أبى طيف الحرف التقليدية والفنون الشعبية بكمِّه ونوعه إلا أن يلوي عنق منظمة اليونسكو للأحساء وتسجلها ضمن شبكة المدن المبدعة في العالم حيث يشهد العالم أكبر موجةٍ من النمو الحضري في التاريخ مع تدفق الملايين من الناس إلى المدن التي تحقق معدلات نموٍ سريعٍ في العالم النامي ما يضع هذه المدن تحت دائرة الضوء بشكلٍ لم يحدث من قبل فالتصنيف الذي وضعته هيئة الأمم المتحدة يثير الفضول نحو معرفة المزيد عن هذه المدن وسكانها وما الذي يجعل مدينةً فريدةً من نوعها وما يجعل منها مكاناً ملائماً للعيش ووفقاً لتصنيف هيئة الأمم المتحدة فإن الأحساء هي أكثر مدن العالم إبداعاً مؤكدةً أن حوالي 54 % من سكان العالم يعيشون حالياً في المناطق الحضرية التي من المتوقع أن ترتفع إلى 66 % بحلول عام 2050م.
والاحساء موعودة بكثيرٍ من مشاريع الخير الجاذبة للاستثمارات والموفرة لفرص العمل ولاسيما في المجال السياحي والصناعي والتجاري والزراعي والعديد من الشركات بدأت تتوافد عليها للاستثمار فيها فهي بما حباها الله من مزايا نسبيةٍ محرك اقتصادي كبير للمملكة وركيزة من ركائز النهضة الاقتصادية خاصةً أنها تُعَد أحد أهم مراكز الطاقة الرئيسية في مجال النفط والغاز على مستوى العالم.
وشهدت الأحساء في الفترة الأخيرة استقطاب عدداً من رجال الأعمال من مختلف أنحاء المملكة ودول الخليج للاستثمار فيها ورجال الأعمال يلعبون دوراً كبيراً في التنمية من خلال الاستثمار أو المسئولية الاجتماعية لا سيما أن الأحساء منطقة واعدة وغنية بالفرص الاستثمارية في شتى المجالات الصناعية والسياحية والزراعية والتجارية وغيرها وتتميز بمزايا ومقوماتٍ اقتصاديةٍ عديدة مثل الأيدي العاملة الوفيرة والموقع الجغرافي المميز وربطها بشبكة طرقٍ حديثةٍ مع مناطق المملكة.
وقد قامت أمانة الأحساء بإعداد دراساتٍ لاستكشاف آفاق التنمية المستقبلية وسبل تطويرها وخلصت إلى أن تطوير قطاع السياحة يمثل أهم البدائل الممكنة لتعزيز قاعدةٍ اقتصاديةٍ واعدة تعمل على توليد فرص عملٍ لسكان الاحساء من جهةٍ ودفع عجلة التنمية المحلية من جهةٍ أخرى وتؤكد أمانة الأحساء للمستثمرين أنها ستعمل على تذليل أية عوائق يمكن أن تبرز ضمن سياق أعمال الإستثمار سواءً التي تدخل ضمن اختصاصها أو غيرها وتعد بوضع كل التسهيلات الممكنة في ظل لائحة الإستثمار التي حملت في طياتها العديد من السياسات المرنة والمشجعة وستكون سنداً وضماناً يمكن التعويل عليه من قبل المستثمرين الذين يرغبون في العمل في الأحساء.
وقد تبنت استراتيجيات وخطط التنمية الخمسية المتعاقبة في المملكة أهدافاً وبرامج وسياساتٍ تستهدف إحداث تنميةٍ شاملةٍ لتحقيق النمو المتوازن بين مناطق المملكة حسب الميزات النسبية لكل منطقة وتعد الأحساء من المناطق الرئيسية في إنتاج المحاصيل الزراعية وساعد على ذلك توفر المياه والأراضي الخصبة الصالحة للزراعة والبيئة المناسبة لانتاج الكثير من المنتجات النباتية والحيوانية وبالرغم من التطور الصناعي والنمو الحضري ظلت الأحساء بقراها الكثيرة واحدةً من المناطق الرئيسية ذات الإمكانات الزراعية والإنتاجية الجيدة وتحقق هذا بفضل الاستشارات الحكومية في المشاريع الزراعية وتقديم المعونات والتحسن في البنية التحتية وأهمها الطرق مما سهل وجود أسواقٍ جديدةٍ للمنتجات الزراعية.
وتشتهر الأحساء منذ القدم بزراعة النخيل وانتاج التمور إذ كانت سلة التمور لمناطق المملكة آنذاك وظلت حتى وقتنا الحاضر تشتهر بأصنافٍ ممتازةٍ من التمور مما اكسبها طابعاً زراعياً مميزاً لتصبح من أهم الواحات الزراعية في بلادنا.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن زراعة الأرض في الأحساء بدأت منذ آلاف السنين معتمدةً على مياه الري المتدفقة طبيعياً من العيون والمنتشرة في الواحة وتعد الأحساء من أقدم المناطق الزراعية المروية في المملكة وقد أدى هذا الوضع إلى الاستقرار وارتباط الإنسان في الأحساء بالأرض.
وعرفت الأحساء كواحةٍ زراعيةٍ ذات انتاجٍ عظيمٍ وثراءٍ واسعٍ عبر مئات السنين وكانت تمثل قاعدة الاستقرار الإقتصادي لسكان شرق ووسط الجزيرة العربية إلا أن هذا الواقع قد تغير وتبدل فلم تعد الزراعة تشكل المحور الرئيسي لاقتصادها وذلك لأسبابٍ قد لا تخفى على الكثير ورغم وجود بعض المشاكل التي تعترض القطاع الزراعي حالياً مثل شح المياه ووجود بعض الآفات الزراعية والحشرات والمشاكل التسويقية لبعض المنتجات إلا أن هذا لا يجب أن يقف عائقاً في طريق تطوير هذا القطاع الحيوي والمحافظة عليه والاستثمار فيه فالأحساء تغطي مساحةً شاسعةً من مساحة المملكة وتتميز بميزةٍ نسبيةٍ من حيث الموقع حيث تعد اقرب المناطق لدول مجلس التعاون الخليجي وتقع بها الحدود مع قطر والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ومن أهم محاصيلها الزراعية النخيل التي يقدر عدد أصنافها بالعشرات ويقدر إنتاجها بنحو 78725طناً في السنة وتأتي في المرتبة الثالثة من حيث الإنتاج بعد القصيم والمدينة المنورة ويوجد فيها 5 مصانع للتمور تبلغ طاقتها الإنتاجية 22875 طناً بنسبة 65% من نواتج التصنيع بمصانع التمور في المملكة وبذلك تحتل المركز الأول في هذه الجانب وأهم المشاكل التي تواجه إنتاج التمور مشكلة التسويق.
وبجانب النخيل اشتهرت الاحساء بزراعة الأرز الحساوي الذي مازال الطلب عليه عالياً رغم ارتفاع سعره الذي يصل إلى أضعاف أسعار الأنواع المستوردة كما تشتهر بزراعة العديد من الفواكه والخضروات فائقة الجودة الى جانب البرسيم الذي يزرع فيها منذ قديم الزمن وأثبتت الدراسات العلمية تفوقه على العديد من الأصناف المستوردة من حيث الإنتاج ونسبة البروتين في مادته الجافة إلا أن أسعار بذوره المرتفعة حدت من التوسع في زراعته.
وفيما يتعلق بقطاع الألبان فإن إنتاج الاحساء يأتي في المرتبة الثانية بعد الرياض حيث قدر إنتاج الاحساء بنحو 26 الف طن أي ما نسبته 18% من إنتاج المملكة علماً بأنه يوجد في الاحساء 3 مشاريع تضم 18500بقرةٍ حلوب.
أما بالنسبة لقطاع الدواجن فقد حققت المملكة مستوياتٍ عاليةً من الإنتاج حيث بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من الدجاج اللاحم أكثر من 70% وبيض المائدة نسبته 104% ويتم تصدير الفائض من البيض للدول المجاورة وشكل إنتاج الدجاج اللاحم في الاحساء حوالي 4,6% من إنتاج المملكة حيث قدر بنحو 21 مليون طائر من إجمالي إنتاج المملكة البالغ 459 مليون طائر ويبلغ عدد مشاريع الدجاج اللاحم في الاحساء 45 مشروعاً منها 33 يستخدم النظام المفتوح والبقية تستخدم النظام المغلق أما بالنسبة للدجاج البياض فقد بينت الإحصائيات انه يوجد في الاحساء 20 مشروعاً منها 3 مشاريع بالنظام المغلق و17 بالنظام المفتوح قدر إنتاجها بنحو 198 مليون بيضةٍ من إجمالي الإنتاج في المملكة البالغ 2485 مليون بيضة علماً بأن اثنين من المشاريع المغلقة بلغ إنتاجهما 50% من إجمالي إنتاج الاحساء مما يدل على جدوى المشاريع المغلقة للدجاج اللاحم والبياض تحت الظروف المناخية والبيئية في الاحساء.
سفير السلام
عضو هيئة الصحفيين السعوديين
شاعر وكاتب ومؤلف