أدى المصلون بالمسجد الحرام صلاة عيد الأضحى المبارك ، وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي وفرتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لحجاج بيت الله الحرام .
واستهل إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم خطبته بقوله : الحمد لله جامع الشتات غافر الزلات مقيل العثرات، سامع الأصوات مجيب الدعوات، يعلم ما مضى وما حضر وما هو آت، تخشع لجبروته الأصوات، وتسكب لذاته العبرات، يهدي عباده للصالحات قبل الممات .
وأضاف : لقد صبحكم هذا اليوم عيد مبارك عظيم، عيد تعلو فيه التكبيرات، وترمى فيه الجمرات، وتراق فيه دماء الأضحيات، هو يوم النحر ويوم الحج الأكبر الذي صُدِح فيه بالتوحيد الخالص لله وإبطال كل ما يخدشه من شرك وجاهلية وضلال ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله ) .
ثم قال : في تجمع الحج العظيم يتجلى معنى سامٍ من معاني الوحدة والتلاحم والتآلف، وأن الدين الإسلامي يجمع ولا يفرق، يؤلف ولا ينفر، وأن اختلاف الألسن والألوان والأنساب والأعراف لم يكن قط مانعا من اجتماع ذويه على صعيد واحد، يجأرون لرب واحد، بهتاف واحد، ولباس واحد .
وأردف قائلاً : لا فضل لعربي منهم ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بما يحمله في قلبه من تقوى خالقه ( لن ينال الله لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) ، فالاجتماع على الحق رحمة كله ، والفرقة شقاء كلها ، والأمة الرابحة هي من تعي ذلكم الحمل العظيم .
وقال : لقد اجتمع لنبينا – عليه الصلاة والسلام – في حجة الوداع أمران عظيمان، أولهما إشارة الله له قبل ذلك بدنو أجله والتحاقه بالرفيق الأعلى حينما أنزل عليه قوله ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) وقد أكد النبي ذلك في حجة الوداع بقوله : ” أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا “، فكان مما أوصاهم به أن قال لهم : ” وإني تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم مسؤولون عني فما أنتم قائلون ، قالوا : نشهد إنك قد بلغت رسالات ربك وأديت ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك ، فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس .
واختتم خطبته بقوله، حجاج بيت الله الحرام : لقد نفرتم من مزدلفة صباح اليوم بقلوب خاشعة متذللة مشرئبة راجية مغفرة الله ورضوانه ، وليس السابق اليوم من سبقت به عربته أو قدمه ، وإنما السابق اليوم من أخلص حجه لله واتبع سنة نبيه ، وما كان الله ليخيب من رجاه ، ولا ليرد من سأله ودعاه ، واعلموا أن المشروع لكم في نسككم هذا بعد خروجكم من المزدلفة أن ترموا جمرة العقبة ، وهي الجمرة الكبرى أقرب الجمار إلى مكة ، فترمونها بسبع حصيات لا تبالغون في صغرهن ولا كبرهن ، تكبرون مع كل حصاة ، ثم تنحرون هديكم إن كنتم متمتعين أو قارنين ، ثم تحلقون أو تقصرون وتحلون من إحرامكم ، فيباح لكم كل شيء حرم عليكم بسبب الإحرام إلا النساء ، فإذا طفتم طواف الآفاضة ، حل لكم كل شيء حتى النساء ، ولا يضر الحاج ما قدم من أعمال يوم النحر أو أخر.