يقول تعالى في الآية 42 من سورة الحجر ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) أي : الذين قدرت لهم الهداية ، فلا سبيل لك عليهم ، ولا وصول لك إليهم ، ( إلا من اتبعك من الغاوين ) وورد في تفسير ابن كثير أنه - فلنقرأ هذه القصة المعبرة - :
كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجة من قراهم ، فإذا أراد النبي أن يستنبئ ربه عن شيء ، خرج إلى مسجده فصلى ما كتب الله له ، ثم سأل ما بدا له ، فبينا نبي في مسجده إذ جاء عدو الله - يعني - : إبليس حتى جلس بينه وبين القبلة ، فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . [ فقال عدو الله : أرأيت الذي تعوذ منه ؟ فهو هو . فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ] قال : فردد ذلك ثلاث مرات ، فقال عدو الله : أخبرني بأي شيء تنجو مني ؟ فقال النبي : بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم مرتين ؟ فأخذ كل [ واحد ] منهما على صاحبه ، فقال النبي : إن الله تعالى يقول : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) قال عدو الله : قد سمعت هذا قبل أن تولد . قال النبي : ويقول الله : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] وإني والله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك . قال عدو الله : صدقت ، بهذا تنجو مني . فقال النبي : " أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم " ؟ قال : آخذه عند الغضب والهوى.).
الغضب و الهوى..
ما أبشع هذين الحالين..
الأول يغلق عقل الإنسان ويجرد تصرفه من المنطقية ويختلس من أقواله و أفعاله كل تهذيب وترو .
و الثاني يجعل الإنسان يتصرف وفق شيطانه، وفق غاياته، لا معايير تحكم فعله و لا حدود تؤطر قوله، ولهذا يفعل مالا يجوز بل و ينتهك المحرمات فيزني ويسرق و يقتل ويطلق ويظلم ويبغى ويفسد ويؤذي نفسه و غيره .. كل هذا والانسان حينها في ضيافة هوى ذاته بالإضافة إلى معية الشيطان ونفثه ومباركته فيفعل ثم يندم وكأنه كان حينما اقترف ما اقترف مسلوب العقل تحت سلطان إبليس ، وهذا ما جاء في الآية الكريمة .
والهوى أيضا يدخل تحت قبته هوى النفس في الرضا والمحبة فقد يظلم أحدهم من حيث يظن انه ينصف و قد يكون مجرد حب أحدهم - وهو أمر متاح وحرية شخصية- لشخص ما فيه ظلم لشخص آخر، مثال ذلك حب شاب لزوجته حتى تجعله ظالما لأمه مقاطعا لأهله، وحب فتاة لصديقتها لدرجة تصل لعقَوق والديها، وحب أحدهم لمثل أعلى له كاتبا كان أو رياضيا أو فنانا للحد الذي ينسى فيه كل اهتمام آخر ،ويشمل أيضا عبادة الرغبات و إدمان المسكرات.. الخ .
اتباع الهوى كارثة سقيمة.
رب أجرنا من الغضب والهوى حتى لانكون عبادا للشيطان، واجعلنا ربي من عبادك الصالحين الذين لاسلطان لشيطان عليهم، إنك سميع بصير.
التعليقات 2
2 pings
د. محمود ضيف الله الثمالي
29/04/2021 في 10:55 م[3] رابط التعليق
سعادة الدكتورة القديرة فاطمة اشور ابدعت في الطرح ووثقت بالآيات من القرآن الكريم ومن أحاديث سيد المرسلين وجميل العرض من تفسير ابن كثير وتبيين ماهو العدو المبين جميل طرح سعادتها والجميل من عمق تخصصها الدقيق وأبدعت جزاها الله خير ،، دوما أطروحاتها تناسب وتتناسب مع الزمان والمكان رعاها دوما ووفقها لما يحبه الله ويرضاه
(0)
(0)
ليلى جوهر/كاتبة-وتشكيلية
30/07/2021 في 3:41 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الدكتوره الفاضلة والأديبة التربوية النابغة/فاطمة عاشور
جزاك الله الخير في الدارين ..لما تبذليه من جهد وانتقاء من مواضيع ناجعة في طرحك المقالي دوما..لقد ركزت في مقالك أعلاه ..على مداخل الشيطان الرجيم وسوسته وتتبعه لابن آدم وكيف يتم ذلك مدللة بالأدلة الشرعية من الكتاب القيم والسنة النبوية الشريفة..(الغضب والهوى)من أولويات فتح الثغرة لابليس على المرء ولذلك وجب التسلح بالسماحة والصبر وربط النفس عن الغضب وتهذيبها عن اتباع الهوى المفرط في غير محله.
(0)
(0)