المعاتبة تزيل صدأ البغض والكراهية من القلوب، وتزيد المحبّة والألفة، وتذهب نزغ الشّيطان ووساوسه، وتنقّي النّفوس وتطهّرها من ظنون الإثم، وتقوّي أواصر الودّ بين أبناء المجتمع. وإذا نظرت في القرآن الكريم رأيت كيف أن الله عز وجل قد عاتب بعض أنبيائه ورسله وبعض عباده الصالحين أصبر وأحسن الظنّ وتعامل بإحسان وعندما تتلقى ممّن حولك، أقلّ هفوة أو زلّة منهم تعيد كلّ ما فات، وتتحوّل من حليم لقاسٍ لا يرحم بكلمات قاسيه، ولا تبقي للودّ بعدها عودة عتاب يقسم الظّهر، يزرع الخيبة، يطفئ الرّوح، يظلم القلب أكثر ويُبتعد من حولك عنك فحاول تَرْك تلك العادة المُهلِكَة، المُنَغِّصة لحياتك وحذّر من حولك، قبل أن يسلك طريقا مظلما لا فائدة منه، بل كلّ من يسلكه يرجع منه وقلبه مغلّف بظلمة.لذا لا تُعاتب إلَّا من يستحقّ ولا تعاتب إلّا على شيءٍ يستحقّ. لاتجعل من العتاب منهجًا لك في الحياة، يسلبك إرادتكَ وتنصاع لأوامره.ف إدمان العتاب خيبة، وكثرته تسبب لقلبك ألمًا فوق ألمه، فحرّره من تلك العادة، استبدلها بتجاوزك لها، بصفحك، بتغاضيك، جرّب هذا ولن تندم مع الوقت ..
كذلك تعلّم غضّ الطرف سترتاح سريرتك، سيهدأ قلبك، كلّ شيءٍ سيمر، لن يؤلمك بعد ذلك خذلانهم، لن تشعر بتلك الوَخزَة التّي كادت أن تقتلك ،تذكُرها؟ تذكر كيف كنت وكمَ مرّة أحسست بها داخل قلبك؟ وكيف كانت تؤلمك ،من جرّبها يشعر .لذلك تغاضَى لتلتفت إلى حياتك، لطموحاتك ونجاحاتك، وفّر كلّ لحظة ندم وألم، وتستثمرها كي تقويك حتى لا تسلبك طاقتك، ولا تجهِدْ في البحث عن الأخطاء، وإن لم تبحث ولا تثبت لهم أنّك الأوفى. تغاض ولا تتعب نفسك بحديث فارغ وارحمُها وتجاههم. فمن أحسن فأحسن إليه، ومن أساء اعذره وإن لم تجد له عذرا غضّ طرفك عنه ولا تعاتبه، إلَّا لو كان هذا سيُرجِع لك ما مضى ويستحقّ فكثرة العتب تُورِث الكُرهَ والزّهد، وتضيع حقّك وتهدم كل ود وحب وعشرة بينكم ..
فكل ماعليك أن تعوّد نفسك طيلة حياتك أن تتعامل مع الغير بمبدأ المعاملة بالمثل، كن رجلا مع الرّجل وشهما مع الشّهم وأحِبّ من يُحبّك وقدّر من يُقدّرك وازهد فيمن يزهد فيك وخُذ سواترا لنفسك تحميهامن خذلانهم، هفواتهم وأطماعهم التي خذلوك لأجلها، وإن زاد الأمر فوق طاقتك ارحل عنهم بكرامتك، اهجر سبلهم وأختار لنفسك طريقا يقوّيك لايضعفك يبنيك لا يهدمك، ولا تعَود اليهم، اهتمِ بذاتك وبمن يستحقّ لا من يخذلك. اترك ما يُحزنك ولا تعلّق روحك بأشياء تستنزف ما بقي في حياتك من طاقة. فبتعد عن متابعتهم وعن ما يسلبك ثقتك بنفسك، وتنغص عليك لحظاتك الممتعه ، وعن مايشتّت افكارك ومهما انكسرت حاوِل أن تُعيد ترميم نفسك سريعًا حتّى لا تدمن الانطفاء ولا تستسلم لأحزانك، فقط سلِّمها لله سبحانه وتعالى والجأ لذكرك وقرآنك.ولا تُكثِر اللّوم عمّن هو مفارقك، (فتَسريحٌ بإحسانٍ ) تلك أعظمُ الشّيم، واعلم أنّ من يريد الخروج لا يُعجزهُ شيء ولا يرّدهُ عن عزمه ذكرى ولا فضل ما دام عقد العزم، فـاتركه ولا تكثِرْ فتثقِل الامور عليه وعليك ..
كما أنّ من يُحِبّك ليس بالضّرورة أن يتودّد إليك دومًا وعلى مقربةً منك، فأصدَق الحبّ هو ما توارى عنك ولازمك في الدّعوات والأعمال، وأنّ الظاهر لا يُغني عن الباطن فالأصل في الأمور والعلاقات بواطنها، فالكُل يُحسن التّصنع فقد يظهر لك عكس ما يُبطن.عوّد نفسك طيلة حياتك أن تتعامل مع الغير بمبدأ المعاملةبالمثل، كن رجلا مع الرّجل وشهما مع الشّهم وأحِبّ من يُحبّك وقدّر من يُقدّرك وازهد فيمن يزهد فيك، وبعد بروحك ونفسك عن كُلّ ما يَسلُبك طاقتك.لا تعاتب أحدًا، أتركُ النّاس على سجيّتهم. مَن أحسنٙ أحسنتُ إليه، ومَن أساء اعذره، وإن كرّرها ارحل عنه بكرامتك فلا تعمّق علاقتك مع الذّي يُدمن الكذب واجعلها سطحيّة قدر المستطاع ولا تتعامل معه إلّا إذا اضطررتَ لذلك، ولا تعشَم في أحدٍ لا يلتزم بوعده، ولا تأمن لعهدٍ منه وكن دائم حريص طيلة الوقت، فمن الممكن أن يبيعك ويُخلف عهده. ووعده واعلم أنّ من خذلك واستغنى فأنت عنه أغنى، أغنى بالله عزّ وجلّ، ففوّض أمورك إليه بتسليم تامّ، وتأكد أنّ الخيرة فيما يختاره الله، فلا يعلم الغيب إلّا هو ولا تسمح لأحد أن يعكّر صفو حياتك ويساهم في كسرك وتحطيمك، واجمع أنقاضك وابنِ بها جسرا لعالم مليء بالرّضا عن أفعال لله، استجمع قواك وانهض، فدور الضّحيّة لا يليق بك، فلا تُعاتب ..