دشّن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، رئيس مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الإصدار الأول (حرف الألِف) من موسوعة معمار المسجد النبوي الشريف، التي تفضّل بإطلاقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- إبّان زيارته للمدينة المنورة في العام 1440هـ، لتكون الموسوعة بمثابة مرجعٍ توثيقيٍ للتطور المعماري في المسجد النبوي منذ عصر النبوة حتى وقتنا الحاضر، ويتضمن دراسة تحليلية علمية موسعة لخصائصه وتفاصيله العمرانية.
وأكد الأمير فيصل بن سلمان، أن هذا الإصدار من الموسوعة يُعد أحد صور العناية التي توليها القيادة الرشيدة -أيدهم الله- بعمارة المسجد النبوي، وبيان التفاصيل المعمارية المرتبطة به، مشيراً سموه إلى أن الموسوعة تأتي في إطار سعي مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة لإعداد مرجعٍ معماريٍ يُعنى بتوثيق الخصائص والتطورات المعمارية التي شهدها المسجد النبوي الشريف منذ بنائه في السنة الأولى من الهجرة وصولاً إلى توسعات المملكة العربية السعودية.
وتهدف موسوعة معمار المسجد النبوي الشريف إلى إعداد مصدر موسوعي موحّد مدعّم بالدراسات والرسومات والصور والخرائط والمعلومات الهندسية المتخصصة لمراحل تطور معمار المسجد النبوي وتأصيل الأسس المعمارية المستندة إلى الأحكام الشرعية في السياق التاريخي الموثّق تحت إشراف أهل الاختصاص والمؤرخين والمعنيين بعمارة المسجد النبوي والقائمين عليه، إلى جانب إبراز الجهود المستمرة للمملكة في العناية بعمارة المسجد النبوي وتوسعاته وإصلاحاته وترميماته، فضلاً عن إبراز الجوانب الجمالية للفنون المعمارية الإسلامية، وإثراء مكتبة أدبيات العمارة الإسلامية ومعمار المسجد النبوي الشريف وتاريخه.
وانطلق العمل في النسخة الأولى للموسوعة بإشراف لجنة علمية متخصصة لإعداد الصياغة العلمية والفنية واللغوية، من خلال عدة مراحل رئيسة باستخدام أحدث الوسائل العلمية والتقنية؛ لإنتاج وإصدار المخرج النهائي، حيث بدأ العمل باستخدام التصوير الليزري إحدى التقنيات الحديثة لتوثيق التفاصيل المعمارية كافة، ثنائية وثلاثية الأبعاد بدقة عالية، وصولاً إلى مرحلة النمذجة التوثيقية التي تُعد بمثابة منتج معماري متخصص، يضع تصوراً دقيقًا لوضع بناء المسجد النبوي وتفاصيله قبل الوضع الراهن، ختامًا بمرحلة التصوير الفوتوغرافي لنقل صورة ذهنية واقعية عن التفاصيل العمرانية للمسجد النبوي الشريف كافة .
وكان حفل التدشين الذي احتضنته جنبات المسجد النبوي الشريف بحضور أصحاب السمو والمعالي والفضيلة وعدد من أئمة الحرمين الشريفين، قد استهل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى مدير عام مركز بحوث ودراسات المدينة الدكتور فهد بن مبارك الوهبي، كلمة في ثنايا الحفل أكد فيها دور الموسوعة في التتبع التاريخي لعمارة المسجد النبوي الشريف، وإبرازها وفق النمذجة التصورية المبنية على القراءة التاريخية للمصادر المعتمدة، وإظهارها لجهود القيادة الرشيدة -أيدها الله- في المحافظة على العمارة الإسلامية، وإعمار المسجد النبوي وإصلاحه، منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-.
وفي كلمة لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، خلال الحفل أكد فيها أن المسجد النبوي حظي عبر التاريخ باهتمام بالغ، منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز – رحمه الله – إلى اليوم في هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، حيث يعيش الحرمان الشريفان أبهى حلة، إعمارًا وبناءً وإشادةً وتطويرًا في منظومة الخدمات المقدمة لقاصديهما.
بعد ذلك شاهد الحضور فيلماً وثائقياً عن موسوعة عمارة المسجد النبوي الشريف، بيّن مراحل إعداد الموسوعة منذ التشرف بإطلاق العمل فيها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله -، حتى إطلاق الإصدار الأول منها، واستعرض الفيلم أهمية الموسوعة وكونها سجلاً تاريخياً ووثائقياً كاملاً عن تطور العمارة فيه باستعمال الرسومات والنمذجة المعمارية التخيلية والصور الواقعية لمراحل معمار المسجد النبوي الشريف التاريخية والمعاصرة من خلال استقراء التطور المعماري عبر العصور المختلفة.
يُذكر أن الموسوعة ترتكز على منهجية النمذجة التصورية لمعمار المسجد النبوي الشريف، من خلال الاستعانة بأحدث تقنيات المسح الليزري والتصوير الفوتوغرافي، في حين تحتوي الموسوعة على النماذج التصورية للمسجد النبوي، وصور فوتوغرافية وأسانيد أدبية ومقالات تحليلية، وأبرز الدراسات المعمارية، إلى جانب الرسومات الهندسية والأشكال التخيلية ثلاثية الأبعاد، وغيرها من المنتجات البصرية التي تسهّل وتيسر على جميع الباحثين والمهتمين التعرّف على أشكال تطوّر معمار المسجد النبوي الشريف عبر العصور.