يحتفي العالم سنوياً بذكرى اليومي العالمي للمعلمين بتاريخ 5 تشرين الأول/ أكتوبر والذي يوافق هذا العام يوم السبت ٥ اكتوبر ٢٠١٩م الموافق ٦ صفر ١٤٤١هـ، وذلك منذ عام منذ عام 1994م، إحياء لذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين.
وقد تضمنت هذه التوصية مؤشرات تتعلق بحقوق ومسؤوليات المعلمين، ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم.
ومنذ اعتماد اليونسكو لهدف التنمية المستدامة المعني بالتعليم، والإقرار بدور المعلّمين الرئيسي في تحقيق جدول أعمال التعليم لعام 2030، فقد أصبح اليوم العالمي للمعلمين فرصة للاحتفال بالإنجازات في مجال تحسين عمل المعلمين والنظر في طرق الكفيلة بمواجهة التحديات التي تواجههم، وذلك من أجل تعزيز مهنة التدريس.
وسوف يحتفي اليوم العالمي للمعلمين للعام 2019 بالمعلمين تحت شعار “المعلّمون الشباب: مستقبل مهنة التعليم”. حيث يمثّل هذا اليوم الفرصة للاحتفاء بمهنة التعليم في جميع أنحاء العالم، واستعراض الإنجازات التي أُحرزت في هذا المجال، ومناقشة بعض القضايا المحورية لجذب العقول النيّرة والمواهب الشابة إلى عالم التعليم.
ويعدُّ التعليم مِن أعظم المهامِّ والمِهَن على الإطلاق؛ للعديد مِن الأسباب التي لا تكاد تحصى ولا تُعَد، فهو حاجة مُلِحَّة للفرد وللمجتمع؛ به تهذب السلوكات، وتُضبَط الغرائز والشهوات، وتُنظَّم الحياة.
ويكفي أن أنوه ان الأنبياء كانوا معلمين للإنسانية جمعاء وعلى رأسهم أصحاب الديانات السماوية سيدنا موسى وعيسى ومحمد لا بل هم قادة المعلمين، وأن كبار المفكرين والمصلحين الاجتماعيين والرواد كانوا معلمين، ، سقراط كان معلما والفارابي والغزالي وبستالوتزي وفروبل وغيرهم. ومازالت الإنسانية حتى أيامنا مدينة بالشكر لهؤلاء المعلمين الذين خدموا الإنسانية أفضل ما تكون عليه الخدمة.
ولقد لعب المعلم عبر التاريخ دورا مهما في التربية والتعليم، وفي تراثنا العربي الإسلامي كان المعلم مؤدبا للطفل. وقد رأت المجتمعات الإنسانية في التعليم أنه رسالة سامية مقدسة، لأنه يتعامل مع الإنسان، الإنسان الطفل الذي هو بحاجة إلى من يرعاه ويساعده على النمو والنضج، ويأخذ بيده ليجتاز كل مرحلة من مراحل العمر اجتيازا طبيعيا إلى المراحل التالية خاليا من القصور والخلل وسوء التكيف، محافظا على توازن شخصيته وتكاملها.
ومن هنا كان المعلم صاحب رسالة، فإذا أحسن التعامل معها بنى جيلا واعيا قادرا على التفكير والبحث والاستقصاء وحسن التعامل مع الآخرين. وإذا أساء فهم هذه الرسالة، انعكست إساءته على الأجيال فتعثر أبناؤها، وتخلفوا في تحصيلهم، وأخفقوا في تكيفهم مع أنفسهم ومع الأسرة والمدرسة والبيئة، وأصبح بعضهم عالة على المجتمع وعبئا ثقيلا يخلف وراءه الأزمات والمشكلات والاحباطات والانحراف.
فسلامة الأجيال من سلامة المعلم بشكل عام، وكل الإصلاحات التربوية التي نفذت في بلد من العالم وآخر كان بيت القصيد فيها إصلاح واقع المعلم وتحسينه وتطويره ماديا وعلميا وثقافيا واجتماعيا.
ولم يعد التعليم اليوم رسالة فحسب بل غدا أيضا مهنة من المهن لها مهاراتها وكفاياتها كأية مهنة أخرى في المجتمع. وأصبح لزاما على المجتمعات الإنسانية أن تحسن اختيار المعلم، وأن ترتقي بأساليب إعداده قبل ممارسة العمل وتدريبه وتأهيله في أثناء ممارسة العمل، وينطلق الإعداد والتدريب والتأهيل من وجود مهارات يستوجب امتلاكها من قبل المعلم، حيث تعد البرامج والخطط لإعداده على بعض هذه المهارات أو أكثرها، ثم تأتي برامج التدريب والتأهيل لتستكمل المسيرة وتساعد على ترسيخ ما اكتسبه من مهارات وكفايات في أثناء مرحلة الإعداد، وعلى اكتساب المهارات التي فاته اكتسابها في تلك المرحلة ليتكامل البناء ويتحسن الأداء وتستوي الكفايات وتنضج.
وبهذه المناسبة نقول اليوم وكل يوم الشكر أجزله والتقدير أجله لكل معلم ومعلمه ، فللعلم شأن جلل، وفضل عظيم، ومكانة سامقة، فيحسن بالمعلمين أن يستحضروا هذا المعنى، ويضعوه نصب أعينهم وفي سويداء قلوبهم؛ فما يقدمونه في سبيل العلم يعلي ذكرهم، ويزكي علومهم، ويعود بالنفع عليهم وعلى أمتهم.
وفي ضوء شعار هذه العام : “المعلّمون الشباب: مستقبل مهنة التعليم” ندعو كافة الجهات المعنية لتقديم برامج وفعاليات تبرز دور المعلم في تحقيق رؤية 2030 ، وتحفز الشباب للدخول في هذه المهنة وإبراز الجهود التي من شأنها تحسين بيئة عملهم ورفع مستوى فعاليتهم وكفاءتهم في عمليات التعليم والتربية.
د. محمد العامري
مستشار تعليمي وتربوي