فرض وجود ضيوف الرحمن من شعوب مختلفة ضرورة الاهتمام باللغات الأخرى، وقد استخدمت المملكة العربية السعودية منذ سنوات عديدة اللغات المختلفة في إيصال المعلومات إلى الحجاج بلغاتهم، وأدخلت الترجمة في منظومة الحج؛ ليصبح أكبر مشروع للترجمة في العالم يخدم ضيوف الرحمن من جميع أصقاع الأرض. وتبرهن مساهمة الهيئة في هذا المشروع على دورها المحوري في تعزيز التشاركية في القطاع الوقفي وتنميته والحرص على استدامته إضافةً إلى تحسين تجربة الحجاج وخلق الحلول المبتكرة والمستدامة لهم.
وسبق أن أطلقت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ضمن جهودها الاتصاليّة والتوعوية، بالشراكة الاستراتيجية مع الهيئة العامة للأوقاف، مبادرة توعوية نوعية تستهدف ضيوف الرحمن القادمين من كافة بلدان العالم لأداء مناسك الحج، حيث عُنيت المبادرة بتوفير 13 دليلاً تفصيلياً يتناول الموضوعات التي تهمّ الحجاج، بأسلوب سهل ومبسط يشمل جميع المراحل التي يمرون بها أثناء تأديتهم للمناسك. وتأتي هذه الأدلة التوعوية متوافقة مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لتسهيل رحلة حجّاج بيت الله الحرام، وإثراء تجربتهم الإيمانيّة بطمأنينة ويسر، عبر الإجابة عن كافة تساؤلاتهم من خلال أكثر من 14 لغة ضمن أكثر اللغات استخداماً بين ضيوف الرحمن، كما يستهدف مشروع الترجمة نحو 250 مليون مسلم .
وتتضمن هذه الأدلة التوعويّة -التي يصل عدد ترجمتها إلى 182 دليلاً- خطباً دينية وشرعية وندوات ودروس علمية تحتوي على كافة المعلومات والتوجيهات الشرعيّة والصحية والإجرائيّة والتنظيميّة التي يحتاجها الحاج، بلغة مُبسطة وصور ورسومات تفصيليّة، لتسهيل قراءتها والاحتفاظ بها، كما تتميز بكونها مصممة بطريقةٍ فنية جاذبة، ومدعمة بمجموعة كبيرة من الصور والرسومات التوضيحية، إضافةً إلى مجموعة من المقاطع المرئية التعليمية، مع إمكانية الاستماع الصوتي لها.
وتسعى الهيئة العامة للأوقاف من خلال هذه المبادرة وغيرها إلى خدمة ضيوف الرحمن على النحو الذي يُحقق لهم أداء المناسك بالطريقة المثلى التي يتطلع لها حجاج بيت الله الحرام، حيث يمكن استعراض الأدلة عبر كافة أنواع وأنظمة الأجهزة الذكية في كل مكان وزمان وعلى مدار الساعة؛ دون مقابل مادي، وقد وصل مجموع عدد صفحات الأدلة التوعويّة بعد الترجمة إلى 10,178 صفحة.
وجاء هذا العمل من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون الاستراتيجي مع الهيئة العامة للأوقاف، وبالشراكة الفاعلة مع عدد من الجهات الحكوميّة التي تقدم خدماتها ضمن منظومة الحج، التي تسعى لإيصال رسائلها التوعويّة للحجّاج والمعتمرين بشكل مباشر؛ بهدف توحيد الجهود والمواءمة في الطرح للتأكد من جودة المخرجات ووصول الرسائل للجمهور المستهدف ضمن عدد من اللغات وعلى رأسها العربية، والأوردية، والإنجليزية، والفرنسية، بالإضافة إلى البنغالية، والإندونيسية، والماليزية، والأمهرية، والفارسية، والإسبانية، والتركية، والروسية، والسنهالية، ونشر المحتوى بأسلوب سهل وسلس من خلال المنشورات والمقاطع على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصل المقاطع إلى الملايين حول العالم بشتى اللغات. وأظهرت الإحصائيات أن لغة الملايو كانت أكثر اللغات استماعا لخطبة عرفة، تلتها الإنجليزية، ثم الأوردية، والهوساوية، والبنغالية على الترتيب، أما أكثر الدول استماعاً للبث فقد كانت على الترتيب: إندونيسيا، وباكستان، والهند، وبنغلاديش، ومصر، والصين. وتشارك العديد من الجهات ضمن منظومة الحج في نشر المحتوى التثقيفي بلغات متعددة. وتبرهن هذه الجهود المبذولة على السعي الحثيث للمنظومات والجهات المشاركة للتكامل فيما بينها لخدمة ضيوف الرحمن القادمين من كل فج عميق، وستشهد السنوات المقبلة في الحج زيادة في اللغات كلما زاد أعداد الحجاج. وتسهم رؤية المملكة 2030 في تحفيز الوزارات والقطاعات الموجودة ضمن منظومة الحج في تقديم المزيد في هذا الجانب، في حين أن جهود الترجمة في الحج تمثل جانباً حاسماً في إثراء تجربة الحج، وتساعد على كسر حواجز اللغة، والتأكد من أداء الحجاج للفريضة بغض النظر عن لغتهم أو خلفيتهم الثقافية.
يذكر أن الهيئة العامة للأوقاف تعمل على تنظيم القطاع الوقفي والمحافظة عليه وتطوير خدمات الأوقاف المقدمة للمستفيدين بما يحقق تنفيذ شروط الواقفين ؛ من خلال تطبيق أفضل الممارسات وسن اللوائح والقوانين التي من شأنها الارتقاء بالعمل الوقفي، وذلك لتعزيز دور الهيئة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية والأنظمة، ولتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في أن تكون المملكة رائدة في القطاع الوقفي وغير الربحي.