كثيراً ما نشهد حواراً مع أنفسنا ، وينتهي كأي حديث نفس عادية ولكن على إثر ما جرى من حديث وحوار بيني وبين نفسي ، وجدت أنه قد أخذني لكتابة هذا المقال الذي بين يديك الآن .
كان السجال عن تساؤلات تراود البعض منا بين حينٍ وآخر ،مثل : لماذا أحكم على اليوم من بدايته
بأنه جيد أو سيء ؟
لماذا يزعجني و يضايقني أحياناً أسلوب شخص صادفته ، مع العلم أن أسلوبه قد يعجب شخصا آخر ؟
لماذا يزعجني و يضايقني رأي أحدهم أو حتى نظرته لي؟
لماذا أختار تصرفا محددا في موقف معين وأنا أملك أكثر من طريقة للتعبير عنه؟
لماذا أسوف بعض الأعمال ؟
لماذا أحكم على بعض الأشخاص بسبب ما سمعته عنهم من شخص آخر ؟
فـ فهمت أن لمشاعري وأحاسيسي دور كبير في التأثير على قراراتي وأحكامي دون أن أدرك ذلك!
حقيقةً إننا أصبحنا كثيرا ما نُسيء الظن
والبعض منا أصبح ينعت غيره من الأشخاص كما يقال بالعامية "عنده مية وجه " !
بما يعني أنه منافق
نحن لم ندرك بأن ما نطلقه على الأشخاص من سوء ظن ، أو لفظ هو بسبب مشاعر لم نفهمها ولم نلقي لها بالاً .
ما أود الحديث عنه بأننا بحاجة لتفهم مشاعرنا وتقبلها دون الانغماس فيها ، حتى نستطيع فهم مشاعر الآخرين ، فأوراق الشاي إن تُركت مطولاً داخل الماء أصبح الشاي مراً ، لذا علينا أن نتوقف عن إيذاء أنفسنا وإيذاء غيرنا لنصبح هادئين تحيط بِنا الطمأنينة
ولتوضيح ما أعنيه سأضرب مثالا :
فعند استيقاظنا من النوم قد نبدأ بإطلاق حكمنا على يومنا فـ لنتوقف قليلاً ولنلقي بنظره على ما بداخلنا بنفسٍ عميق بماذا نشعر الآن؟
نسعى بأن اليوم ليس له علاقة ، هو كأي يوم يمر بنا
، ومهما كان عمر أحدنا ، فنحن بحاجة لتفهُم وتقبُل واحتواء تلك المشاعر، التي قمنا بإخفائها وعدم الاكتراث لها كبرياءً فـ موقفنا بهذه الطريقة فيه ضعف حتى وإن بدا لنا كقوة فالقوي منا من يواجه جميع المواقف بتقدير مشاعره ، وعدم تجاهلها أو كبتها أو إهمالها لأننا قد نُؤذي أو نظلم شخص ما ، في حاضرنا أو مستقبلنا ، وربما ينشب خصام بين طرفين ، إذا لم نعي مشاعرنا ، و أن لم نتحكم في ذلك التيار الذي يمنحنا القوة ،فالبعض لديه فهم محدود للمشاعر ، إذ لايُخرجه عن نطاق الحب ، وأنها مخصصة للتعبير عن حبنا لشيء ما وباعتقاده أنها لا تتواجد ولا تتحرك إلا إذا أحس بالحب ،بينما المشاعر مرتبطة بكل تفاصيل مانقوم به في يومنا ، حتى أصبحت بعض القرارت و الأحكام وبعض تعبيراتنا للمواقف تتخللها تلك المشاعر،
وهناك من يطور ذاته ، ويبذل جهده في تكوين شخصيته ، وتهذيب نفسه ، دون الالتفات والبحث عن فن التعامل مع المشاعر .
فيجد أنه في موقف ما ضائع ومتعب لاعتقاده بأن كل ذلك لا يناسبه ، وأنه ربما قد كان في لحظات من التصنع ، بينما الحقيقة أن مشاعره الغائبة عنه أتت كرياح قوية وبشكل مفاجئ، فبعثرت هذه الأكوام المرتبة من الورق ، وجعلتها تتطاير لتبقى للحظات عالقة في الهواء ، ثم لتسقط بعدها بلحظة في المكان الخاطئ والوقت الخاطئ ، ربما
بينما لو كان مدركا لحقيقة مشاعره وفهمها ، لما تبعثرت ، و لأصبح مدركا لمشاعر غيره أيضاً،
فعندما يعلم أن هناك رياحا قادمة من الخارج
سيُتقن فن غلق الأبواب والنوافذ حتى لا تؤثر تلك الرياح عليه .
ها قد وصلت لأقول :
إلى متى سندع رياح تلك المشاعر
تعصف بنا فجأة ؟
ومتى سيكون لكل منا مفتاح تحكم بيده ؟
متى سنتوقف عن إيذاء أنفسنا وغيرنا ؟
متى سنتوقف عن سوء الظن ؟
ومتى ستسكننا الطمأنينة والهدوء ؟
كل هذا سيحدث عندما لا تتوقف قراءتك وبحثك عن هذا الموضوع عند آخر ِما ستقرأه في مقالي ..!
فالموضوع أكثر عمقا ولايسعني أن أورده هنا ،فهو يحتاج لشرح وتطبيق .
كما أتمنى أن يكون لهذا الموضوع منهج يدرس في المدارس للمرحلة الثانوية ، فإنها أكثر مرحلة يحدث فيها تعصب وصراع ، وهي مرحلة اكتشاف الذات.
فمن سلامة كل شخص أن يفهم مشاعره
وكما أن أزهارنا ونباتاتنا تحتاج للتقليم ،فنحن
كذلك يجب أن نُقَلّم كل مايحتاج أن يتجدد وينبت
لنكن منتعشين و متجددين ..
متمنية لي وللجميع العيش بهمس المشاعر اللطيفة .