من منا لا يريد التميز ويبحث عنه في واقع حياته فهذا مطلب تتمناه جميع النفوس البشرية ومن حق كل إنسان أن يكون متميزا بل وسعيه للوصول إلى ذلك أمر غريزي وطبيعة طبع الله البشر عليها ويعد التميز غاية مشروعة ونبيلة يمكن الوصول إليها بطرق مستقيمة فحسن النية وصلاح المقصد يرفع من تلك القيمة لكن بمجرد ما أن تفسد النية يختل القصد ويقع المرء فيما هو محظور أخلاقيا وإنسانيا بل ويدخل من دون ما أن يشعر في متاهة مضلة لا حد لها ولا مخرج منها ويبقى الرضا بالواقع دون السعي إلى تغيير ظروفنا الحياتية هو أكبر مانع يحول بيننا وبين التميز خصوصا عند النفوس التي تحظئ وأعتقادها غير صائب بأن التميز ليس بمقدور الجميع لأنه يتطلب توفر مواصفات إعجازية وامتلاك قدرات خارقة..
ولو غصنا في أعماق الإنسان لوجدناه يحمل طاقات خفية لا تظهر إلا بعد إزالة غبار التقصير والكسل عنها فهو أقدر مما يتصور وأقوى مما يتخيل وأذكى بكثير مما يعتقد فلكل إنسان قوى داخلية ينبغي العمل على اكتشافها وتنميتها ورعايتها لكي يستفاد منها بدل أن تبقى معطلة فيحرم من بزوغ التميز في حياته فالتميز ليس ضربة حظ بل هو ثمرة العمل والجد والتضحية والصبر فمن منح طموحه ذلك كله حصد التميز لهذا نجد أن الفرق بين حياة الإنسان المتميز وغيره تكمن في نقطة واحدة تتمثل في تحمل المشقة وترويض الذات على ذلك النوع من تحمل وهو المعيار الحقيقي للتميز فإن لم تكن قادرا على تجشم عناء مشقة الطريق وتكاليف التميز فلا تبدأ ولا تضيع وقتك في البحث هنا وهنالك عن طرق سهلة وغير متعبة فلا توجد خطة تسرع من وتيرة وصولك للتميز ولتكن مستعدا لتجاوز كل ما تمر به سواء كان في حسبانك أو لم يكن دون يأس فينفذ إليك فتستسلم وأنت لا زلت في بداية الطريق ..
التميز يحدث على مدى إيمان المرء بقدرته وبقابلية أفعالة وهو مؤمن به عمليا فعدم حصول هذا يجعل التميز مجرد تمني واعتقاد فارغ ويكمن التميز في القدرة على تسخير الإمكانيات المتوفرة لديك والمحيطة بك للتألق في تحقيق طموحاتك وعدم إعطاء أي فرصة للإخفاق حتى لو تكرر لكي لا يستولي عليك ويثبط عزيمك فتتخلى بذلك عما تطمح له ولا مكان للتميز عند الذي لا يعمل بكل طاقاته ولا يحاول تطوير قدراته وتحسين مهاراته وتحتاج نقاط قوته لتعزيز مستمر فنقاط ضعفك أيضا تستلزم صبرا كثيرا من أجل التخلص منها إذ لا يمكن أن تتم هذه العملية بين عشية وضحاها ولا تنقصك الرغبة لكي تتميز بقدر ما أنت في حاجة إلى معرفة وكيفية توظيف إمكانياتك إذن المشكلة تكمن في افتقادك للمنهجية الصائبة لتحقيق التميزويستدعي حصول ذلك في استغلال ما لديك على أفضل ما يكون بعد أن تصبح أدرى بإمكانياتك الدفينة التي تبحث عن فرصة حقيقية لتعود إليك القدرة على التميز فما يمنعك من أن تكون متميزا يوجد بداخلك ..
في الحقيقة أنت المسؤول عن حجب التميز من حياتك ومنعه من الحدوث وذلك بإيمانك بأنك مجرد شخص عادي وأن التميز يتطلب منك أن تكون إنسانا ذو مواصفات عالية جدا ممتلك لمقومات نوعية فريدة لا يمكنها بتاتا أن تتوفر فيك لكي يكون لك بالأساس نصيب من التميز ومثل هذا الاعتقاد بطبيعة الحال غير صحيح ويرجع بروزه إلى ما رسخته في ذهنك لهذا تعتقد أنه ليس بمقدورك تجاوز هذا الحاجز الكبير الذي وضعته بينك وبين التميز فصار أمرا مستحيلا في نظرك أنت بحاجة فقط إلى أن تعرف كيف تصل إليه فتسير في طرقه بثبات مهما كانت المسافات بعيدة بينك وبينه فعندما تبدأ بمواجهة طبيعتك ستخرج مكنوناتك الهائلة لتبرز إمكانياتك بشكل فعال وتندفع من داخلك قوة عظيمة لا تشبه ما تظنه فيك فيشرق بذلك تميزك ويظل بدون غروب ..