جائحة الزمان ، ومزلزلة الأركان (كورونا) ذلك المرض الذي فرض سيطرته على كافة أنحاءالعالم ؛ليثبت أنه عصف قادم لايبقي ولايذر،وسطوٌ جاثم لا يأتي إلا بالضرر، وشكل عائم سرعان ما انتشر، وداء قاتم لادواء له إلا ماندر..
لقد تفشّت أزمة كورونا لتكون نقطة تحوّل للجميع أفراد وجماعات ،وأمم وحضارات ، واقتصاد وثقافات لتعيد تشكيل الواقع بإحداث الرؤية بالموازنة.
فالأمة الإسلامية هرعت إلى الله بالتوبة من الذنوب ،وذلك بالنظر للوباء بأنه ابتلاء يتسبب بالعناء، وقد ينجلي إما بالفناء والصبر على القضاء ،أو بحصول الدواء من كريم العطاء ، وانكشاف الوباء من رب الأرض والسماء..
والأمم الأخرى بحثت عنه في الهواء ،فلم تعثر عليه في الأرض ولا في السماء وبدأت تضعف مقوماتها تجاهه ، وتتزلزل أركانها ، ويتحطم جبروتها ، ويسقط ملكها أمام احترام أبلغ الأديان حينما صدح الآذان في أرجاءها ،وعجزت عن احتواء مرض أصابها،وتوفير الأمان لشعبها ، فعجزت وهوى توازن اقتصادها.
فالذي ننتظره مستقبلاً من أزمة كورونا التي أصابت الإنسان في أعماقه؛ بأنها ستترك أثراً في تحول عمقنا الحيوي والمادي؛ بأن يتم تصحيح الهفوات ، وتقويم كل ماعاج بنا من سيئات ، وهام بأنفسنا من حيادٍ عن الحق ، وذلك بتطهير النفوس والإقبال على الله وخشيته وتقواه.وكذلك التضامن الإنساني باحتواء الاقتصاد المحلي ، وتشجيع القائمين عليه ، ونبذ التعصب والفشل والفساد،ليبقَ خير البلاد في ازدياد، وكذلك التلاحم الوطني بنبذ التطرف والانشقاق لتجمعنا وحدة الصف والاعتقاد، وعدم الحياد عن أمن البلاد بعدم الاستجابة والانقياد.
ومن دواعي سرور تداعيات الموقف الحديث عن دور المملكة كقلب العالم الإسلامي ،التي رسمت خريطة الأمان ، وأمسكت بشارة القيادة نحو رعاية وسلامة الإنسان ،فلم تترك إجراءً احترازياً إلاَّ اتخذته حماية لكينونة الإنسان والمحافظة على سلامته ؛استناداً لقوله تعالى:{ ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً } ،فحاولت تقصّي منابع فيروس كورونا بالتوعية وإيقاف الاجتماعات، والتوقف عن أداء الصلوات جماعةً في المساجد،وأداء العمرة ، وزيارة المسجد النبوي ،وتعليق التعليم ، وتعليق العمل في كافة القطاعات الحكومية والخاصة، من أجل إيقاف امتداد تداعيات الجائحة وتجفيف منابعها، ومن أجل تظليل الإنسان بالعيش سليماً في كنف الأمان، والمحافظة على المجتمع دون إصابات أو تهلكات.ثم بدأت المملكة بدورها الإنساني من لدن قائدها الملك سلمان وتوصيات ولي عهده محمد بن سلمان بالاهتمام بصحة الإنسان ورعايته ثم التحدث عن عظم أثر الجائحة ،وأنه لابدّ من التكاتف بالقضاء عليها ؛من خلال التضامن الوطني فكلنا مسؤول عمَّا إليه سنؤول.وعلى الرغم من مؤثرات الجائحة الاقتصادية حيث هوت باقتصاد واستهلاك الدول المتقدمة ،إلاّ أن المملكة أثبتت بأنها الأولى عالمياً في ثقة المستهلك ؛ بالمحافظة على الاقتصاد المحلي والمدّخرات الغذائية والطبية لحماية البشرية.
كما أن المملكة لاتألوا جهداً بالاهتمام بالمصابين والمشتبهين بذلك الفيروس بتوفير كافة المستلزمات الطبية والحيوية والإيوائية ؛فتمّ حظر التجول على شعب المملكة حمايةً لأرواحهم وحتى يسهل احتواء المصابين .فلنكن يداً تندى ويداً تدعي ليدٍترعى و يدٍتحمي ؛ لأبطال الصحة وأبطال الأمن لتظافر الجهود أملاً في تحقيق النجاح المعقود بإذن ربنا المعبود .
ثم بعد ذلك بمساهمة المملكة بدعم منظمة الصحة العالمية بعشرة ملايين دولار ،لمكافحة فيروس كورونا دعماً لخدمة القضايا الإنسانية.
ثم عقد قمة العشرين الطارئة لتسخير الإمكانات لتوفير الرعاية الوقائية ؛ بإيجاد الحلول للقضاء على فيروس كورونا، والبحث عن الحلول للأمراض المعدية مستقبلاً بضخّ الأموال لذلك ، ولمساعدة الدول المتوسطة الدخول فسلامتها سلامةً للجميع ، وكذلك المحافظة على موازنة الاقتصاد العالمي ، وأخيراً دعمه للمصابين بالعلاج بالمجان للمواطنين والمقيمين في جميع المراكز الطبية الحكومية والخاصة بما يضمن سلامة الجميع .
هنا نقف عاجزين عن الشكر لملكٍ احتضن شعبه بحسن القيادة ، وحكمة الريادة بتذليل الظروف الصعبة وإحداث الموازنة بالمحافظة على الاقتصاد،وارتقاء المملكة الأولى عالمياً في قمة الاستهلاك العالمي،وبثّ روح التفاؤل بقوة الإيمان في التصدي للأزمة بإحسان الظن برب العباد والتوكل عليه في انفراج الغمّة عن الأمّة، وما ذلك إلاَّ للحكمة الإلهية في قيادة الملك سلمان لمملكة الإنسانية ، وتوفيقه في قيادة دفّة الأزمات في وقتِ الملمَّات.