قد يغيب عن البعض أن الحملات الامنية لمكافحة المخدرات تتم منذ زمن بعيد، وأنها بشكل دوري وسنوي، وبأساليب عديدة: اعلاميّا ودعويّا وتثقيفيّا، ووفق خطط واهداف محددة، وحققت نجاحات عديدة، ولهذا استمر العمل بهذه الخطط الامنية خلال السنوات الماضية وستستمر مستقبلا ، لكن هذه الحملة الاخيرة والتي اتخذت لها اسم الحملة (الوطنيّة ) تبدو وكأنها حملة استثنائية؛ من خلال الاستعداد والحشد والتكتيكات والدعم والتشريعات والتنظيمات المصاحبة لها، ومن خلال وصفها او تسميتها بالحملة ( الوطنيّة ) لتتجاوز مفهوما الامني ( الشُّرَطي ) الى مفهوم اجتماعي وتنموي وطني لا يقتصر تنفيذها على رجال الامن فقط بل يفتح المجال لانخراط كافة ابناء الوطن ومكوناته للمساهمة فيها وكل بدوره وقدرته، وفي إطار المسؤولية الاجتماعية والفردية.
والملاحظ أن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي انهالوا بالتحذير والإنذار وتنبه الشباب والأهالي ، وان الحملة الامنية ( الوطنيّة ) تستهدف القبض عليهم ومعاقبتهم وفق اجراءات استثنائية غير مسبوقة، ومع احسان الظن في نواياهم، إلّا أنهم كمن يقول ( انتبهوا واحذروا من القبض عليكم .. ) .. وهو توجه اجتهادي وتفاعل ايجابي مشكور يحتاج الى التصويب حتى لا تصل رسالتهم بشكل مخالف لما هو مقصود وحتى لا يفوتهم أن ما ينبغي التركيز عليه اثناء الحملة، ليس مجرد التحذير من الوقوع في قبضة رجال الامن، او في براثن المخدرات بل حث الشباب والاهالي على التعاون مع رجال الامن ومؤازرتهم وتسهيل مهمتهم وتفهم اهدافهم وتقديم المعلومات لهم، للقبض على اكبر عدد ممكن من المهربين والمروجين ، سيما أن هدف الحملة في اعتقادي ليس تكثير عمليات القبض وملء السجون بضحايا المخدرات وايقاع العقوبات عليهم ( مع ان هذا سيتحقق بشكل حتمي ) ، بقدر ما يكون هدفها احداث هزة قويّة في الوعي المجتمعي وفي ذاكرة المجتمع وبخاصة الشباب ولفت نظرهم الى الاخطار المحدقة بهم وتصحيح مسارهم واعادة ضبط بوصلتهم الاخلاقيّة والدينيّة ودعم دور الاهالي في اصلاح ابنائهم وبناتهم ( فمن لم ينتفع بتربية والديه ستعين الدولة على تربيته) واشعارهم عمليّا بالحضور الأمني القوي والمخلص ، ويستثنى من ذلك بالطبع مجرمي التهريب والترويج والاستقبال والبيع ومن يقف وراءهم من تجار المخدرات الذين تحرص الجهات الامنية على تخليص المجتمع منهم ومن شرورهم ، خاصة بعد ان لوحظ فوضى وشيوع تعاطي المخدرات والقات والمسكرات ، ويبدو أن الشباب وبفعل ( فاعل خفي )قد فهموا خطأ هامش الحريات الشخصية وبرامج وشعارات جودة الحياة والسعادة والترفيه التي جاءت بها الرؤية المباركة فزاد بينهم التعاطي والترويج وظنّوا أن لا رقيب عليهم ولا رادع لهم ، وقد شجع هذا الاستهلاك المتزايد عصابات تهريب المخدرات وترويجها والدول والمنظمات التخريبية المعادية على تكثيف عمليات تهريب المخدرات الى بلادنا حتى وصل بهم الأمر إلى عدم التورع في استغلال شعيرة الحج والعمرة …
ختاما : آن الاوآن لاشعار رجال الأمن ورجال مكافحة المخدرات وبشكل ملموس بمدى امتناننا لما يقدمونه من جهود وتضحيات سائلين الله أن تتكلل اهداف الحملة بالنجاح وان نشهد حملة موازيّة تحتضن التائبين في مستشفيات الامل ومراكز التأهيل ومراكز النصيحة والاصلاح لتقديم الدعم النفسي والعلاجي لهم … والله ثم المليك والوطن من وراء القصد .