قال لله سبحانه و تعالى :
((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)) إن أعمارنا في الدنيا وقت قصير وأنفاسٌ محدودة وأيام معدودة فمن أستثمر تلك اللحظات والساعات في الخير فطوبى له ومن أضاعها وفرط فيها فقد خسر زمناً لا يعود إليه أبدا وفي هذا العصر أنتشر فيه العجز وظهر فيه ألميل إلى الراحة وجدبٌ في الطاعة وقحطٌ في العبادة وإضاعة للأوقات فيما لا فائدة فالبعض أهتموا بأعمارهم فأحيوها بالطاعة وعمروها بالعبادة واستثمروا أوقاتهم وجعلوا ما في كتاب الله إحياءً للقلوب وتذكيرًا بعدم التفريط واستدراكًا لما بقي من الأيام والقرآن الكريم والسنة المطهر وضحوا ما للزمن من قيمةً وأهميةً وأوجه الأنتفاع وأثره وأنه من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى التي انعم بها علينا ..
فلا شيء أثمن من العمر والإنسان يضيف ألمكاره والنوائب إليه ويزيد شقاءه وخسرانه وأن الشقاء والخسران ليس عيب في الإنسان ولا في الدهر وعمر الإنسان القصير لا يتجاوز عشرات معدودة من السنين سيُسأل عن كل لحظة فيه وعن كل وقت مر عليه وعن كل عمل قام به قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟ ) في هذا الموقف العظيم يحاسب عن مدة أجله فيما صرفه وماذا فعل بزمانه ووقت شبابه خاصة لأن تمكن الإنسان من ألزمن في وقت ألشباب أعظم وأكد وأثمر من طرفي العمر حيث ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة..
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس (الصحة والفراغ) فالنعمة ما يتنعم به الإنسان ويستلذه ويشتري عمره بأغلى الثمن فمن صح بدنه صح عقله والبعض يتفرغ إلى الأشغال العائقة ولم يسعى لصلاح آخرته وأغلب الناس لا ينتفعون بالصحةوالفراغ بل يصرفونهما في غير محالهما فتصبح وبالاً ولو أنهم صرفوا كل واحد منهما في محله لكان خيراً لهم فيجب على المسلم أن يحسن عمله ولا يضيع أوقاته ويصرفه فيما لا فائدة فيه
ومن جَهِل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره وقيمتة ولكن بعد فوات الأوان ..
الإنسان يندم على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم وفي ساعة الاحتضار حيث يستدبر الإِنسان الدنيا ويستقبل الآخرة ويتمنى لو منح مهلة من الزمن وأُخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات وفي الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت وتُجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار هناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف ليبدءوا من جديد عملاً صالحاً هيهات هيهات لما يطلبون فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء ..
ونلاحظ في زماننا هذا ألجهل بقيمة ألوقت والتفريط فيه هذا الزمن زمن العجز زمن الراحة والكسل ماتت ألهمم وخارت ألعزائم وتمر الساعات والأيام ولا يحُسب لها حساب بل هناك من ينادي صاحبه تعال لنقضي وقت الفراغ هل لدى المؤمن وقت فراغ؟ وإذا فرغت من شغلك مع الناس و من شواغل الحياة فتوجه بقلبك كله إلى من يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد العبادة والتجرد والتطلع والتوجه إليه فالمسلم بإخلاصه في أعمال الدنيا وعبادتة ويعتبر جهاد في حياته ولنرجع قليلاً في سطور مضيئة وكلمات صادقة إلى حال من سبقونا لنرى كيف نظروا إلى هذه الأوقات وماذا عملوا فيها وكيف استفادوا منها يندمون على يوم غربت شمسه ونقص فيه من أجلهم ولم يزد فيه عملهم ..