عجيبة هي كلمة (أنا)..
حين استخدمها ذلك المتنبي الرائع المتباهي المغرور وبنى بها أروعَ أهراماتِ الثقةِ المطلقة بالذات.. خالفَ بها قوانين الطبيعة فجعل من الأعمى ناظرًا لأدبه ومن الأصمِّ سامعًا.
هناك (أنوات) ممجوجةٌ تحيلُ الثقةَ بالنفس إلى كِبرٍ مرفوض ، وكم من فردٍ أضاع حياته بحثًا عن (أناه) و لم يجدها، وبالمقابل كم من رجلٍ صار عبدًا لأناه مُسخّراَ لرغباتهِ و هواه.
و كم من أمٍ جعلتْ أناها فوق أمومتها فتخلت عن مسؤوليتها كأم.
الأنا المريضة تلدُ من رَحِمِها الطغاةَ و المتسلطين ولادةَ عسرٍ من خاصرةِ الزمن، و كم من مشهورٍ يجنحُ إلى عدمِ الاتزانِ النفسيٌ و فقدانِ التصالح، و نموذجٌ ينصب نفسه ملكًا للصواب المطلق حيث يرى الدنيا من خلال شبكيةِ عينيه وجميعُ العيون الأخرى لاترى و لاتبصر ،
فالمعيارُ قناعاتهُ و رؤاه.
و غالبًا مايكون صاحب تلك الأنا فقيرًا من المميزات، فالثّريُ مَخْبَرا لايفرض ثراءَهُ على محيطِه، و الفقيرُ مخبرا ينعقُ دوما بأهميته ،فالمتنبي حين قال أنا.. أرفقَ معها علةَ تفاخرِه وهي عبقريته ،
و ليس لكلِ متحذلقٍ أن يسمو ب ( أناه)،
لك أن تعشق أناكَ على ألا تقللَ من غيرك..
أو تؤذي أناهم.
أكثرُ خلافاتِ أهل الأرض تنبتُ في أرضٍ جدباء قاحلة هي أرض الانتصار للذات،
تتسعُ الهوّةُ بين طرفين في حال وقوف الانتصارُ الدائم للذات في الفراغِ بينهما، أن ترى نفسكَ على حق بشكلٍ دائم بهذا تنتصرُ لذاتك، أن تكيلَ لِسِواكَ النقدَ وتربتَ على أخطائك بحنانٍ و زهو هنا تنتصر لذاتك، أن تخطئَ على المحيطين بلا رفةِ جفن وتنصبَ المشانقَ لمن يزعجك مرة فحسب.. لاشك تنتصرُ لذاتك.
أن تكشفَ عيوبَ الخلق تحت عدسةٍ مكبرة وتتعامى عن عيوبكَ بل و تراها حسنات،
إنه الانتصار الغبي للذات.
أن تأخذَ و لاتمنح..
أن تَفرحَ و لاتُفرِح..
أن تختلسَ دمَ أحدهم وطاقتهُ و حياتهُ ولا تمنحه قطرةَ ماءٍ لترويه..تالله هو الانتصار للذات.
الانتصارُ للذات بأنانية وتجاوز ينصِّبكَ على عرش الظلم و الجور وأذى الناس أو هضمِ حقوقهم.
انتصِر لنفسكَ إن ظُلِمتَ ظلمًا بينًا فهذا عدل، أما أن تعبدَ نرجسيتك،
ففي هذا نهاية..
نهايةُ الذات..
التي ذبحتَها من حيث ظننتَ أنكَ تحميها،
لستَ وحدكَ على كوكب الأرض،
ولسكانِها حقوقٌ كما لك .
فكن منصفا.
- 21/11/2024 أمير منطقة نجران يدشّن جمعية مناسبات للثقافة والترفيه بمحافظة شرورة
- 21/11/2024 الدفاع المدني يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال من مصادر الخطر داخل المنازل
- 21/11/2024 محافظ هيئة المواصفات : المواصفات والمقاييس والجودة تُعزز التطور الصناعي والمحتوى المحلي
- 21/11/2024 وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث فرص تنمية المحتوى المحلي وتوطين الصناعات الواعدة مع شركات محلية وعالمية
- 21/11/2024 أمير منطقة القصيم يستقبل عددًا من أعضاء مجلس الشورى السابقين والحاليين
- 21/11/2024 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 21/11/2024 المرصد الوطني للعمل ينظم ورشة عمل لعدد من جامعات وكليات المملكة
- 21/11/2024 “المياه الوطنية”: واحة بريدة صاحبة “أول بصمة مائية” في العالم
- 21/11/2024 مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة
- 21/11/2024 حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس
المقالات > الأنا : حب أم قيد
✍️ - د. فاطمة عاشور
الأنا : حب أم قيد
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.albayannews.net/articles/158874/
التعليقات 2
2 pings
ابو محمد
26/04/2021 في 10:48 م[3] رابط التعليق
بارك الله فيك ورفع قدرك ونفع بك وبقلمك د. فاطمة جهود مثمرة وجميلة.
(0)
(0)
Sahar Shimi
26/04/2021 في 11:23 م[3] رابط التعليق
انتصِر لنفسكَ إن ظُلِمتَ ظلمًا بينًا فهذا عدل، أما أن تعبدَ نرجسيتك،
ففي هذا نهاية..
نهايةُ الذات..
فعلا دكتورة نهاية الذات يكون بظلمها وظلم النفس يكون من ذاتها لقوله تعالى 🙁 وما ظلمناهم ولكن كانو انفسهم يظلمون ).. وأسوأ انواع الظلم ظلم النفس بهلاكها وهو يظن انه رافعها ..
سلمت اناملك وصح نبض قلمك 💐💐
(0)
(0)