نصف الاشياء بالجمال عندما تثير فينا انفعالا داخليّا يشعرنا وجدانيّا بالبهجة أو بالحزن او بالغضب أو الإثارة المبهمة فندرك أنّ ثمة رابط أو علاقة تربطنا بها وتجذبنا إليها من حيث ندري ولا ندري للتفاعل معها والغوص فيها ومحاولة إدراكها وسبر غورها وفهمها ..
هذه المشاعر قد تفضي إلى الإعجاب والشغف وقد تفضي الى النبذ والإنكار او الى الحياديّة والتجاهل وهي في مجملها إنعكاسا تعبيريّا لدلالة هذه الأشياء في مرآة الذات الواعية للرسالة الكامنة في عمق تلك الأشياء ..
تداعت هذه المقدمة إلى خاطري حين شاهدت بمحض الصدفة هذه اللوحة المنشوره للفنان التشكيلي العالمي عبدالوهاب عطيف وودت لو كنت ناقدا فنيّا لامنح اللوحة ومبدعها حقهما من التقدير المتخصص ..
إنّ استقراء اللوحة التشكيلية يعتمد على حدس المشاهد القارىء للبناءات الشكليّة والضمنيّة ودلالات اللون والخط والتركيبات والمساحات ومعالم فهم اللوحة ..
وفي تقديري وبعيدا عن معايير النقد الفني المتخصص تجسّد اللوحة بشكلها المجرّد كثافة الإحساس الكامن عميقا في ذات الرسّام وهو إحساس قد لا يرجع إلى تجربة شخصيّة بقدر ماهو تفاعل وجداني وتصوّر ذهني وتفكير عميق للتعبير عن رؤية الفنّان لتطور الحياة في عالمه الداخلي والخارجي وهو عالم كما يبدو من اللوحة بأبعادها الثلاثة مفعما بالحركة والمشاعر الجميلة والقلق الإيجابي والتفاعل الحميم وربما بعضا من فوضى الاتجاهات ، بينما خطوطها والوانها وتموجاتها تكاد تنطق بدرجة كاملة من الإبانة التعبيريّة عن حالة التكافؤ بين مكوناتها ، وحين تمعن النظر فيها عميقا بعين الخيال المتبصّر يدهشك نقاءالرؤية وصفاء الفكرة وبراعة الفرشاة والخطوط وتناغم الألوان وتموجات الضوء المنسابة في أبعادها ، وتشعر بطاقتها الإيجابية وبحجم الدفىء المنبعث في ارجائها الممزوج بالقوة والتمكّن والرغبة والطموح والثقة في النفس ، وتستشف مدى التناغم والتكامل بين عقل وفكر ووجدان الفنّان .