عشت حياتي طفلة، فمراهقة، فشابة، فامرأة بلغت بعد أشدها وأوتيت حكما وعلما ولم أحب التدخين يوما، ولم أجرب نفسا خاطفا من سيجارة أو خرطوم على مدى العقود الخمس الراحلة، كرهتها صحيا ودينيا واجتماعيا ونفسيا، وعادة وتقليدا، واستعبادا للبشر مابين وهم الكيف وكيف الإدمان، بل أمقت شكل الأنثى تحديدا وهي تسحب الموت عبر خرطومه وعروتا أنفها تتمددان كخياشيم سمكة أوشكت على الهلاك، وشاءت الإرادة الإلهية أن يكون لعائلتي باع طويل في ماراثون "التأرجل والتشيش" ناهيك عن مجتمع صار يفرض عليك فرضا أن تتحول لمدخن سلبي مدمن بدورك، ونجح المدخنون الأذكياء الماكرون أن يقنعونك عبر السنين أنهم قاعدة وأنت الشاذ المنبوذ، فيتشدقون ولها بحلقات الدخان الرمادية والتي تحملهم تحليقا بين فضاءات النيكوتين والزرنيخ والقطران، و يجبرونك مشاركة عشقهم بسخف المنحرف وتلذذ الضائع.
وإن عبرت يوما عن امتعاضك أو صراخ صدرك واستجارة رئتيك من هذا العبث، لووا رؤوسهم وانتفخت أوداجهم استنكارا لوقاحتك على ذوي السيادة!
وفي الواقع قضينا العمر ننحني تنازلا لهذه الفئة، في الاجتماعات نقول لا بأس فلنضحي بسلامة صدورنا و جهازنا التنفسي فداء لرائق مزاجهم وانتشاء جوارحهم والسؤال لماذا!؟
انتفضت البارحة تمردا وعصيانا بعد عشرات السنين، ثارت كرامة رئتي اللتين تعبتا تضحية وتنازلا، سئمت قدماي القفز بين المقاعد بحثا في المجلس عن ركن آمن لا أختنق فيه، أعلن كبريائي العصيان على نبذي وإهمالي بينما المدخنون يتصدرون المجالس ملوكا و ملكات، متى استعبدتم الناس ياسادة وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا!؟
الإشكال قد يكمن في أن يكون هذا المجلس يهمك وتحبه حفاظا على الرحم و القربى أو الصداقة ولكن يصدق المدخنون كذبهم وغرورهم بأن مجالستهم قطعة من الجنة منحت لنا فيفرضون ضريبة الدخان و الهم على رؤوسنا مقابل نيل شرف مجالستهم الكريمة والتمتع بثقيل حديثهم، بل يصل بهم القبح أن يمتعضوا منك كونك تزعج قدسية مزاجهم و كيفهم حتى لو بالشكوى البائسة، و ماعرفوا أنا مللنا التضحية وأنا من أوليناهم شرفا وحبورا بجميل حديثنا وروعة مجلسنا وبراعة منطقنا على الأقل الخالي من توهان العقل واضمحلال الفكر خلف حلقات الدخان القبيحة كقبحهم، وحتى تميزهم لو كان لديهم تميزا إنما لايقاس بتميز من يجابه الحياة بلا اعتماد على كيف و إدمان ووسائل مساعدة، عكسنا من نهب الحياة جمالا وتفاؤلا فقط استنادا على بهاء أرواحنا وقوة إيماننا وبراعة قدراتنا لا عبيدا في معتقل الكيف، فريقان أبدا لايستويان .
أعلنها بكل قوة نسأل الله السلامة لكم أيها المدخنون ونحمده أن عافانا، لكن أيضا أنتم من رضيتم لأنفسكم بهذه العبودية بل وتفرضونها على الخلق طغيانا وأنانية، قمة الأنانية أن تفرض علي مرضك فقط لتجالسني، عجيب أن تدخلني الطوارئ اختناقا فقط لعجزك عن هجر رضاعتك لساعات قليلة، لك الحرية أن تغتسل بمائها المقدس في دارك فقط ارحم البشرية من هذا البلاء في المجالس العائلية أو المناسبات أو الأماكن العامة، حتى الهواء الطلق رجوتك لا تلوثه بترهات تدخينك فجمال خلق الله لايحتمل غباء إدمانك وبغيض قطرانك، وأعلنها انتفاضة فليذهب تدخينكم و كيفكم ومزاجكم إلى الجحيم ومجالستكم أيضا.
ولن ندفع مزيدا من ضرائب وإتاوات لهؤلاء الفتوات الذين قلبوا الحقائق إلى باطل فنصبوا أنفسهم قاعدة وأوهمونا أننا الشواذ النكرة.
معا ضد التخلف الحضاري و الشذوذ الأخلاقي والعبث الصحي والسخف الشخصي و التسلط الاجتماعي والتأخر الفكري والبؤس الإدراكي والأنا البشعة التي تؤذي نفسها وتفتك بمن حولها بلا رحمة .
كفانا خنوعا وصمتا حتى صرنا مسخرة الأمم بهذه الخراطيم المنتمية لتخلف الجاهلية، أحيانا أرى الوليد بن المغيرة الكافر الجاهلي في رد فعل المدخن وهو يصيح:" لانترك دين آبائنا وأسلافنا أبدا " وديدنهم هو التدخين فهم على آثار الرجعية سائرون، وسيادة هذه الآفة على حياة المراهقين والشباب أيضا بل والأطفال أحيانا في ظل غياب التربية و إدمان الوالدين أنفسهم وتشجيعهم لهو ذروة الألم و الإحباط الحضاري على رئتين غضتين تستنشقان سما زعافا بدمامة وغباء، حيث ارجيلة لكل فرد عربي، ياسادة ليس الحجاب والنقاب و ولاية الأب والحياء والأدب وعدم إتقان الإنجليزية مايجعلنا متخلفين بل هذه العادات السمجة تحيلنا مجتمعات تضحك من جهلها الأمم.
تبا لهذا الوباء والله إنه أسوأ من جائحة الفيروس.
معا ضد منتهجي منهج مجرمي الحرب، من ينتهك القوانين ويتجاوز حريته لينال من حرية الآخرين.
- 25/11/2024 السلبية تخيّم على مواجهة الرياض والاتفاق
- 25/11/2024 ضمك يتغلب على الخلود بثنائية
- 25/11/2024 رئاسة الشؤون الدينية تدشن الإستراتيجية والهيكل الجديد والهوية والموقع الإلكتروني
- 24/11/2024 أمير منطقة الرياض يفتتح المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع في نسخته الثالثة
- 24/11/2024 الآتي بالصدارة وكل الانديه بعدُه
- 24/11/2024 جمعية المسؤولية المجتمعية تطلق أول بودكاست متخصص لتعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية
- 24/11/2024 توقيع عقد شراكة مجتمعية بين جمعية المتقاعدين بجازان ومركزستيب برو للتأهيل والعلاج الطبيعي
- 24/11/2024 لقبا جديدا في “الكارتنغ” يضيفه عبدالله أيمن كامل إلى إنجازاته
- 24/11/2024 البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- 24/11/2024 الإدارة العامة للمرور: استخدام الهاتف المحمول (الجوال) أثناء قيادة المركبة يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة عسير
المقالات > المدخن : مجرم حرب
✍️ - د. فاطمة عاشور
المدخن : مجرم حرب
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.albayannews.net/articles/203051/