وضعت جمعية البر بجدة حزمة من الأهداف الاستراتيجية التي تخدم من خلالها المشروع التنموي الذي رسمت رؤية المملكة 2030 من خلاله خارطة المستقبل، وعمل مجلس إدارتها وجهازها الإداري على تنفيذ تلك الأهداف المُسترشدة بهذه الرؤية التنموية.
وقد برز من بين أهداف الجمعية الحرص على تمكين المستفيدين والانتقال من مفاهيم الرعوية الى التنمية المستدامة بمساراتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية..
من هنا جاءت برامج الجمعية متناغمة مع برامج الرؤية التنموية خاصة برنامج (جودة الحياة) الذي يُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة الأفراد في مختلف المناشط، وقد برز ذلك في برامج الجمعية الخاصة برعاية الأسر وتمكينها، من خلال التأهيل والتدريب الذي تستثمر فيه الجمعية شراكاتها لخدمة أبناء تلك الأسر، إضافة الى ما نفذته لمساندة الأسر المنتقلة من الأحياء العشوائية ضمن برنامج تطوير تلك الأحياء، مع الحرص المستمر على متابعة الأسر المسجلة في الجمعية وتقديم المساعدات لها. كما برز استلهام الجمعية لبرنامج جودة الحياة من خلال كفالة الأيتام سواء أولئك المقيمون لدى أسرهم أو في دور الضيافة التابعة للجمعية، بالحرص على تمكينهم عبر تأهيلهم وتدريبهم، وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية والتعليمية لهم والعمل على تعزيز قدراتهم ومواهبهم ودمجهم مجتمعياً وبناء شخصياتهم المتكاملة وتأمين مستقبلهم من خلال مساندتهم على إكمال دراساتهم العليا سواء بالداخل أو عبر برامج الابتعاث.
وجاءت عناية الجمعية بالعمل التطوعي من خلال استقطاب الفرق التطوعية وتسجيلها والعناية بزيادة أعداد المتطوعين والتنسيق معهم لتقديم المبادرات المجتمعية ذات الأثر المستدام لتقف شاهداً على القيمة المضافة للعمل التطوعي، حيث قدم المتطوعون الكثير من المبادرات التي تثري العمل الاجتماعي وتدعم استدامته بالتوازي مع ما قدمته إدارة التطوع من دورات متعددة استفاد منها الكثير من فئات المجتمع إضافة الى المتطوعين أنفسهم.
أما برنامج (التحول الوطني) الذي يُعنى بتهيئة البيئة المناسبة المُمكّنة لجميع القطاعات من خلال دعم التميز والتحول الرقمي والاستدامة والشراكات وتعزيز التنمية، وهو ما جعلته الجمعية ضمن أهدافها الاستراتيجية، مُسخِّرة كافة الأدوات والوسائل التي تتيح الاستفادة منه على أرض الواقع داخل إداراتها وأقسامها.
فكان ما قدمته الجمعية في مجال التحول الرقمي في مختلف اداراتها، واستثمار ذلك التحول لتيسير الخدمات عبر إطلاق أجهزة الخدمة الذاتية والمنصة الالكترونية وتطبيق الجمعية الخاص بالهواتف الذكية إضافة الى تدشين معارض الجمعية الالكترونية في المولات والأسواق التجارية.. نقول لقد كان ذلك نقطة تحول في مخرجات الجمعية ونشاطاتها المختلفة التي تجسد دلالات استنبات التميز وفق معايير الحوكمة الرشيدة.
ولم يغب برنامج (تنمية القدرات البشرية) عن أذهان مسؤولي الجمعية، حيث حرصت الجمعية من خلال إدارة الدعم المؤسسي على إقامة عدد كبير من ورش العمل والدورات لتطوير قدرات منسوبيها ورفع كفاءة أدائهم عبر تعزيز القيم وتطوير المهارات وتنمية المعارف.
وفي مسار (برنامج التحول الصحي).. أولت الجمعية مرضى الفشل الكلوي عناية خاصة من خلال مركزي هشام عطار وعبد الكريم بكر التابعين لها، حيث يتم تقديم الخدمات الصحية المجانية لهم وفق أعلى معايير الجودة عبر أكثر من 80 جهازاً للغسيل الكلوي تم من خلالها إجراء أكثر من 550 ألف جلسة غسيل كلوي، ناهيك عن تقديم الرعاية التثقيفية والنفسية والاجتماعية للمرضى وتقديم الأدوية المجانية لهم.
أما (برنامج الاستدامة المالية) فقد حظي في مسارات عمل الجمعية بقصب السبق من خلال العناية بالأوقاف وطرح مشروع (مقصد جدة) وهو أضخم مشروع تجاري سيتم بناؤه في مقر الجمعية الرئيسي بحي الزهراء لدعم روافد الجمعية المالية، إضافة الى حزمة من المشاريع الأخرى المعزز بطيف من الشراكات الواسعة مع قطاع الأعمال وغيره من القطاعات والتي تستهدف الجمعية من خلالها تعزيز مصادرها المالية بما يخدم برامجها المجتمعية.
ولم تغفل جمعية البر بجدة (برنامج الإسكان) الذي جاء ضمن أنساق البرامج الهامة في رؤية المملكة، حيث حرصت الجمعية على الاستفادة من فلسفة هذا البرنامج الحيوي في تقديم الحلول السكنية التي تلبي احتياجات وتطلعات الأسر السعودية، فقدمت الجمعية ليتيمات دور الضيافة التابعة لها برنامج (تمكين اليتيمات) الذي يتيح لليتيمة تملك شقة سكنية تضفي على حياتها أجواء من الاستقرار والاندماج النفسي في بيئتها المجتمعية، ويستهدف البرنامج منح شقق سكنية لليتيمات وفق شروط وضوابط بالتنسيق مع وزارة الموارد البشرية الداعمة للبرنامج، وقد تم تسليم 4 يتيمات شققهن، وجارٍ العمل على تسليم باقي اليتيمات ضمن العدد المستهدف.
كما رسمت الجمعية من خلال الاسترشاد ببرنامج (خدمة ضيوف الرحمن) صورة ناصعة للأدوار المنتظرة من القطاع غير الربحي في خدمة ضيوف الرحمن والذي يتم من خلاله إثراء وتعظيم تجربة الحج عبر تقديم منظومة من الخدمات التي تُيسِّر أداء رحلة الحج وتترك أثرها في نفوس الحجاج والمعتمرين.
فجاءت مشاريع (البر) الموسمية في الحج: (الأضاحي، سقيا حاج، كسوة العيد، عيدية يتيم)، وقبلها مشاريع موسم رمضان، ناهيك عن برامج وأنشطة الجمعية الأخرى، جاء ذلك كله استرشاداً ببرامج الرؤية التنموية، ومحاورها التي ارتبطت فيها (حيوية المجتمع) بمفاهيم (القيم الراسخة والبيئة العامرة والبنيان المتين)، لذا كان حرص الجمعية على استنبات هذه القيم المُجسِّدة لمعاني التراحم والتكافل، وتعزيز جودة الحياة للمستفيدين من خدماتها، مستندةً في تنفيذها على مرتكزات التحول الرقمي الذي يدعم التميز ويساهم في تيسير أداء الأعمال وتمكين واستدامة العمل الخيري.
لقد جاءت منظومة برامج ومشاريع الجمعية مواكبة لبرامج الرؤية التنموية، مترجمة لاستراتيجيات الجمعية التي تسير بخط متوازٍ مع تلك البرامج، وبما يلبي احتياجات المستفيدين ويساند تعاملات الجمعية وشراكاتها مع مختلف القطاعات.
إن النماذج التنموية المعاصرة التي قدمتها الجمعية والمتجسدة في العناية بالأوقاف والمشاريع الاستثمارية من خلال محفظتي الجمعية: العقارية والاستثمارية مع تنفيذها حزمة من الآليات التنظيمية لتعزيز منظومة الأداء في مختلف برامجها وأنشطتها التي تشمل: رعاية الأسر وكفالة الأيتام ورعاية مرضى الفشل الكلوي، مع ريادتها في التفاعل المجتمعي من خلال مستودع البر، واستشعارها للفئات المحتاجة عبر طرح حزمة من المشاريع الموسمية في موسمي رمضان والحج وأعيادهما، نقول: إن هذه النماذج المعاصرة قد شكَّلت قاعدة صلبة يمكن الاستناد اليها لاستشراف حجم الأثر الذي يمكن أن يتركه القطاع غير الربحي في رفد التنمية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي باعتباره أحد محركات هذا النمو الذي عزَّزته الرؤية التنموية منذ بداياتها استناداً الى ثلاثة مرتكزات هي: العمق العربي والإسلامي، والموقع الجغرافي، والقوة الاقتصادية، ولتنطلق منها ثلاثة محاور هي: “مجتمع حيوي، وطن طموح، اقتصاد مزدهر”، انبثقت منها جميع الأهداف الأخرى: الرئيسية والفرعية.
إن نموذج جمعية البر بجدة بكل ما تمخّض عنها من برامج ومشاريع وأنشطة إنما يمثل قصة محاكاة واسترشاد بمستهدفات برامج الرؤية، وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة، وترجمة استراتيجية: (بناء الإنسان وتنمية المكان)، بكل ما يمثِّله ذلك من مكتسبات تصب في مجرى المشروع النهضوي الكبير للمملكة، وتستنهض همم باقي القطاعات للعمل في نموذج تكاملي يلبي الاحتياجات المجتمعية ويترجم حجم الاضطلاع بمسؤولياتها نحوه، ويفسح المجال لذوي القدرات من القياديين والعاملين والمتطوعين حتى يضيئوا دروب التنمية بقناديل إبداعاتهم الفكرية والتنظيمية.