تمرُّ المجتمعاتُ العربيَّـةُ والاسلاميةُ ببعضِ المتغيراتِ التي تتطلّـبُها مراحلُ جديدةٌ منْ حياةٍ أصبحَـتْ تميلُ إلى الآليَّـةِ في التَّـعاملِ والنِّدِّيَّـة في فرضِ الرَّأيِ . وقطباهذهِ المرحلةِ هما الرَّجلُ والمرأةُ بكلِّ ما يحملانَهُ منْ موروثٍ دينيٍّ وبيئيٍّ عدا أنَّ وسائلَ الاتصالِ كانَ لها أثرٌ كبيرٌ في تشكيلِ الأُسرةِ العربيَّةِالحديثةِ ..
فبالرغمِ منْ أنَّ الموضوعَ قريبٌ للخيالِ وكالأفلامِ السِّينمائيَّةِ ، أنْ تقتلَ زوجةٌ زوجها بسببِ مداعبتِهِ لها وانتقادهِ على الحلوياتِ الّتي أعدَّتها له ،فهذهِ من أشنعِ عمليَّاتِ العنفِ، إنَّما منَ المؤكَّدِ بأنَّ هذهِ الزوجةَ كانَ قدْ فاضَ بها منْ تصرفاتِ زوجِها السَّابقةِ أوْ أنَّها مصابةٌ بمرضٍ نفسيٍّأوصلها إلى تلكَ الحالةِ الهستيريَّـةِ منَ الجنونِ والّتي أودَتْ بها إلى ارتكابِ جريمةِ القتلِ.
و كلُّ ذلكَ يعودُ بلا أدنى شكٍّ إلى التَّربيةِ، ولا نقصدُ تربيةَ المنزلِ فحسبْ ، إنّما المدرسةُ أيضاً...
وعلى ما يبدو أنَّ العنفَ داخلَ الأسرةِ باتَ سمةً منْ سماتِ المجتمعاتِ ، والغريبُ أنَّـهُ تجاوزَ الرِّجالَ ، وامتدَّ بغلظتِهِ ورعونتهِ إلى الجنسِاللّطيفِ ، لتتحولَ الزوجةُ أحياناً إلى كائنٍ متوحشٍ يعتدي بالضربِ والشّتيمةِ والإهانةِ على شريكِ العمرِ، وقدْ يتطورُ الأمرُ أحياناً إلى القتلِ ،وهنا تكمنُ الخطورةُ !
وفي هذا السّياقِ، ومنَ الجديرِ بالذّكرِ أنَّ العنفَ لمْ يعدْ مقتصراً على الرّجال فحسبْ ! ولكنَّهُ يقعُ على الطرفينِ . إلَّا أنَّ الحمايةَ
تبدأُ بالإجراءاتِ الّتي يجبْ أنْ تتبنَّاها الدولُ في هذا لتتماشى معَ ما هوَ مطبَّقٌ في المجتمعاتِ المتقدّمةِ، ويمكنُ أنْ يشارَ في هذا الشَّأنِ إلىتطبيقِ دولةٍ لمفهومِ خدمةِ المجتمعِ كعقوبةٍ يخضعُ لها المخالفونَ والقائمونَ ببعضِ ممارساتِ العنفِ الأسريِّ ، ولاسيما التي لمْ تصلْ إلى حدِّالضَّررِ الجسديِّ . ويشملُ هذا الأسلوبُ إلزامَ المخالفِ بحضورِ جلساتِ توعيةٍ وتأهيلٍ وبرامجَ علاجٍ نفسيٍّ وتربويٍّ ، أو إخضاعِهِ لفترةِ مراقبةٍقانونيَّـةٍ لرصدِ أيِّ سلوكياتٍ عنيفةٍ قدْ يرتكبها، ولرصدِ مدى التزامِهِ بالأخلاقيَّـاتِ السَّويَّـةِ ، أو تنفيذِ أعمالٍ تطوعيَّةٍ في مؤسساتٍ اجتماعيَّةٍ ،وهذا أسلوبٌ ناجعٌ في ردعِ مرتكبي تلكَ المخالفاتِ في الدّولِ المتقدِّمةِ . وعلى الدولِ أنْ تعلِّـمَ أبناءها التعليمَ الأسريَّ والمعاملةَ والتّربيةَ منذُالطّفولةِ في البيوتِ وفي المدارسِ...
ولنكنْ متفائلينَ قليلاً لنقولَ أنَّ حجمَ العنفِ الأسريِّ النّسويّ، لم يصلْ حدَّ الظَّاهرةِ المقلقةِ. إذْ ربما نسمعُ عنْ حوادثَ هنا وهناكَ وهي َ تُعدُّحالاتٌ فردية ٌ لا نستطيعُ تعميمَ حدوثِها بشكلٍ كبيرٍ. ولهذهِ المحدوديَّةِ في شبهِ الظَّاهرةِ أسبابٌ عدّةٌ وأهمها الوازعُ الدّينيُّ والتّربويُّ والبيئيُّ. وإذا قارنا حدوثَ مثلِ هذهِ الحوادثِ منَ العنفِ الأسريِّ في مجتمعاتٍ غربيّةٍ لرأينا أنفسَنا أنّنا ما زلْنا بخيرٍ . إذْ إنَّ العنفَ والتّفكّكَ الأسريَّفي الولاياتِ المتّحدةِ بالذّاتِ قدْ بلغَ درجاتٍ غيرَ مسبوقةٍ منَ الجنسينِ ، وتشهدُ محاكمُ الولاياتِ المتّحدةِ أكبرَ نسبةِ طلاقٍ او انفصالٍ في العالمِنتيجةَ تدهورِ القيمِ في المجتمعِ فليسَ هناكَ شيءٌ اسمُهُ" العيبُ" أو" الخجلُ" حتّى وقِـسْ على هذا بقيةَ المجتمعاتِ الغربيّةِ؛ فالدّينُ الإسلاميُّممثلاً بالقرآنِ والأحاديثِ الشّريفةِ أفردوا للأسرةِ حيّزاً تربويّاً كبيراً، وتعاليمَ تحثُّ على المحبَّةِ وكراهيةِ الطَّـلاقِ ،أوْ الانفصالِ والأمثالُ على هذاكثيرةٌ جداً ولنا في العظيماتِ منْ نساءِ النّبيِّ أسوة ٌ يجب الاحتذاءَ بها .وهذهِ المحدوديّةُ هيَ شبهُ الظاهرةِ ، كما أنَّ التشريعاتِ المتبعةَ تحاولُالحدَّ والتَّدخلَ لإنقاذِ الأسرةِ منْ موضوعِ العنفِ . وبالتالي التَّفككِ المؤدّي إلى العنفِ. وهناك أمرٌ علينا الاعترافُ بهِ وهوَ العنفُ الذي لا يتمُّالتبليغُ عنْهُ من الجانبينِ. وأكرِّرُ حتّى هذا لا يشكِّلُ ظاهرةً مقلقةً في ظلِّ حمايةِ الدولةِ للأسرةِ في إطارها الكامل ِ ......
فاطمئنّوا أيُّها الرّجالُ ؛ فنحنُ دائماً نتطلّعُ إلى الأسرةِ المتحابَّةِ والمتساويةِ ، لا إلى أسرةٍ تحملُ السّاطورَ !!!