النجوى هي التسارّ بالكلام اوالتحدث بالسر بين إثنين اواكثر بحيث لايسمع من حولهم مايتناجون به اويتحدثون عنه فيما بينهم والدين الإسلامي الحنيف امر بجبر القلوب وصدق المحادثه وحسن المجالسه وحرم كل مايحزن القلوب ويوغر الصدور ويضيقها وكل مايسيء للناس ويسبب لهم النكد والشك .
والنجوى غالباً تؤدي الى ذلك في أحوال كثيره بيّنها القرآن الكريم والسنة المطهره وحرمت في المواضع التي تؤدي بالناس الى ما أشرنا إليه انفاً حسب الحال والمقام والمقال ولاشك بان هناك من النجوى والكلام بالسر مماليس به محاذير لبعده عن هموم الناس ومواقع شكهم وقطع تلبيس ابليس عليهم كان تكون النجوى بين اثنين اواكثر مع وجود اكثر من واحد ممن لم يشتركوا بالنجوى ففي هذه الحال تكون النجوى مباحه كونها في الغالب لاتعني أحدا من الحضور وليس للشيطان مجال للوسوسه بشرط الا تكون عدواناً على احد اواثماً او فيها معصية لله تعالى ورسوله فهي هنا تكون محرمه بذاتها او بكونها ضرباً من النميمه او الهمز واللمز وقد نهى الله تعالى عن هذا كله في قوله تعالى (ياأيها الذين أمنوا لاتتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول )الايه
فكل كلام سري يحتوي على اثم او عدوان على احد او معصية لله تعالى ورسوله فهو حرام والتفوه به سوء ادب مع الله تعالى ورسوله وكتابه ومع الناس ، وقد امر الله تعالى في نفس الآية الكريمه بان تكون النجوى في اعمال البر وتقوى الله جلا وعلا وهذه هي النجوى المحموده التي يجب ان تكون من واجبات المؤمن البار التقي الحريص على كل ما يدخل السرور على نفس المسلم في حياته ومعاشه ومعاده من قول وعمل قال تعالى (وتناجوا بالبر والتقوى )الايه
ثم إن معظم النجوى من الشيطان يزينها بين المؤمنين ويغريهم بها ليجلب لهم الحزن والشك والريبة فيمابينهم وليضرم نار الحقد والحسد في نفوس بعضهم على بعض بدليل قول الله تعالى (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً الابإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)الايه
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ان يتناجى إثنان بحضرة ثالث وذلك لان الشيطان في هذه الحال يستغل الموقف ويستحسنه ويجد السبيل ممهداً ليوسوس للثالث ويوهمه بانهما يتسارّان بشانه وبما يوذيه ويستثير تفكيره ويظن سوءً بهما ومن هنا ربما يحدث مالا تحمد عقباه وهذا غاية الشيطان ومراده وهدفه كما جاء في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كنتم ثلاثه فلا يتسارّ اثنان دون الثالث حتى تختلطوا بالناس .
وقد بين الله سبحانه وتعالى أن اكثر النجوى لاخير فيها فالوضوح والصدق في الكلام وحسن النيه مطلب ديني وخلقي ومجتمعي .
قال الله تعالى(لاخير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة اومعروف او إصلاح بين الناس)الايه اذا فالخيريه تتنافا مع كثير من النجوى والتسارّ بين الناس ويستثنى من ذلك ما استثناءه الله عز وجل من النجوى فيما ينفع الناس في امورهم الخاصة والعامه كما جاء بالاية الكريمه من ان النجوى بالصدقة فيها خير بل وعليها اجر وثواب عظيم وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لامحاذير من التسارّ فيه فهذا فيه خير كثير واختصت به هذه الامه مما جعلها خير الأمم التي أخرجت للناس قال الله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)الايه
وأبى التاريخ الا ان يعيد نفسه فكما شكك الظالمون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم عند مبعثه فقال الله تعالى فيهم (لاهية قلوبهم واسروا النجوى الذين ظلموا) الايه
وذلك بقولهم سرا فيمابينهم هل محمد الارجل مثلكم وليس رسولاً من عند الله مشكيين برسالته ظلما وها نحن نسمع ونرى مثل ذلك والعياذ بالله في هذا الزمن حتى من المسلمين انفسهم من المجافين او المغالين على حدٍ سواء ومن غير المسلمين الذى انبروا لكل مايسيء الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
سراً وعلانيه ولا رادع يردعهم افطال عليهم الأمد فقست قلوبهم كمن كان قبلهم من الامم في الازمنة الغابره .
وقد تسنى لم أراد السمع ان يسمع كل مايقال في وسائل الاتصال الحديثه من تشكيك وسب وقدح بخاتم الأنبياء والمرسل من رب العالمين إلى الناس كافه صلى الله عليه وسلم .
وقد كانت النجوى طريقة سحرة فرعون عندما أرادوا ان يعرضوا سحرهم لتبطل آيات موسى عليه السلام فلما هددهم موسى بالهلاك ارتبكوا وتنازعوا فيما بينهم ولكنهم اسروا النجوى بينهم واخفوا خلافهم ليكملوا المهمه طمعاً في جائزة فرعون قال الله تعالى فيهم(فتنازعوا أمرهم بينهم واسروا النجوى (الايه
ونحن في هذا الزمن الغريب العجيب الذي تداخلت فيه الأمور واختلط حابله بنابله وعز على الباحث عن الحقيقه العثور عليها الامن رحم الله تعالى وذلك لكثرة الصوارف والمغريات وقوة الموانع وسلاسة طرق الشر وعذوبتها وكثرة الداعين إليها فربما كانت النجوى مما لايأبه به الناس في ظل الشوارد من غيرهاوكثرة طرق النجوى في هذا العصر وقد يكون لوسائل التواصل الحديثه نصيب منها ولذلك اضرب مثالاً / لوجلس شخصان وحدهما وجاء لاحدهم اتصال على هاتفه من فلان الفلاني فقام ليكلمه بعيدا عن الشخص الاخر وبسريه فهل هذا من النجوى المحرمه ؟ وهذا جوابه عند أهل العلم .
ولكن علينا أن نتقي الشبهات ونبعد بقدر الاستطاعه عن مايؤدي اليها ونكون ممن يأمن الناس جانبهم في القول والفعل والله اعلم .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينامحمد وعلى آله وصحبه أجمعين .