الأصل في حياة المسلم هو البحث على معالي الأمور و الابتعاد عن سفسافها فقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم بالنخلة لكثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمارها و عن القاع ارتفاعها، فالبحث عن المعالي في كل الأمور وأفضلها ما كان إلا درس ومنهاج نبوي فلا يتخلق المسلم إلا بأحسن الأخلاق و لا يتحدث إلا بأحلى الكلام ولا يتمسك إلا بأفضل المبادئ والخصال و لايطمح إلا لأفضل الأشياء
و في زمننا الحالي الذي شهد نقلة نوعية ومازال يشهد في كل ما يقدم لنا كمستمعين ومشاهدين سواء في برامج التواصل الاجتماعي أو برامج التلفاز والذي تختلف المنظومة الفكرية والأهداف لدى كل جهة فيما تقدمه للناس فاختلطت الأصوات في المذياع، وتغيرت الوجوه في التلفاز، واخلتفت ما خطته الأقلام، وأصبح ميدان تتعارك فيه الأفكار، فيظهر لنا ماهو مسموع ومرئي ومكتوب يجعل المتلقي في مواجهة كمية كبيرة و معلومات هائلة تجعله أمام ثلاث خيارات لا رابع لها إما الاتباع لأحد الأفكار، أو أن يرفضها، أو أن يبقى في حيرة الاختيار.
و لعل ما يعبر عن الحال الذي نحن فيه الآن قول الأديب مصطفى صادق الرفاعي :
كم ملأوا الجو بصيحاتهم
وطاولوا النجم بلا طائل
وسيروها صحفا بعضها
عن بعضها في شغل شاغل
تحتشد الأقلام فيها كما
يختلط الحابل بالنابل
فالبعض من الجهات الإعلامية، ومشاهير برامج التواصل الاجتماعي يهدف إلى الرقي والارتقاء بالمشاهد، والمستمع، واحترام ذائقته من تقديم برامج حوارية هادفة، ولقائات للشباب مثرية تجعل منه يعمل عقله ويوسع مداركه و ينفع نفسه ومن حوله ويكون ذا انتاجية، وفي الجهة الأخرى هناك من هدفه هو جمع المال و حجب العقل بغربال فما يقدمه من مشاهد هابطة وجدالات عقيمة وحماقات مستفزة تجعل من المشاهد منعدم الضمير، ومجهول المصير يفكر بعشوائية وتكبر لديه حس الانانية، أهدافه ذابلة و طموحاته متدنية.
لذلك أتوجه لكل أب، وأم، ازرعا في أبنائكما الأهداف السامية، والأخلاق الحسنة، والخصال الحميدة، وعززا لدية منظومة المبادئ، والقيم، وأخبروهما عن عظماء خلدهم التاريخ بإنجازاتهم، ومواقفهم البطولية، ونموا لديهم حس المنافسة، والتحدي، لنرتقي في المحتوى، ونبني مجمتع منتج مثقف يقود بلاده ويجعله في مصاف الدول، وفي عالي الجبال و بين القمم.