الرائع فى عصرنا الحديث هو التطور الفكرى الذى وصلنا إليه بسبب التقدم الهائل فى كل مجالات الحياة، والذى جعلنا نطور كثيرا من المفاهيم والمعتقدات البالية، ونتخلى عن بعض العادات والتقاليد والأعراف العقيمة التى لم تعد تتلائم مع حياتنا فى القرن الواحد والعشرين، لكن للأسف الشديد بالرغم من هذا التطور الذى جعلنا نتمرد على كثير من مفاهيمنا القديمة، أصبحنا نتبنى مفاهيم جديدة خاطئة أيضاً ولا تقل خطورة عن المفاهيم القديمة، والفرق الوحيد هو أن هذه المفاهيم المغلوطة الجديدة تتماشى مع متطلبات العصر فمن هذه مفاهيم الخاطئة التى نعانى منها، ربط التعليم بالثقافة والوعى، واعتبار أن الشخص المتعلم والحاصل على شهادات عليا هو أكثر الأشخاص وعياً وثقافة، وهذا خطأ قد يكون له دور بسيط فالتعليم يتلقاه الطالب فى المدارس والجامعات، أما التثقيف فيحصل عليه الإنسان بالقراءة والمعرفة المكتسبة من الإطلاع على الثقافات المختلفة ومن التعامل مع الآخرين فى الحياة لكسب الوعى والخبرة. وكم من أشخاص حاصلين على أعلى الشهادات الأكاديمية وللأسف الشديد عقولهم فارغة وساذجة، غير قادرين على فتح حوار مع الناس، وغير مؤهلين للجدال أو المناقشة فى أى موضوع عام، لأنهم لا يملكون الوعى الكافى لذلك نعيش وتعيش معنا الكثير من المفاهيم المغلوطة التي تعطل تنوير العقل المجتمعي وتوقف مسيرته نحو ثقافة حقيقية واقعية، تجعل من العقل طاقة تجدد فكري ومعرفي وقيمي، وتجعلنا كمجتمع نتدفق في اتجاه الحضارة البشرية، وتصبح ثقافتنا معادلة ذات وزن كبير في معادلات الثقافة الإنسانية، وليس مجردمجتمع مستهلك للمعرفة والعلم، ..
كذلك على الجانب الآخر قد نجد أشخاصا أُميين لا يعرفون القراءة والكتابة ومع ذلك لديهم وعى سياسى واجتماعى ودينى وعقولهم ليست بفارغة لأنهم يستطيعون فتح حوار فى أى مجال من مجالات الحياة ومن المفاهيم العصريةالخاطئة أيضاً أن القوة والسعادة يكمنان في المال والضعف والحزن يأتيان من الفقر والإحتياج وهذا خطأ كبير، فصحيح أن المال في زماننا هذا يشتري معظم الأشياء، فالأثرياء يحترمهم المجتمع والناس أكثر من هذا الذي لا يملك شيئاً لكي يحترم من أجله لكن للأسف الشديد المال لا يشتري أشياء كثيرة كالصحة وراحة البال والحب الحقيقي فكم من أشخاص أثرياء يعانون من أمراض كثيرة ويعانون من أزمات قلبية من كثرة ضغوط الحياة التي تراودهم كل ليلة بسبب خوفهم من الخسائر المادية، وكم من فقراء هم أغنى بصحتهم وعافيتهم، لأنهم ينامون الليل الطويل وبالهم مرتاح وكم من غني يكسر عيون الناس فيحبونه بألسنتهم من أجل ماله، وكم من فقير يكسب قلوب البشر فيحبونه بكل قلوبهم من أجل ضعفه.فمجتمعاتنا العصرية والعربية بالأخص لا تخلو من عشق التباهي والتفاخر بين الناس، فنجد أحلام كثير من الشباب تُهدم لأنها لا تلائم الشكل الاجتماعي العام أمام الأهل والأقارب وأمام والد العروس عند التقدم للزواج اذا كان لديه وظيفه بسيطه مرفوظ ومرفوضا ايضا من المجتمع والناس، لأنهم اعتادوا على اعتبار الوظائف التقليدية كمهن أساسية للشباب، قد يكون الشاب حالم وسيحقق بموهبته مشروع خاص له أرباحا وأموالا أكثر بكثير من الوظيفة التقليدية.فدورنا التشجيع وليس الأحباط لكن للأسف الشديد هذه المفاهيم المغلوطة والعقيمة نعانى منها ونحن فى القرن الواحدوالعشرين بسبب الاعتياد على نمط فكرى معين متوارث عبر الأجيال ..