قدّم الأستاذ الدكتور أحمد حسن صبرة نموذجاً للعلاقة بين السرد والسينما من خلال فيلم زقاق المدق المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ في المسمى نفسه .
جاء ذلك في اللقاء الذي نظمه نادي مكة الثقافي الأدبي ضمن فعاليات جماعة فضاءات السرد مساء الاثنين 29/2/1441هـ وأداره الأستاذ إبراهيم المهدي .
في مقدمته شكر فارس اللقاء نادي مكة الثقافي الأدبي وسعادة رئيسه الأستاذ الدكتور حامد بن صالح الربيعي على اهتمامه بالأدب في مختلف فنونه مع إعطاء مساحة من الاهتمام لفن السرد وما فيه من مقومات وتجليات.
وبعد عرض جزء من فيلم زقاق المدق قدم الدكتور أحمد صبرة ورقة نقدية أشار في بدايتها إلى الوشائج التي تربط بين الرواية والفيلم بإعتماد كليهما على الحكاية والمتعة والرؤية في الحياة .
لكن في المقابل تبدو الفروق بينهما كبيرة فالمادة الأولية للرواية هي اللغة والمادة الأولية للفيلم هي الصورة والرواية منتج فردي بينما الفيلم منتج جمعي والإدراك في الرواية تعاقبي بينما الإدراك في الفيلم تعاقبي وتزامني .
وبناء على ذلك فإن هناك مشكلات فنية ونقدية شديدة الاتساع والتعقيد حين ننقل الرواية إلى فيلم فتحويل العمل الروائي إلى فيلم ليس قراراً بسيطاً وصاحب القرار هنا ليس واحداً بل ثلاثة هم المخرج وكاتب السيناريو والمنتج .
وأوضح الدكتور صبرة شواهد على رؤيته من خلال المقارنة بين الرواية والفيلم في زقاق المدق لينتهي إلى القول إن الفيلم يمكن تلخيصه في عبارة دراما السقوط الأخلاقي بينما زقاق المدق يمكن أن يكون عنوانها زقاق الشر.
وفي الإجابة عن السؤال المركزي ما الذي أخذ من الرواية وتحول إلى فيلم ؟
أجاب الدكتور : أحمد إن لزقاق المدق الرواية حياتها الخاصة وكذلك لزقاق المدق الفيلم.
فالقيمة المشتركة بين العملين ليست متطابقة.
لقد وضعت هذه القيمة في الرواية لأجل مقاصد معينة ووضعت في الفيلم لأجل مقاصد أخرى ومن ثم أصبحنا أمام عملين لا يجمعهما إلا تشابه عرضي وما أخذ من الرواية قليل وهذا القليل وضع في سياق آخر فأنتج تأثيرات مختلفة عن تأثيرات الرواية .
وتساءل الدكتور صبرة في نهاية محاضرته.
هل يجب على كاتب السيناريو أن يكون أميناً في نقل رؤية الرواية ؟
والإجابة كما يقول ليست بسيطة فهي تفترض أولاً للرواية رؤية واحدة يمكن لأي متلق واع أن يدركها ويفترض ثانياً أن كاتب السيناريو صاحب القرار الوحيد في عمله وكلتا الفرصتين تحتاج إلى نقاش طويل .
وشهد لقاء فضاءات السرد تعقيبات عدد من الحاضرين كان منهم الدكتور سعد حمدان الغامدي الذي اعترف بالرواية والفيلم كعملين إبداعيين بينما أشار الأستاذ سعيد مسعود إلى عدم التلاؤم في اللغة الحوارية بين المقول والقائل ورأى الأستاذ إبراهيم المهدي أن الصور المرئية في الفيلم تحدُّ من خيال قارئ الرواية .
ونوّه الدكتور أحمد سليم بهذا اللقاء الذي اتسم بأسلوب جديد لم يكن معهوداً في نادي مكة الثقافي الأدبي كما يقول .
وتناول الدكتور عبدالعزيز الطلحي في تعقيبه عدة جوانب حيث انتصر أولاً إلى المسموع والمقروء الذي يعد أكثر رسوخاً في الذهن من البصري لعلو مكانة اللغة .
وأشار إلى ما في موضوع اللقاء وورقة الدكتور صبرة من دراسات بينية بين الأدب والسينما هي أشبه بالتناص كما تسقط تفاصيل وتنبت تفاصيل جديدة .
ورأى أنه يمكن بناء أفلام من القصص القصيرة .