يمتلك الإنسان طاقة جبارة هي سر قوته التي خبأها الله سبحانه وتعالى فيه كمخلوق نادر يتفوق على كل الكائنات والمخلوقات ويستطيع قيادة هذه الكائنات والعوالم وإرادتها بإذن الله الذي سخر له الكون بأكمله ليساعده على عمارة الأرض وبناء الحياة واكتشاف أسرارها ، والمتتبع لحياة الإنسان يلاحظ قدرته الهائلة على صناعة الحضارات وتحدي الصعوبات وإنجاز المهام وابتكار شبه المستحيلات ، فصناعة الطائرات والسيارات والمركبات البرية والبحرية والجوية والفضائية وصناعة الأسلحة الفتاكة الدقيقة والتقنيات المعقدة والشبكات العملاقة وعالم البناء وعالم الطاقة والاتصالات وغيرها مما وصل إليه العالم الحديث وما يخطط الوصول إليه بالإضافة إلى علوم الطب والهندسة والفيزياء وغيرها ، كل ذلك يجعلنا نتوقف أمام القوة الخارقة التي يتمتع بها هذا المخلوق الضعيف مقارنة بكثير من المخلوقات والاجرام المحيطة به مما يدعونا جميعاً للتفكير جدياً في تلك الطاقات المهدرة لدينا والأوقات الضائعة منا دون تفكير في مدى الخسائر التي لحقت وستلحق بنا وبأبنائنا ومجتمعاتنا المتأخرة كثيراً وهي ذات الطبع الاعتمادي والاستهلاكي والمغيبة عن حقيقة التحديات التي تقف أمامها والفرص الكبيرة التي بإمكانها صناعة حضارتها وأخذها نحو العالم الأول
لا شك أننا نلحظ بعض المنجزات والمحاولات لتحقيق بعض الطموحات لكن يجب أن نعترف أن أمامنا عمل كبير على المستوى الفردي والجماعي للنهوض بالإنسان العربي الساكن في الوهم والمعتمد على منجزات الأجداد وحضارات الأسلاف يتغنى بها تاريخاً وأدباً لكنه غير قادر على مسايرة العالم الحاضر لا في الصناعة والاختراع ولا في العلم والبحث وجل شغله وانشغاله في الأغلب بالسفاسف والتوافه من الأمور وهذا أمر بات واضحاً للعيان ولا يختلف عليه اثنان، ومتى ما أراد أن يكون له شأن وأن يستعيد مكانته الطبيعية التي أرادها له الله سبحانه وتعالى حينما اختاره لأفضل الرسالات السماوية ووعده بالعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة في قوله تعالى " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "
كم نحن اليوم بحاجة ماسة للسير على الصراط الإلهي المستقيم الداعي إلى عمارة الأرض وبناء الحضارة على منهج الخالق العظيم سبحانه وتعالى وهو المنهج الذي يفوق كل مناهج البشر وقوانين الدول ونظريات الناس .
إن الله تعالى الذي يقول في كتابه الكريم " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " هو الذي دعانا إلى التفكر والتفكير والإبداع والصناعة والاتقان واكتشاف أسرار هذا الكون الفسيح وتطبيق نواميسه العظيمة في الرقي والتطور ومهما علمنا أو تعلمنا فما أوتينا من العلم إلا قليلاً .
" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " .
ولن يتردد هذا العالم في منح شهادات الوصول للقمة لمن يعمل بصدق وجد وينافس الأقوياء مهما كانت جنسيته أو عرقه أوجنسه أو دينه فمن يعمل ويعلم يصل ومن يتقهقر ويتردد يبقى في الخلف دائماً .