الشمس، وما أدراك ما الشمس، ذاك النجم الهائل والوهج المشتعل الذي يمد كوننا بالطاقة والضياء، وحين أقول كوننا فأنا أقصد كوكبنا الصغير في مجرتنا الكبيرة حيث الكون ملئ بالنجوم في مجرات عدة لا يعلم مداها إلا الله وحده.
هذا النجم العملاق بارع فاعل، لدرجة أن إبراهيم عليه السلام ظن فيه ظنا بأنه الرب ثم حين سار مسار باقي المخلوقات من حيث الأفول والغياب استنكر تفكيره وأعلنها بأنه لا يحب الآفلين.
الشمس مصدر الحياة، منبع الحركة، محرك النماء في كوكب الأرض، ذهبيتها تشعل القرائح، وضياؤها يبهج الخواطر بل ويحي الهمم الذابلة.
ورد ذكر الشمس في مواضع عدة في القرآن الكريم، تتجاوز الثلاثين مرة.
وكانت الفكرة السائدة لقرون طويلة أن الشمس ساكنة لا تتحرك والأرض تدور حولها، ولكن أثبت غاليليو بأن الشمس تدور حول نفسها ومع تطور العلوم الفلكية تبين أن الشمس كسائر النجوم تدور أيضا حول مركز المجرة.
يقول تعالى:(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }يس38.
ويقول ابن كثير بأن لهذه الآية معنيان أحدهما مستقر مكاني والآخر مستقر زماني، فالمكاني -وفق ابن كثير - هو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب وأينما كانت هي وجميع المخلوقات تحت العرش لأنه سقفها، والشمس تسجد لله طاعة كما تفعل جميع المخلوقات، أما المعنى الزماني فيقول ابن كثير : المراد بمستقرها هو منتهى سيرها وهو يوم القيامة يبطل سيرها وتسكن حركتها وتكور وينتهي هذا العالم إلى غايته، وقال ابن عباس أن الشمس سائرة ليل نهار
لا سكون لها.
وكشف العلم الحديث أن الشمس تتحرك بشكل متعرج بطريقة تشبه الجري وليس مجرد الحركة ففي اللغة معنى الجري هو المرور السريع المتعرج وغير المستقيم والذي فيه اهتزاز، وهذا ما أظهرته الدراسات الحديثة فلكيا فالشمس حركة دورانية لولبية تحدث اهتزازا كحركة الرجل أثناء جريه يتحرك يمينا ويسارا ولا يبقى في خط مستقيم، وذات الحركة تحدث أثناء جريانها حول المجرة، لذلك وصف القرآن حركة الشمس بالجريان لا مجرد المشي والحركة وهو تعبير علمي دقيق يدل على إعجاز القرآن الكريم.
ويتوقع العلماء وجود مسارات وحركات أخرى للشمس وجميع الكواكب والأجرام إلى مكان محدد في المجرة تتوقف عنده وربما لسائر المجرات وستكون النهاية عندها، وهذه النقطة سماها الفلكيون"Solar Apex" مستقر الشمس، وربما حينها يكون الوقت الذي يعلمه الله وحده لطلوعها من مغربها وقيام الساعة.
هذا الكتاب .. كتاب الله المجيد، حيث الكنوز التي لا تنتهي والاكتشافات التي لا تنقضي، أسراره تثبت عظمة الخالق واتساقه وبلاغته تدل على ألوهية المولى عز وجل .
"تجري لمستقر لها " ليست مجرد عبارة - إذ لايوجد في القرآن كلمة مرسلة بدون معنى محدد ودقيق- بل توصيف دقيق يصف بدقة خارقة آلية هذا النجم العملاق وفق تقدير العزيز العليم قبل أن تبني ناسا وكالتها العظيمة وترسل صواريخها لمجاهل المجرات.
فمن يهجر القرآن والدين بحجة تبني العلم ليته يقرأ القرآن ليعلم أن هذا الكتاب مؤشر على وجود خالق ولذا فكل مافيه يوثق حقائق الكون ويصدقها ولا يتعارض مع العلم بل يتفق معه.
ليت المفتونين يدركون.