أميز من عرفت من الأطباء خلال سني عملي بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل والتي تجاوزت الثلاثين عاماً.
كان الدكتور الصبياني معلماً متمكناً بل كان خبيراً بحق في التعليم الطبي وأسهم إسهاماً مقدراً في تطوير التعليم الطبي بالجامعة. عملنا سوياً في لجان التعليم الطبي والمنهج بكلية الطب. كان أصغر الأعضاء سناً ولكنه أكثرهم عطاءاً ورجاحة عقل، ولعل ذلك ما جعل قيادة الجامعة توكل له مواقع قيادية ترك فيها بصمات واضحة. كان يغمرنا بأدبه الجم ودماثة خلقه وتقديره لأساتذته وكان يؤدي كل شيء يوكل إليه بمهنية عالية لأنه كان إنساناً مرتباً ومنظماً ولا شك أن محاضراته المتفردة ستكون صدقةً جارية إن شاء الله.
انقطع دكتور الصبياني لأداء الواجب بهمة وتفاني. كنت أحضّه على إجراء البحوث لأني كنت أعلم إمكاناته ومقدراته البحثية ورغم أنه أجري الكثير من الأبحاث إلا أن العمل الأكاديمي ومساعدة الطلاب والتخصص كان يستغرق جل أوقاته وإني لأرجو أن تجمع الجامعة ميراثه في هذا المجال في مؤلف يعكس عطاء الأستاذ الجامعي المثالي، ودونكم جهاز حاسوبه الذي يحوي هذه المعرفة الثرة والعلم الغزير.
بجانب تميزه الأكاديمي كان الدكتور الصبياني إنساناً ظريفاً صاحب طرفة وشاعراً ساخراً وكم سعدنا بلقاءاته التي كان فيها درة المجالس إذ هو من يضفي جواً من المرح والسرور في قسم طب الأسرة وفي كل مرفق في الجامعة عمل به.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن "موت العالم مصيبة لا تجبر وثلمةٌ لا تسد، ونجم طمس، وموت قبيلة أيسر من موت عالم." نعم كان الدكتور الصبياني نجماً مضيئاً وكان فتحاً فرداً في تخصصه وإن موته مصيبة عظيمة وبلاء كبير. إن فقده رزية يصعب احتمالها ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله: "إنا لله وإنا إليه راجعون".
أعزي زملائي الكرام في جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل وقيادتها في الفقد الأكبر وأعزي طلاب الدكتور الصبياني في كل مكان وأعزي أسرته. وأسأل الله العلي القدير أن ينزل أخانا أبا عمر منازل الصديقين وأن يجزيه بقدر ما قدم لطلابه ووطنه ولا حول ولا قوة إلا بالله.