مع الأسف يكثر حدوثه بين الناس وبشكل شبه يومي في حياتهم العادية وتعمد حدوث الحزن للآخرين، إما بقول أو بفعل، أو حتى بلغةالجسد وتعابير الوجه. وما منا من أحد إلا وقد مر بشخص تسبب له في الحزن أو الألم المعنوي، فإياكم وإياكم وكسر الخواطر وحقن الأذى، فإن القلوب تُدمِي بالكلمات الجارحة والنفوس تكسرها المواقف القاسية. وكم من الناس أدمت قلوبهم بكلمات جارحة من قريب أو عزيز، ولكم يخسر الإنسان من أصدقاء ومحبين بكلمات قلائل تضيع بها عشرة السنين وتذهب بها مودة الأحبة. تلك المودة التي أتت بعد سنين من العطاء والبر، فتراها تذهب بسهولة لكلمة جارحة أو موقف مؤلم. والإنسان بشر من لحم ودم، وله قلب ينبض بالمشاعر المختلفة التي قد تتبدل من الحب والود والعطف إلى البغض والمقت والكراهية. هذه المشاعر التي تختلف باختلاف أحوال الناس وتتولد وتتضح مع مرور الوقت والأحداث، حين يُظهر الزمن معادن الناس ومشاعرهم الحقيقية نحو الأخرين ..
فطيب الكلام خير ما يتحلى به المرء ويرفع قدره عند الله وعند الناس ويكسبه السعادة ومحبة الآخرين. لذا يجب الصبر على أذى الناس وعدم التسرع في اتخاذ الأحكام والإعراض عن الجاهلين، فكثيرا ما ينتج عن التسرع في الحكم على الناس الندم والخسارة. كما يجب احترام الآخرين والرفق بهم ورحمتهم خاصة الصغار والضعاف والفقراء والأيتام والعجزة. ويجب التلطف بكبار السن، فهم بحاجة للعون والصبر، ولا ننسى أن جميلهم على أعناقنا ما حيينا، وكذا الإحسان للجميع ويجب الاعتذار إذا صدر منا ما سبب الأذى للآخرين وطلب السماح والعفو منهم، ولنتذكر أن حقوق العباد لا تسقط إلا بعفوهم، فتطييب خواطرهم في الدنيا أسهل بكثير من عذاب النار في الآخرة، والعياذ بالله. ويمكن تحقيق ذلك بفعل أشياء بسيطة وسهلة مثل الهدية والزيارة والبر وبذل المال والكرم والإطعام ونحوه، فالإنسان ينسى ويغفر بهذه الأشياء البسيطة، ومعظم الأشخاص تكفيهم الكلمة الطيبة والابتسامة وطلاقة الوجه، وفي كل هذا صدقات وجمع للحسنات وخير كثير..
وديننا الحنيف ينهى عن إيذاء الناس كمسلمين يجب أن نحرص على تجنب كل ما يحزن الغير ونتخير الكلمات اللطيفة عند تخطابنا مع الناس. ومع ذلك نجد أن هذا الجانب مهمل من كثير من الناس، ولا يعتبرون الكلمات الجارحة ذنب أو شيء معيب يجب تجنبه. فقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن التخلق بخلق الدين أمر واجب عليهم ولينتبه الإنسان إلى أن الكلمة التي تخرج من فمه لا يمكن أن تعود إليه، فكما يعامل المرء الناس يعاملونه. ولا يحب الناس من يقسو أو يشتد عليهم في المعاملة واللفظ. علينا بطيب القول ومعاملة الناس بخلق حسن وإحسان عشرتهم وتختارالكلمات الطيبة عند مخاطبتهم، كما وصانا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة ..) كما أن فيه نشرا للمحبة والوئام بين الناس، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تبسمك في وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة) نسأل الله أن يرزقنا حسن الخلق ولين الجانب ويجعلنا مصدراً لإسعاد الناس وأن يجعلنا محبوبين منه ومن خلقه ومقبولين في الدنيا والآخرة ..