الإعلام المرئي والمسموع المقروء
والمُشاهد على اختلاف أشكاله وتعدد مجالاته يبقى خاضعًا لذائقة المتلقي فهو من يحدد مدى وكيفية وكمية المتابعات والمشاهدات وحجم الإعجاب من الاستياء.
منذ أن عرف الإنسان الإعلام وعبر سنوات انتشاره وتعدد مصادره وأساليبه وقنواته وممارسوه بين مهني محترف كوظيفة ومتعاون متطوع كهواية ويبقى التميز حكرًا على بعض الأقلام والأصوات دون غيرها ممن يمتلكون الموهبة ويجيدون التعامل معها كممارسة بغض النظر إن كان هذا المتميز هاوٍ أو محترف.
الإعلامي يجب أن يتحلى بالشجاعة الأدبية دون المساس بالكيانات والأشخاص وهذا الأمر هو نقطة الانطلاق والمبدأ الذي يجب أن يسلكه المحترفون والهواة في الإعلام وبعد ذلك تأتي الشروط والواجبات والأحكام .
الإعلام يهدف في المقام الأول لخدمة المجتمع بشتى الطرق والوسائل وكلما تطور وتقدم يزداد تفننًا وإتقانًا وإجادةً في تنوع الخدمات ومساعدة كافة أطياف الناس وفي الغالب تأتي هذه المساعدة عندما يكون الإعلام أو الإعلامي تحديدًا حلقة وصل بين الفقراء والأغنياء أو بين قصور الخدمات والمسؤول عنها وقد يكون وسيطًا بين مريض أو معاق وبين الجهات الصحية المعنية وأحيانًا يعمل على توجيه رسائل اجتماعية يمكن من خلالها تقديم الخدمات بشكلٍ أوسع ولشريحةٍ أكبر من الناس.
لكننا في بعض الحالات نجد تحجيمًا للدور الإعلامي في بعض وسائل الإعلام الحديث والسبب يعود للقائمين على هذه الوسيلة بوسائل مختلفة لا مبرر واضح له ولا غايةَ مرجوة منه مما يدعو للحيرة إزاء هذا العمل الذي يدَّعِّي مقترفوه التنظيم في ظاهره بينما حقيقته الغائبة تجعل التنبؤات تأخذ منحى آخر وتفتح التكهنات على مصراعيها حول الهدف من هذا التحجيم التنظيمي وأن خلف الأكمة ما خلفها من غايات وأهداف تقتصر على أصحاب القرار أو من يقبعون خلف الكواليس لتمرير أجندة شخصية عبر من يجتهدون من المحترفين والهواة في الإعلام.
قبل أن يتساءل قارئ المقال عن الرابط بين ماسبق وبين عنوان المقال أختصر على الجميع ما أود الوصول إليه في هذه الجزئية من المقال وهو أن الحيرة رافقتني كإعلامي متعاون ومتطوع حريص على تلمس احتياجات المجتمع طوال سنوات – حالي كحال العديد من الزملاء في عدد من الصحف الإلكترونية – وكنت أستغرب تفوق بعض المتطوعين في هذا المجال ونشاطهم المتوقد أكثر من نظرائهم المهنيين ولفترة اعتقدت بأنهم قد تشبّعوا من المهنة ولم تعد تعني لهم الكثير فقد بذلوا وقدّموا في وقتٍ سابق مايشفع لهم في هذا المجال فأصبحوا خبراء وأوشكوا على الاعتزال ومغادرة الإعلام ولكنني أستغرب ظهورهم في مناسباتٍ معينة دون غيرها واهتمامهم بتكرار أخبارٍ وإهمال أخرى وحضور فعاليات والتغيب عمدًا في أهم منها!!!
ومازادني حسرةً وغبنة كيل المديح والتلميع لقائمين على عمل متطوعين لمجرد النشر ولو حصحصتَ أحدهم لوجدته خالي الوفاض من المهارة في كتابة تغريدة أو منشور ناهيك عن تحرير خبر أو كتابة تقرير فلماذا كل هذا التطبيل؟!
هنا يبرز السؤال العريض أين المهنية في الإعلام عندما تكون الهواية حافزًا للإنجاز والعمل بينما يتم تجيير المجهود ومصادرته من قبل القائمين للانتفاع والانتقائية القائمة على حب الظهور؟
وهل سيأتي يوم يختفي فيه المنتفعون من الإعلام وتتحقق المهنية بصدق بعيدًا عن المصالح الشخصية؟
ومتى يعترف المهني المُفلس بإفلاسه الإعلامي وبعده عن المهنية الحقيقية؟
آمل كما يأمل الكثير غيري بأن تكون هناك اختبارات مهنية حقيقية لكل منتمي للإعلام حتى لا يستمر في هذا المجال إلا كاتب أو مذيع حقيقي دون تزييف.
مع آخر نقطة في الختام أستمتع كثيرًا بهواةٍ يكتبون، يحاولون ويجتهدون ولا يتعففون عن الاستفسار ومحاولة التعلم لكنهم يقبعون تحت مظلة مهنيين بالإسم لا يفقهون فن المهنية العملية في أرض الواقع وحتمًا سيتجلون يومًا كل صنفٍ بتصنيفه الحقيقي.