أتوجس من فكرة أننا نُنْسى، كأن لم نكن يومًا على الأرض نسعى حتى أبسط الأشياء التي تخصنا يبهت نورها فقط عندما تفارق الروح أجسادنا عند اللحظة الأولى.
تُنسى أسمائُنا كأن لم تكن أداة النداء لنا، فيتحول من اسم صريح يدل على شخص ذو كيان إلى لفظٍ مبهمً عام-ميت-.
هذا التوجس جرني إلى تساؤل:هل الروح هي من يترك لأجسادنا و لذواتنا قيمة!؟
لفت انتباهي و أنا أبحث عن هذا التساؤل اقتباسًا للكاتبة "نيكيتا جيل"عندما قالت:(نميل أحيانًا لكتابة أسمائنا على زجاج سيارة أو نقشها على طاولة أو حفرها على جذع شجرة أظن أننا جميعًا نتقاسم خوفًا مشتركًا، الخوف من أن نُنْسى).
ظل هذا الاقتباس عالقًا في ذهني لفترةٍ طويلة عندما قراءته للمرة الأولى أصابني بالذهول و لامس قلبي كثيرًا، عندما علمت بوجود هذا الهاجس لدى الكثير من الناس ولست أنا وحدي سواء أفصحوا عن ذلك أو تحدثت سلوكياتهم بالنيابة عنهم.. لأنني كنت أمارس بعض ما قالته قبل أن أفكر في هذا التساؤل،فلقد كنت أكتب اسمي على زجاج السيارة أحيانًا عندما يكون عليه بعض الغبار، أو أثناء المشي على شاطئ البحر الذي سرعان ما تمحي أمواجه ما خطت يدي.
و الشيء بالشيء يذكر في مسلسل "رشاش"الذي أدى دور الشخصية يعقوب الفرحان عندما قال في أحدى الحلقات:(و الله لخلي كل الناس تذكر اسمي لو أتحالف مع إبليس) ..بغض النظر عن صحة العبارة و هل صدرت من رشاش ذلك الوقت في حياته أو كانت من ضمن النص الذي تم إعداده للعمل و بالرغم من سوء العمل الذي امتهنه-رشاش-إلا أنني مدرك بأن كل واحد منا يبذل جهده على ترك أثرٍ خلفه يجعل من اسمه عالقًا في أذهان الآخرين.
و لعل ديننا الحنيف تطرق لأفضل الطرق لتخليد أسمائنا بين الناس عندما قال رسولنا الكريم:(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)..هذه الثلاثة تعتبر من أفضل الطرق و السبل لتخليد ذكرى و تكريم نفس كل واحد منا.
أخيرًا..لا يهم إن كان اسمك سينسى أو من على شواطئ البحر يُمحى أو مع أدراج الرياح يُلقى المهم أنك سوف تترك خلفك أثرًا يدل عليك و لكن عمق هذا الأثر أو مدى قوته و في أي اتجاه سوف يكون في الاتجاه الجميل أم القبيح كل هذا سيكون على عاتقك أنت و صنع يديك.