من أمثلة تعامل الصالحين مع خدمهم ما كان يفعله عمر بن عبدالعزيز، رحمه الله، حيث كان لا يوقظ خادمه ليلا ليصلح له مصباح الإضاءة، وعندما سئل عن ذلك، قال: الليل من حقه ليستريح.
وروي أن أحد الصحابة أرسل خادمه لقضاء مصلحة، ثم دخل عليه رجل فرآه يعجن فقال له: لم تفعل ذلك وعندك خادم...؟ فقال له: بعثت الخادم في عمل، فكرهت أن أجمع عليه عملين.
من الجميل أن يخصَّ الخدم المسلمين بعناية ورفق، وألا يُظلم غير المسلمين، بل ينبغي أن يدعوهم إلى الإسلام بسلوكه الحسن، ومعاملته الطيبة.
في أحد الأيام كنت جالسا في قسم الكتب في أحد مكاتب دعوة الجاليات حين دخل شاب ومعه ابنتيه الصغيرتين، وطلب شيئا من الكتب الخاصة بإحدى اللغات الآسيوية للخادمة التي أسلمت حديثا، وبعد تهنئته بذلك وإظهار الفرح والسرور لهذا الإنجاز المتميز سألته عن كيفية حدوث ذلك، فقال أن الخادمة تعود لابن عمه الذي سافر مع أسرته، وطلب منه أن يتركها عنده، فقبل ذلك، وبعد مضي أسبوعين سألت الخادمة عن الإسلام وأبدت اهتمامها، وقالت إن كفيلها كان يعاملها وأهله بنوع من الشدة، مع إكثار الواجبات، بينما وجدت هنا من يتحدث إليها بعطف، ووجدت الصغار يلاطفونها، فشعرت بالطمأنينة والأنس، وكانت تتساءل إن كان هذا من طبيعة الإسلام في التعامل، فأخبروها أن ما شاهدته ما هو إلا جزء بسيط من التوجيهات التي يحثنا عليها ديننا في سلوكنا مع الآخرين.
ولا يخفى أن دور القدوة مهم جدا للخادمات حين يرون أهل البيت محافظين على الفرائض والنوافل، والحديث معهن بشأنها.
وتروي إحدى الأخوات حكاية لطيفة فتقول: لدينا خادمة مسلمة لكن لا تعرف كيف تلبس الحجاب بصورة صحيحة، أو كيف تتوضأ أو تصلي كما يجب، حيث كانت هذه الخادمة تلبس الحجاب وبعض شعر رأسها يبدوا ظاهرا، كما أنها ترفع أكمامها فيظهر ساعداها، فوضحت لها أن الحجاب ليس هكذا، وقمت بشرح ذلك لها، فقالت أنا لا أعلم من ذلك شيئا، فذهبت إلى مكتب دعوة الجاليات، واشتريت لها بعض الكتب والقرآن المفسر، وجميعها بلغتها، وبعد فترة جاءتني، فهل تعلمون ماذا كانت تريد...؟
إنه لأمر يثلج الصدر ولم أكن أتوقعه، حيث لم يخطر لي على بال، قالت أريد بعض الكتيبات حتى أضعها في مسجدنا القريب من منزلي في بلدي حتى يقرأه الناس ويستفيدون، فنحن لا نملك هذه الكتب فلهذا نعيش على جهل في كثير من الأمور.
تقول الأخت فرحت كثيرا لأنها لم تفكر بنفسها فقط، وإنما بكل قريتها.