تعد مدينة جبه إحدى محافظات منطقة حائل، تبلغ مساحتها 12500 كيلو متر مربع، تقع محافظة جبه في وسط صحراء النفود الكبير عند خطي 5640 شرقا و228 شمالا في إتجاه الشمال الغربي لمدينة حائل وعلى بعد 103 كم منها،
كما أنها تقع على طريق القوافل القديم الرابط بين شرق البحر الأبيض المتوسط وهضبة نجد، وتعتبر من أهم المواقع الأثرية من حيث قدم نقوشها وواحدة من المواقع السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي باليونسكو منذ عام 2015م، والآن تعتبر مدينة عصرية تتوفر بها جميع الخدمات ويعتبر عدد سكانها 20000 نسمة وتشتهر بالزراعة لوفرة المياه بها.
جاء في معجم البلدان سبب تسمية جبة بهذا الاسم؛ فجبة بالضم ثم التشديد بلفظ الجبة التي تُلبس، والجبة في اللغة ما دخل فيه الريح من السنان، وذُكرت الجبة في شعر الطرماحبيت ما أجمل منها وإن أدبرتفرخ بجبة يقرو جميلاجاء في كتاب تاج العروس موضع الجبة في جبل طيئ في قول النمر بن تولبزينتك أركان العدو فأصبحتأجا وجبة من قرار ديارهاويأتي ذكر الجب بمعنى البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر، وأنشد الأعرابي قائلاًلا مال إلا إبل جماعةمشربها الجبة أو نعناعه
أهمية المدينة
ومحافظة جبة التابعة لمنطقة حائل من أهم المواقع الأثرية القديمة وأكبرها في المملكة العربية السعودية، حيث تشير الدراسات العلمية إلى أن أقدم مواطن الاستيطان المعروفة في المنطقة تقع في جبة، فقد كشف عن موقعين يعودان إلى العصر الحجري الأوسط، يقع الأول في جبل أم سلمان والثاني في الجهة الجنوبية الشرقية، أما الرسوم الصخرية فتحتوي جبة على مجموعة متنوعة من الرسومات الصخرية المميزة، فمنها ما يجسد مناظر حيوانية وبشرية ونباتية ورمزية، وكذلك يحتوي جبة ما يربو على 5431 نقشا عربيا شماليا قديما (ثمودي) جميعها تعكس موضوعات مهمة من تاريخ إنسان المنطقة، وجوانب من حياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية[8]، كما تُعد بلدة زراعية مليئة بحدائق النخيل والعنب والرمان التي تُسقى بواسطة المضخات المنتشرة، ولأهلها حياة اجتماعية؛ فكل فرد منهم يعتبر نفسه عضواً في أسرة كبيرة، ومجالس منازلهم مفتوحة لقرض الشعر النبطي.
جبة والمستشرقين
وصل المستشرق الفلندي جورج فالين إلى بلدة جبه سنة 1845 قادما من الجوف بعد رحلة شاقة استغرقت حوالي أربعة أيام على ظهور ابل هزيلة في حماية فتاة من أهل جبة، كانت برفقة زوجها الذي تقيم معه في الجوف وكانت وقتها حاملا في شهرها السادس استعان بهم الرحالة وبالفتاة بالذات بعد ما أعلن الدليلة الرسمي للرحلة انه من قبيلة أخرى وغير قادر على حمايته بقية الطريق، وصلوا جميعا بسلام بعد ما اتبع فالين قاعدة الصحراء التي نصحه بها سكان المنطقة لتفادي وعورة ومتاهات الصحراء: ضع النجم القطبي على عظم لوح الكتف اليسرى، ووجد البلدة الواقعة في أحضان صحراء النفود الكبير في سهل فسيح تربته حجرية صلبة يرتفع فوقها إلى الشمال الغربي جبل أم سلمان المشهور، وإلى الجنوب الشرقي تقع الغوطة، وتتألف من خمسة أسواق، والأسواق هنا مصطلح كان يطلقه بعض أهل الشمال على الأحياء ومنها الطريف والسلال والحمالة، كما وجد البيوت المبنية من مادة البناء الأولى بالصحراء اللبن، فسيحة جدا ورحبة، كما وجد تصميمها الهندسي مختلفا عن منازل الجوف لأنها تحاكي تصاميم واجهاتها مداخل المعابد المصرية القديمة وكل منزل له بستان يلاصقه وفي الغالب يحيط به، وهم يولون هذه البساتين عناية فائقة وينسقونها بشكل جميل حيث ألحق بكل بستان بئر للري يستقى منها بواسطة الجمال، وفوق الآبار بعض العرائش والموجودة أيضا على الممرات التي تعبرها الحيوانات وهي تسحب الدلاء، ووجد بلح النخيل أقل جودة منه في الجوف وتيماء، وإلى جانب التمور والفاكهة التي يعتني بها أهل جبة أشار إلى وجود شجرة الأثل القليلة في مناطق الشمال، ويستفاد من خشبها في العديد من الصناعات، كما تحدث عن جوانب أخرى عن هذه البلدة في كتابه رحلات فالين إلى جزيرة العرب قال عنها
وكذلك يوجد في جبة نحو مائة وسبعين بيتا جميعهم من قبيلة أرمال ( الرمال ) التي تعتبر من بطون شمر العريقة ومن أعظمها شأنا، وهؤلاء الجبيون يختلفون عن سكان المناطق التي مررت بها وكذلك تختلف ملامحهم عن ملامح السوريين حيث إن بشرتهم شاحبة وأجسامهم ضعيفة ، وفي بلدتهم أمراض عديدة تتفشى، وقد يكون هذا سببه ملوحة الماء والتمر غير الجيد الذي هو الغذاء الرئيسي للسكان هنا وفي أنحاء نجد جميعا، وعيش الجبيين هو عينة عيش البدو الرحل، فيما عدا أنهم يقيمون في مضارب ومنازل ثابتة، وأكثرهم يملكون قطعانا كبيرة من الإبل يوكلون العناية بها إلى إخوانهم البدو، أو يرسلونها مع رعاة منهم إلى الرعي في الجوار، ويساعدهم موقع البلدة وعدد رجالهم على درء هجمات الأعداء وعلى عدم وقوع أي نزاع بينهم وبين شيوخ البدو والرحل، بل أنهم يغزون بعض القبائل التي لا تدفع زكاة المال ولديها بعض المخالفات لتعاليم القرآن الكريم باسم الحرب المقدسة (يقصد الجهاد في سبيل الله) وبغرض إنهاكها وإرغامها أيضا على دفع الزكاة لشيخهم وموالاته
وأضاف المستشرق الفلندي جورج فالين في كتابه في وصف جبة:
قل أن يأتي إلى جبة باعة جوالون أو تجار عابرون كالذي نلقاهم في القرى على درب الحج وفي بلدان الصحراء الكبيرة، غير أني لقيت أثناء إقامتي في البلدة تاجرا من المدينة المنورة كان يتذمر من قلة العمل، والسكان يشترون ملابسهم ولوازمهم من حائل، ويشترون مؤنتهم القليلة من الأرز من العراق بواسطة حلفائهم من البدو، وهم يزرعون بأنفسهم القمح والذرة والشوفان وغالبا ما يفوق المحصول حاجتهم، ويأتي إلى هنا كثيرون من قبائل مختلفة، ولا سيما في موسم التمر، وفي أثناء إقامتي في جبة بلغ عدد خيام البدو الرحل في السهل وبين المنازل أكثر من مائة وخمسين خيمة، جلهم من الرولة وشمر وكان في العداد أيضا أفراد من عنزة وبشر والفقرا، ومن الشرارات وهوازم ربما يقصد (العوازم) وحشود الرحل لا تفارق جبة في جميع الفصول لأن في جوارها أخصب مراعي منطقة النفود، ولأنه المحلة الوحيدة التي فيها ماء بين هذه المراعي والشقيق، ان التقاليد القليلة التي ورثها أهل جبة عن أجدادهم وعن أصحاب أرضهم القدماء، هي التقاليد التي يعمل بها الشمريون .