ينظم فريق فكر للقراءة مناقشات عدة في ركنه الخاص (مقهى فكر) المشارك في معرض الكتاب بجامعة الملك فيصل ممثلا للبرنامج الثقافي بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء طوال أيام المعرض؛ وذلك تجسيدًا لرؤيته التي تنص على: “جسور ممتدة نحو الآخر “، ومواصلة لما يقدمه من فعاليات بالجمعية حيث ناقش الفريق رواية (ذاكرة الجسد) للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، بإدارة عضو لجنة الإعلام الأستاذة أريج الشيخ، في حلقة تضم عددًا من زوار المعرض من كلا الجنسين ، وقدمت الشيخ -بدايةً – نبذةً مختصرة عن الرواية، لتتيح لمن لم يقرأها أن يشارك في النقاش، ثم طرحت أسئلةً مختلفة تتعلق بالرواية ومضامينها، وأولى أسئلتها: تقول أحلام في بداية روايتها: “نحن لا نستطيع أن نكتب عن حياتنا إلا حينما نُشفى من ذاكرتنا، ونمر على جراحنا دون أن نتألم ” فما رأيكم؟
يرى محمد الجبران أن الأمر يختلف من شخص لآخر، فهناك أناس إذا تذكروا خبراتهم الأليمة السابقة تتجدد بداخلهم، وهناك من يتجاوزها بل قد تكون مرحةً ويستفيد منها.
وأبدى دكتور علم النفس خالد الشريف وجهة نظر علم النفس في ذلك، فمن يسترجع حدثًا ماضيًا لا بد أن يستعيد معه المشاعر التي انتابته آنذاك، وهذه المعاناة قد يتولد منها أدب مميز، فهناك كثير من الشعراء كتبوا أفضل قصائدهم في المنفى أو بعد تجربة انفصال. ويرى سلمان بوخمسين أن الآلام -وإن عفى عليها الزمن – تترسب في الشخصية وتشكل تراكمات قد لا يشعر بها صاحبها، فالذي من طبعه الصخب قد يكون أهدأ بعد مروره بصدمة ما، وكلما تقدم الزمن تتخمر الآلام في النفس أكثر، فعندما نسترجعها نعيشها بشعور أعمق وربما تفجر فينا الإبداع ، وهل نشعر بالمتعة إذا التقينا بأضدادنا؟ طرحت الشيخ هذا التساؤل على الحضور، فأبدى د. خالد الشريف رأيه قائلًا: من وجهة نظر الذكاء العاطفي، إذا كان الطرفان متضادان فسيكمل أحدهما الآخر، لكن إذا كانت مساحة الاختلاف بينهما أكبر من مساحة الاتفاق فسيكون ذلك مدعاةً للانفصال ، وتلا ذلك هذا التساؤل: هل الكتابة هي نشرة صحفية عن دواخلنا؟ يقول سلمان بوخمسين مجيبًا: إن كثيرًا من الأعمال الأدبية دُرست من الجانب النفسي للتعرف إلى خصائص الأديب الشخصية، فالمتنبي مثلًا استُنتج من خلال الدراسات أن لديه نرجسية.
واختتمت الشيخ تساؤلاتها بهذا التساؤل: كيف نتعايش مع الألم؟
أشار د. خالد الشريف بأن النسيان من نعم الله على الإنسان. وقال آخر إن الأمل وسيلة ناجحة لتخطي الأمل. ويرى عبدالله اليوسف أن تقبل الألم هو الحل ، واختتم الحوار بين الحضور بحميمية معتادة ألفتها حلقات فكر الحوارية التي نقلتها إلى أروقة معرض الكتاب مؤكدة أن الكتاب والقارئ معادلة لا تكتمل دون ما تتم ممارسته من مدارسة وحوار ، وهذا ما تمارسه جمعية الثقافة والفنون بالأحساء من خلال البرنامج الثقافي وفريق فكر القراءة المبدع بأعضائه وضيوفه .