هناك صورة مشوهة تماما لمرحلة التقاعد في أذهان كثير من الناس ، وزادها تشويها ما تطرحه وسائل التواصل من مقاطع وعبارات ساخرة عن التقاعد والمتقاعدين !
وزاد الطين بلة استسلام بعض المتقاعدين لأوهام العزلة والزملاء نسوني والأصدقاء تركوني والوحدة والفراغ وطغوا المكيفات !
والأخطر من ذلك كله وهم الموت !! وهو أن التقاعد هو مرحلة استعداد للموت !!
وغيرها من الأوهام
والحقيقة أن التقاعد مرحلة جميلة بل ذهبية تتخفّف فيها النفس من كثير من أعباءها وهمومها العملية بالذات ويتحرر الإنسان من قيود عملية كثيرة ويشعر بالحرية في الحركة وفي النوم وفي التسوق بل حتى في الفكر والمشاعر
فالفكر يصفو والمشاعر تصحو ويستعيد الإنسان شغفه بالقراءة والكتابة وممارسة الرياضة ولو بطريقة غير منتظمة، كما أن حكاية طفوا المكيفات يقولها حتى من هم على راس العمل !مع لهيب أسعار فواتير الكهرباء وأيضا هي ليست عيبا كما يصوره بعض الناس فبعض المتقاعدين مثلما تجده يهتم بإطفاء المكيفات واللمبات تجده أيضا ينظف حوش المنزل
أو تجده يتعلم الطبخ !
وكلها أمور طبيعية وعادية
كما أن الزملاء لم ينسوك والأصدقاء لم يتركوك عزيزي المتقاعد بل أخذتهم مشاغل الحياة
كما تأخذ منا أبنائنا ويغيبون عنا بعد الوظيفة والزواج لكنهم لا يلبثون أن يتذكروك ويعودون للتواصل بكل محبة ، كما أن غيابهم فرصة لتبادر بالتواصل فإن لم يردوا فالتمس لهم العذر
وستجدهم معذورين أما حكاية الاستعداد للموت فهي من أدلة قلة الوعي الديني؛ لإن المؤمن الحقيقي هو من لا يغيب عنه الموت أبدا ولا يلهيه أيضا عن الاستمتاع بحياته أبدا .
المؤمن إنسان متوازن قبل التقاعد وبعده
وكبر السن ليس مبررا لانتظار الموت أبدا
بل ربما كان أدعى للاستمتاع بالحياة وتعويض ما أخذته سنوات العمل وروتينها من المتع المشروعة
أمر واحد يجب على المتقاعدين التخلص منه للمساهمة في تحسين صورة التقاعد والمتقاعدين وهو الأمر الذي اعتبره من أهم أسباب تشويه صور المتقاعدين وصياغة النكت عنهم ، وهو : التخفيف من استخدام رسائل الواتساب الصباحية والمسائية !!
فوالله محد يقراها !!
صباح الخير
مساء الخير
وأدعية المرسل نفسه لا يقرأها وإنما فقط عامل توصيل ينقل من قروب لقروب وكان بعض المتقاعدين في سباق من يرسل أكثر !!
ورحمة الناس من الارسال لهم على القروب المشترك وعلى الخاص في نفس الوقت !!
وعدم إرسال كل شيء يصلك دون معرفة محتواه
فقد يكون أمراً مخالفا للدين أو مخالف للقيم الأخلاقية أو يمس الأمن الوطني والأهم من هذا كله: التخلص من فكرة أن رسائل الواتساب ستكون سببا في كسب الأجر ودخول الجنة
لإنها قد تكون العكس حينما تؤذي الآخرين وتزعجهم بكثرة رسائلك حتى لو كانت دينية
فتكسب الإثم بدل الأجر .
ختاما :
أيها المتقاعدون الكرام
أنتم تعيشون مرحلة ذهبية فاستمتعوا بها بكل ما تستطيعون من قوة وأعيدوا قراءة كتاب الحياة من جديد فوالله أن كتاب الحياة لا تنقضي عجائبه
ولا تنتهي متعه
والشاعر يقول بتصرّف :
كن جميلا ..
ترى ( التقاعد ) جميلا !